قبل أيام من تطبيق قانون المرور الجديد الذي صوت عليه مجلس النواب، ظهرت مؤخراً مشكلات كبيرة وملامح "فساد اداري" في عمل المرور تمثلت بقضية "تداخل ارقام السيارات"، من خلال وجود عدد كبير من السيارات المسجلة بطريقة غير شرعية ودون علم أصحابها الحاليين، بحسب أقوال عدد منهم.
وقضية تداخل ارقام السيارات تتلخص بوجود سيارتين او اكثر مسجلة بصورة مزورة على رقم سيارة "مسقطة" واحدة، وحدث هذا الامر من خلال مجموعة من الضباط المتنفذين، بحسب مصدر في المديرية رفض الكشف عن اسمه.
ويوضح المصدر أن "بيانات هذه السيارات المزورة يتم كشفها عند عمليات البيع والشراء بعد ادخال بياناتها في الحاسبة المركزية للمرور، اذ يتم ادخال رقم (الشاصي) للسيارة الحديثة والسيارة التي تم تسقيطها لها"، مبينا انه "في السابق كان يتم ادخال رقم (الشاصي) للسيارة الحديثة فقط، مما ادى الى عدم كشفها خلال عمليات البيع والشراء".
مصدر آخر في مديرية المرور تتحفظ السومرية نيوز على ذكر اسمه، كشف عن وجود نحو 8000 سيارة مسجلة بأوراق غير اصولية، ومالكيها لا يعلمون بهذا الموضوع الا عند ادخال بياناتها في الحاسبة المركزية في المرور العامة.
ويبين المصدر ذاته، ان "اغلب قضايا تداخل الارقام بين السيارات حدثت في اللوحات المرورية التي تحمل حرف (م) قبل عدة اعوام، وتم كشفها خلال الاشهر القليلة الماضية".
وبما ان المراجعات واجراء المعاملات المتعلقة بحرف (م) تتم في مديرية المرور بمنطقة الغزالية، توجهت السومرية نيوز الى الموقع للقاء عدد من المواطنين الذين ظهرت لديهم حالات تداخل ارقام.
وقال احد المواطنين ويدعى محمد البياتي خلال حديثه لـ السومرية نيوز، إنه "قبل ثلاث سنوات قمت بشراء سيارة موديل 2014 وقمت بتحويل ملكيتها باسمي وفق اجراءات اصولية وسلسة في مرور التاجيات، ولكن تفاجأت كثيرا عندما اردت تحويل ملكيتها بعد ان بعتها قبل اسبوع، اذ اخبرني ضابط الحاسبة بأن السيارة فيها تداخل ارقام مع سيارة اخرى ويجب التحقق منها".
واضاف البياتي، أنه "بعد ذلك بدأت الاجراءات تزداد تعقيدا، اذ تم احالة السيارة الى لجنة الاستئناف في المديرية العامة للمرور بعد ان طلبوا الاضابير الاصلية للسيارتين، ومن ثم تقرر اللجنة ايهما هي الاصولية"، مؤكدا ان "هذه الاجراءات استمرت اكثر من شهرين في مراجعة مرور الغزالية والمرور العامة".
وتساءل البياتي، "هل من المنصف ان ادخل في هذه الدوامة والحرب النفسية رغم براءتي من عمليات التزوير ودون ملاحقة من قام بهذه العملية؟"، مشيرا الى ان "الجميع يعلم ان المزور هو ضابط متنفذ او اكثر في المديرية ولهم اذرع كثيرة تساعدهم".
ويبدو ان تداعيات قضية تداخل الارقام داخل مديرية مرور الغزالية وصلت الى شجار بالايدي بين مجموعة من المدنيين، وعندما استفسر مراسل السومرية نيوز المتواجد هناك عن الحادثة، تبين ان حاسبة المرور اخبرتهم ان 10 سيارات حديثة مسجلة باوراق مزورة على شهادة ايداع سيارة (مسقطة) واحدة، وتبين ايضا ان اسباب الشجار هو مطالبة المشتري بارجاع السيارة على البائع، مما اثار حفيظة الاخير الذي القى باللوم على المالك الذي قبله.. وهكذا.
مواطن آخر يدعى جاسم البديري بدا ناقما من مديرية المرور بقوله، إن "المديرية هي من تتحمل هذه القضية ذات التبعات الاجتماعية الخطيرة التي قد تصل الى القتل و(الفصل العشائري) كون السيارات التي ظهرت فيها تداخل ارقام، هي مسجلة اصوليا في مديرية المرور ولا يهمنا من تلاعب باوراقها، كوننا راجعنا حينها مؤسسات رسمية وبتت بصحة اوراق السيارات وعلى اساسها حولت ملكيتها بأسامينا".
واضاف البديري، "انا ومجموعة من المتضررين من هذه القضية سنقوم برفع دعاوى قضائية بحق مديرية المرور العامة، لانها سجلت سيارات وحولت ملكيتها لنا وتبين الان انها سيارات مسجلة باوراق مزورة"، مشيرا الى انه "خلال ايام مراجعتي لدوائر المرور رأيت مشاكل كثيرة وصلت الى الشجار والسباب حدثت بين البائعين والمشترين لهذه السيارات، رغم انهم لا ذنب لهم سوى انهم يعيشون في بلد اصبح فيه الفساد مستشرٍ بصورة كبيرة ولا يمكن تفاديه".
وبحسب ضباط المرور، فإن السيارة التي يثبت ان اوراقها مزورة، تحال الى لجنة الاستئناف في مديرية المرور العامة ومن ثم تقوم باتخاذ قرار وبعدئذ ترسل اوراقها الى المحكمة من اجل فصل السيارة الاصولية عن المزورة، وبعدها يتم ترقيمها من خلال ارقام "المشروع الوطني" او تسقيط سيارة قديمة لها، بفترة زمنية طويلة جدا واجراءات معقدة قد تتطلب تكليف محامٍ.
وبهذا الصدد ناشد المواطن سلام الخفاجي، مديرية المرور، عبر السومرية نيوز، بـ"استثناء هذه السيارات من دفع رسوم لوحات المشروع الوطني وتسهيل اجراءات اعادة ترقيمها، كون المواطن ضحية لعملية تزوير لم يكن طرفا بها، بل ان المديرية تتحمل المسؤولية بشكل كبير عن حدوث هكذا عمليات".
واضاف الخفاجي، أن "تطبيق القانون امر ضروري، ولكن ان يتم تطبيقه مع اثارة مشاكل جمة، فهذا امر عليه الكثير من علامات الاستفهام، لان القانون وجد لمعاقبة المسيء والفاسد وليس معاقبة البريء".
من جانب آخر، كشف صاحب مكتب عقود مرورية مجازة من قبل وزارة الداخلية عن معلومات قال انه "متأكد منها" وتفيد بتورط معارض بيع سيارات "مشهورة" مع ضباط كبار في مديرية المرور بقضية "تداخل الارقام".
ويضيف ان "مهمة الضباط الفاسدين كانت تسجيل عدد من السيارات الحديثة على سيارة قديمة مسقطة واحدة"، لافتا الى ان "هذه العملية كانت تدر عليهم اموالا طائلة، باعتبار ان لوحات السيارة المسقطة كان يصل سعرها لاربعة آلاف دولار قبل ثلاث سنوات او اكثر".
https://telegram.me/buratha