التقارير

ماذا يجري في هونغ كونغ احتجاجات المظلة او "ربيع بكين"...!؟  


محمد صادق الحسيني

 

 

ان الحرب الاقتصاديه التي يشنها الرئيس الاميركي ، ضد جمهورية الصين الشعبيه ، حالياً ليست الا حلقة من حلقات الحرب المستمره التي تشنها الولايات المتحدة ضد هذه الدوله العظمى ، التي ترفض الخضوع لإملاءات الامبريالية الاميركية ، ومنذ ايّام ثورة الشعب الصيني العظيم في أربعينيات القرن الماضي .

ولَم يكن فرار تشين كاي تشيك ، زعيم الانفصاليين الصينيين ( الكومانتانغ ) ، من البر الصيني الى جزيرة فرموزا ( تايوان ) بمساعدة جيوش الولايات المتحدة في اليابان والمحيط الهادئ سنة ١٩٤٩ ، الا احدى حلقات هذه الحرب والتي تبعتها حرب فيتنام ، على الحدود الصينيه ، والتي كان من بين أهدافها محاصرة الصين بعد ان فشل الاحتلال الفرنسي لفيتنام في تأمين ذلك الحصار ، اثر هزيمة فرنسا المنكره ، على يد الجنرال الفيتنامي جياب ، في معركة ديان بيان فو في سنة ١٩٥٤ ، وانسحاب فرنسا من فيتنام ، بعد تقسيمها وتنصيب نظام عميل للإمبريالية فيها ، قام في ما بعد بطلب تدخل الولايات المتحدة لحمايته من ثوار الفيتكونغ ، المدعومين من حكومة الثوره في هانوي ، فيتنام الشماليه .

كما واصلت الولايات المتحدة مؤامراتها ودسائسها ، ضد جمهورية الصين الشعبيه ، حتى بعد هزيمتها المذلة في حرب فيتنام وانسحاب قواتها من هناك سنة ١٩٧٥ ، بعد تحرير الجنوب وتوحيد البلاد .

واصلت واشنطن سياستها تلك من خلال الدسائس السياسيه والامنيه ، رغم الاعتراف الدبلوماسي المتبادل وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين الدولتين ، اعتباراً من ١/١/١٩٧٩ ، وذلك من خلال افساد العلاقه بين جمهورية الصين الشعبيه والاتحاد السوفييتي وبين الصين وجيرانها ، مثل فيتنام والهند والفلبين وغيرها من الدول ، بهدف عزل الصين عن محيطها وتعزيز محاصرتها إقليمياً ودولياً

وقد وصلت التدخلات الاميركية بشكل خاص ، والغربية بشكل عام ، في شؤون الصين الداخليه ، في ربيع سنة ١٩٨٩ ، عندما أطلقت الولايات المتحدة واجهزة الاستخبارات الغربية الاخرى العنان لعملائها في الصين لتنظيم تحركات شعبية واسعة ، مستغلة بعض الظروف المحليه ، معادية للحكومه ومطالبة بتغيير النظام .

بدأت هذه الحركه الفوضوية في أواسط نيسان ١٩٨٩ وتواصلت لأسابيع ، دون قيام السلطات الصينيه المسؤوله باتخاذ اجراءات قاسية ، ضد منظميها والمشاركين فيها ، على الرغم من امتلاك الاجهزه المختصه في الحكومة الصينية كافة الادله والقرائن على تدخل الولايات المتحدة في إشعال هذه الفوضى .

لكن تجاوز المحتجين الكثير من الخطوط الحمر وبدء تشكُل مخاطر جمة ، على المصالح القوميه الصينيه ، اضطر الحكومه الصينيه الى اتخاذ الاجراءات الامنيه الضروريه لإعادة النظام والهدوء الى مجراهما الطبيعي . وهو ما حدث بالفعل ، خلال الايام الاخيره من شهر أيار ١٩٨٩ والأيام الاولى من شهر حزيران ١٩٨٩ ، حيث انتهت اعمال الفوضى والتخريب واعادت قوات فرض النظام الهدوء والتطبيع لحياة المواطنين اليومية .

واصلت الصين تطورها الاقتصادي السريع ، الامر الذي ادى الى توسع نفوذها السياسي والعسكري ، في اسيا وفِي العالم اجمع ، مما جعل الولايات المتحدة ترفع من وتيرة سياساتها العدوانيه تجاه الصين . واعتمدت في ذلك ، هذه المره ، على سياسة تجفيف عروق الاقتصاد الصيني وذلك من خلال :

حرمان الصين من مصادر الطاقة ، الضرورية لتطوير اقتصادها وتعزيز دورها السياسي والعسكري ، وذلك عبر السيطرة المباشرة على البلدان التي تصدر الطاقه للصين ، اَي البلدان العربيه من جهة وتخريب العلاقات الروسيه الصينيه من جهة اخرى لحرمان الصين من المصادر الروسيه للطاقة أيضاً .

وكانت الأداة التي استخدمتها الادارة الاميركيه هذه المره هي ما اطلق عليه اسم "الربيع العربي " اَي حالة فوضى عارمه تولت تنفيذها مجاميع ارهابيه ، مثل داعش والنصرة وغيرها ، الولايات المتحده واذنابها في المنطقه .

ولكن فشل هذه المحاولة ، بعد هزيمة المشاريع الارهابيه الاميركيه في كل من سورية والعراق واليمن ولبنان وغيرها ، دفع الادارة الاميركيه للعودة الى التدخل المباشر ، في شؤون جمهورية الصين الشعبيه ، فقامت بنقل فلول قيادات وعناصر داعش والنصرة

المهزومين في سورية والعراق ، وبطائرات الجيش الاميركي العسكرية ، من ميادين الهزيمة الى حدود الصين الشماليه الغربيه ، في افغانستان وغيرها من دول آسيا الوسطى .

وإمعاناً منها في التدخل السافر ، والاعتداء المباشر على سيادة الدوله الصينيه على كامل أراضيها ، سواءً في البر الصيني ام في البحار الصينيه ، ومحاولة الحاق الضرر بالدولة الوطنية الصينيه ومصالح الشعب الصيني القوميه ، قامت الولايات المتحده ، وكالعادة عبر عملائها المحليين باختلاق أزمة في جزيرة هونغ كونغ الصينيه متسترة بموضوع يتعلق بالمناهج التعليمية في تلك الجزيره .

وقد كانت الأداة هذه المره تلميذاً اسمه يشواع وونغ ( Yeshua Wong ) ، من مواليد ١٣/١٠/١٩٩٦ في جزيرة هونغ كونغ ، والذي دأبت المخابرات المركزيه الاميركيه على تحريكه وتأهيله وتكليفه بمهمات محددة منذ ان كان عمره ١٥ عاماً ، وذلك عبر منظمة انشأت خصيصاً لهذا الامر واطلق عليها اسم : احتجاجات المظلة ( Umbrella Protests ) ، في سنة ٢٠١٤ .

ومنذ ذلك الحين بدأت الدوائر الاستخباريه الاميركيه والغربيه بحملة تسويق لهذا الفتى على الصعيد الدولي ولأساليب متعددة .

حيث قامت صحيفة وول ستريت جورنال بنشر تحقيق موسع عنه ، بتاريخ ٢٥/٩/٢٠١٤ ، تحت عنوان : وسائل إعلام بكين تتهم القائد الطلابي ( وونغ ) بعلاقات مع الولايات المتحده . اما صحيفة الغارديان البريطانيه فقد نشرت على صفحتها الاولى ، بتاريخ ١/١٠/٢٠١٤ موضوعاً عنه ، تحت عنوان : المراهق واجهة الاحتجاجات الشعبيه في هونغ كونغ .

في الوقت الذي كان مدير مؤسسة ناشيونال إندومينت للديموقراطية ( National Endowment for Democracy ) الاميركيه قد امتدح هذا الفتى ، في وسائل الاعلام الاميركيه ، سنة ٢٠١٢ معتبراً إياه وتنظيمه المسمى سكولاريزم ( Scholarism ) مثالاً للمواطن المفترض . علماً ان الجهات الحكوميه الصينيه المختصه قد وجدا مبلغ مليون واربعمائة وخمسين الف دولار هونغ كونغية

١٧٠،٠٠٠ يورو ) في حساب المنظمه عندما تم حلها سنة٢٠١٦ .

فمن أين حصلت المنظمه على هذه المبالغ ؟ اذا لم يكن من ممولين امريكيين وأوروبيين

، يواصل هذا الفتى مقابلتهم وإجراء اتصالات مكثفة معهم ، وبرعاية رسمية من القنصل السياسي الاميركي ، في قنصلية واشنطن في هونغ كونغ ، السيدة جولي إِيادِه (Julie Eadeh ) ، التي التقطت لها الصور برفقته . وكذلك السيناتور الاميركي ، ماركو روبيو ، الذي استقبله عدة مرات في واشنطن ، الى جانب عدد من البرلمانيين ووزراء الخارجيه الاوروبيين

، مثل وزير الخارجيه الألماني

، هايكو ماس . ثم عقد يوم ٢٣ /٩/٢٠١٩ لقاء مع برلمانيين ألمان ، من حزبي الخضر والديموقراطي الليبرالي وبعد ذلك غادر الى الولايات المتحده للقاء السيناتور روبيو .

اذن نحن في مواجهة خطة تحرك سياسي امني ، اميركيه أوروبيه ، ضد جمهورية الصين الشعبيه يجري العمل على تنفيذها  انطلاقاً من جزيرة هونغ كونغ ، جنوب الصين ، بعد ان فشلت محاولاتهم في إشعال فتنة طائفية بين الإيغور المسلمين وبقية الطوائف غير المسلمه ، مثل الايغور ( ذوي الجذور التركيه ) الذين يقطنون اقليم كسين جيانغ Xinjiang ، الذي تبلغ مساحته مليوناً وستمائة وستة وستين الف كيلو متر مربع ( تساوي مساحة مصر والسودان معاً ) .

علماً ان هذا الاقليم كان يشكل صلة الوصل ، بين الصين وغرب آسيا ، ابان العصر الذهبي لطريق الحرير قديماً . الامر الذي يعني ان المحاولات الاميركية الاوروبيه الحاليّه ، للسيطرة على هذا الاقليم هي احدى حلقات الحرب التجاريه ، وبالتالي السياسيه العسكريه ، ضد الصين ومشروع" طريق واحد حزام واحد " الذي هو كناية عن طريق حرير عصريه .

وعليه فان ما يجري في هونغ كونغ ليس احتجاجات شعبيه ، وانما مشروعاً عدوانياً استعمارياً أمريكياً أوروبياً ، يستهدف سيادة الصين ووحدة أراضيها ومستقبل شعبها ومصالحه القومية العليا .

هذه هي حقيقة الامبريالية الامريكية

هذا هو الشيطان الاكبر

احذروا لعبة تغيير العقيدة الوطنية ، اللعبة التي تتقنها الامبريالية الامريكية وتنفذها في كل بلداننا بصيغ تبدو جذابة لكنها محشوة  بالسم..!

بعدنا طيبين قولوا الله

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك