◾محمّد صادق الهاشميّ
(أوّلاً). إنّ (أمريكا) مصدومة من توحّد موقف المجاهدين في قرارهم بإخراج القواعد الأمريكيّة، خصوصا أنّ هذا الموقف تمّت صياغته بموقف قانونيّ عبر البرلمان، ومن هنا تريد أمريكا أنْ تجعل هذا الموقف البرلمانيّ منطلقا لها لخلق فجوات بين الشّيعة والمكونين السنّي والكرديّ، وإلى الآن لم تنل شيئا سوى التّصريحات من قادة الكرد التي لا تنفعُ شيئاً، ولا تدفع أمام الإصرار الحكوميّ والسّياسيّ والبرلمانيّ.
(ثانياً).إنّ أمريكا مصدومة من قرار السيّد مقتدى الصّدر في انزال الجماهير إلى الشّارع، ورفع مستوى المعنويات للشّعب العراقيّ ضدّ الاحتلال الأمريكيّ.
(ثالثاً).إنّ أمريكا كلّفت وزير الخارجية القطري، ثمّ وزير الخارجية الأردنيّ لحمل القرار العراقيّ على اللّين والتّراخي، إلّا أنّها لم تجد من السيّد (عادل عبد المهدي) والمقاومة والجهات البرلمانية التي أصدرت القرار إلّا القوّة والثّبات على القرار, وأنّ يوم الجمعة القادم لمن يريد الحقيقة في هزيمة أمريكا في العراق قريب.
(رابعا). إنّ أمريكا فقدت كلّ الطّرق للتّأثير على القرار العراقيّ بإخراج القوّات الأمريكيّة، فحاولت الضّغط من خلال البعض من السنّة والكُرد؛ لتوصيف القرار بأنّه قرارٌ شيعيّ، إلّا أنّ هذا لا يؤثّر في دستورية القرار, وفي جدّية التّطبيق، وقد حال بين أمريكا وبين العراق ما فعله ترامب من سفك الدّماء في شوارع العاصمة بغداد ، وضرب الحشد الشّعبي، واغتيال القيادات وتجريم الآخرين ومطاردة الباقين، وتحريك عملائها لضرب الأمن والاستقرار, ممّا جعل الأمريكان يشعرون أنّهم خسروا الشّعب العراقيّ، وهم في وضع لا يمكن معه العودة إلى نقاط التّفاهم وهذا من أعظم ما أنتجته الدّماء الزّاكيات للشهداء .
(خامساً). إنّ مسعود البرزاني اليوم يتحدّثُ بخبثٍ؛ انتصاراً لأمريكا: بأنّ إيران هي من تحرّكهم، وأنّ هذا القرار ليس بصالح العراق، بل هو قرارٌ يصبّ في صالح إيران، ونفث من الخبث أكثر, فقال: إنّي تمكّنت من إقناع السيّد (عادل عبد المهدي) بأنْ يكيّف وجود القوّات الأمريكيّة، لا أنْ يرحّلها، وأنّ داعش على الأبواب ما لم نستعن بأمريكا. وقال: إنّه تلقّي دعوةً من أمريكا لزيارتها قريبا لبحث هذا الأمر.
كما إنّ رئيس جمهورية العراق (برهم صالح) يلبّي المصالح الأمريكيّة في العراق لشلّ العملية السياسيّة، ومنع تكليف أيّ شخصٍ لرئاسة الوزراء، وبنفس الوقت أوكلت أمريكا لمسعود دوراً؛ ليمثّل الخارجية العراقية.
وكلا الرّجلين ( صالح ومسعود) يتبادلان الأدوار لخدمة أمريكا، وقريبا منهم البعضُ من السنّة، أي أنّ أمريكا بعد اليوم وربّما منذ 10 / 1/ 2020 م أفرغت القرار الشّيعي من محتواه، وأسندته إلى الكُرد والسنّة، أعني «برهم اللّاصالح، ومسعور البرزانيّ، والتعيس من آل حلبوس»، ووسّعت من غرف القرار في الخليج وأربيل، فالقرارُ الشّيعي يقترب حسب المساعي الأمريكيّة أنْ يكون مُصَادَرَاً ما لم تكن هناك جهودٌ لاستعادته من خلال رئيس وزراء حازمٍ.
(سادساً). إنّ الدّراسات تؤكّدُ أنّ الأمريكان فقدوا أموراً كثيرةً: (منها). عدم وجود عمق شعبي ثوري، بل الموجود عصابات مأجورة، بينما أمريكا كانت تريدها ثورة شعبية، وقد تحدّثت التقارير الأمريكيّة عن الإخفاقات الكثيرة.
(سابعا). إنّ الأمريكان قد فشلوا في كسب نخب مهمّة وذات تأثير علميّ واجتماعيّ وسياسيّ قادرة على قيادة التحرّك وإدامته، بل الموجود مجموعة شباب متهوّرة لا يمكن الاعتماد عليهم، وهم يمارسون أعمالهم مقابل أموال، ولا يؤمنون بثورةٍ ولا نضال، ولا يوجد لهم عمق شعبيّ، والغالب منهم يمتازُ بالعنف والتطرّف ممّا جعل الشّعب متذمّرٌ منهم .
(ثامناً). إنّ الأمريكان قد فشلوا في القيام بأعمال ثورية بصورة مقنعة للشّعب العراقيّ، بل مارسَوا أعمالاً سببت رفض الشّعب لهم، وقدّمت بذلك خدمةً للحكومة والأحزاب، في ضرورة مواجهة هؤلاء؛ كونهم مصدرا للإخلال بالأمن، وشلّ حركة الحياة، وسبباً لتضرر مصالح العموم من القطّاع الخاصّ، بل تأكّد للأمريكان أنّ المزيد من العنف يمكن أن يوجد تمرّداً شعبيّاً أكبر ضدّ القوّات الأمريكيّة خصوصا بعد مواقف العشائر ضدّ الجوكرية الأمريكيّة.
(تاسعاً). لقد فقدت الحركة الأمريكيّة في العراق إمكانية شقّ الصّف الشّيعيّ الشّعبيّ والسّياسيّ، خصوصا بعد موقف السيّد مقتدى الصّدر في قيادة التّظاهرات ضدّ أمريكا, بل حتّى في الجانب السياسيّ، فإنّ هناك مساعيَ أكثر جدية لتعيين رئيس الوزراء.
(عاشراً). الأعداد الموجودة في التظاهرات قليلة، وفاشلة، وبالمقارنة بين حركة التّظاهرات قبل شهرين إلى اليوم نجد أنّ هناك فارقاً كبيراً، بفاصل بيانيّ قد يصل إلى 90٪عن السّابق، مع كثرة الإنفاق الماليّ الأمريكيّ، خصوصا أنّ هذه البقايا من الجوكرية انحسرت، وعلى رأس المنحسرين أصحاب المهن، أمثال سائقي التكتك، وأيضا حصلت بينهم خلافاتٌ عميقةٌ وصلت إلى حدّ القتال .
(الحادي عشر). إنّ المتظاهرين قد اصطدموا مع المقدّسات، والرّموز الدّينية، وبسبب هذا الخطاب الصّادم لمشاعر الأمّة من خلال الهجوم على المرجعية الدّينية والحشد الشّعبي، ففقدوا الكثير، وبانت صورتهم بأنّهم قومٌ شاذّون أخلاقيّاً .
(الثاني عشر). كلّ يوم يظهر انشقاق في صفوفهم ممّا أدّى إلى تقليص العدد، وتناقص القوّة. والجدير بالذكر أنّ المصادر الخاصّة تؤكّد وجود خلاف بين بعض التشكيلات الصّدرية عن القيادة بسبب تمرّدهم عن قيادة التيّار وتلقيهم أوامر من التيّار المدنيّ مقابل الأموال، خصوصا أنّ أفواج منع الدّوام هي خليط صدريّ ومدنيّ جوكريّ، ولكنّ القيادة مدنية بعثية جوكرية محلية.
(الثّالث عشر). إنّ نزول الحركات الشّيعية المنحرفة (صرخي ويماني ) إلى الميدان بممارسات انتقامية حتّى على المقدّسات والمواكب أثار غضب الرّأي العامّ الشّيعيّ.
(الرّابع عشر). تعرّض أغلب رجال الجوكر للاغتيال والقتل من مصدرٍ مجهولٍ، وهذا أضعف قدراتهم، وَحَدَّ من قوّتهم بمستوى كبير.
(الخامس عشر). تعارضهم مع جميع الأحزاب الشّيعية والحكومة، وأخيراً مع النّجف الأشرف والمرجعية العليا، وقطاعات اجتماعية أخرى، جعلهم عديمي التّأثير، خصوصا بعد استعمالهم العنف.
(السّادس عشر) . استعمالهم العنف ضدّ القوّات الأمنية أفقدهم التأييد من الأجهزة الأمنية.
(السّابع عشر). دفاع القنوات المعادية عنهم مثل العربية والحرّة جعلهم محسوبين على عدوٍّ مذهبيّ عميقٍ، وصنّفهم في خانة العملاء، وقلّص التّأييد الشّعبيّ لهم.
(الثّامن عشر). الجريمة الأمريكيّة بقتل الحاج سليمانيّ وأبي مهدي المهندس عمّق الغضب العراقيّ ضدّهم، وأنهى قناعة الجماهير بهم, خصوصاً بعد مشاركة أبناء المراجع والعتبات في النجف وكربلاء في استقبال وتشييع الجثامين، هذا الحشد أوجد ردّة فعل ضدّ الجوكر الذي يتصلّ بفهم العراقيين باغتيال الشّهيدين خصوصا مع رفض الجوكر في النّاصرية لدخول الشهيد المهندس.
(التّاسع عشر). عدم وجود قيادة واضحة وأكاديمية ومهنية تختصّ بالتّوجيه.
(العشرون). عدم وجود موقف يوحّد الجموع الجوكرية، فكلّ مجموعة لها برنامج وبيانات ومطالب ومرشّحين يختلفون به عن المجاميع الأخرى في المحافظات المختلفة، وربّما حتّى داخل المحافظة الواحدة.
(الحادي والعشرون). ممارساتهم المرفوضة شعبياً كغلق المدارس وقطع الجسور والطّرق ومهاجمة الجامعات عمّقت عزلتهم، ووصمتهم بعار الجهل ، ووسّعت الرّفض الشّعبي لهم.
(الثّاني والعشرون). بيانات المرجعية الدّينية التي فصلت بين السّلم والعنف أسقطت الجوكر .
◾
بهذا يمكن القول ان المؤامرة الأمريكيّة فشلت في كسب الرّأي العامّ الشّيعيّ وتحريكه ضدّ الحكومة، وما زال عمل هذه المجاميع يراوح مكانه وفي طريقه إلى الزّوال.
كتب في 19 / 1 / 2020 م .
https://telegram.me/buratha