د . جواد الهنداوي*
مصدر هذه المعلومات هو التقرير الذي نشرته مؤسسة رند الأمريكية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية ، والمعنون " نهج تركيا القومي " . و تُعدْ تقارير المؤسسة ، حسب البعض ، انعكاساً للسياسة الخارجية الأمريكية ، ( نراه تقييم مبالغ به ) . وكتبَ أيضاً عن الموضوع الكاتب ايغور سوبوتين ، في صحيفة " نيزا فيسيميا غازيتا " ، وحسبَ الكاتب سبّبَ المقال نقاش حاد في الأوساط التركية بين مُحذر من صحة المعلومات و مُكذّب لصحتها . ( راي اليوم ، الإلكترونية ،بتاريخ ٢٠٢٠/٢/٢٤ ) .
تعيش المؤسسة العسكرية التركية ، حالة من الانفصال مع تأريخها القريب الذي تميّز بخاصيتيّن ، فقتدهما تحت زعامة الرئيس اوردغان : الخاصية الأولى هو هيمنتها ( ايّ هيمنة المؤسسة العسكرية ) على الدولة و حمايتها لها وللأمن القومي ، والخاصية الثانية ولاءها للعلمانية والاتاتوركية و دفاعها عنهما . تجد المؤسسة العسكرية التركية اليوم حالها اداة لتوسّع عسكري تركي خارج حدود تركيا و المنطقة ، و اداة لتصدير الحركة الإخوانية و إشباع الرغبات والنزعات العقائدية للقائد اوردغان . فمن الطبيعي ، والحاله هذه ، ان يسود نوع من الاستياء و التوتر لدى بعض القادة والضباط العسكرين ، وخاصة بعد مقتل أفراد من الجيش التركي سوى في معارك أدلب او في معارك ليبيا .، وخاصة عندما يشعرُ هولاء الضباط والجنود بانهم يقاتلون خارج حدودهم ويتعرضون لقصف المقاتلات الروسية والمدافع السورية ، ويسندون جماعات مسلحة ،مُصنفّة أممياً بانها جماعات ارهابية .
اما الشق الثاني من المعلومات و عن إمكانية محاولة انقلابية ثانية ، فهي ، وردت ، وحسبما نرى ، لتحذير القيادة التركية والرئيس اوردغان شخصياً من إغفال او إهمال قبضته على المؤسسة العسكرية و بهذا الوقت ، و لإظهار متابعة و حرص مووسسات و مراكز البحوث الأمريكية الاستراتيجية ، والتي يهمها ويعنيها المصالح الاستراتيجية الأمريكية على توجهّات تركيا في الوقت الحاضر ، والتي تتوافق مع التوجهات الأمريكية وتنال تأييدها ، و تتماشى مع سياسة الناتو ، وتتخاصم مع المحور الآخر ( الروسي و الإيراني ) .
التقرير الذي نشرته موسسة راند هو بمثابة معلومات استخباراتية ، تّمَ تمريرها عبر المؤسسة المذكورة كتحليل و كأستشراف . ولكن لماذا لم يتم تمرير المعلومات و التقرير عبر الأجهزة المختصة ، و من قبل الدوائر الأمريكية المختصة ؟
سببيّن لذلك : السبب الأول هو حرص الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية على عدم جعل الرئيس اوردغان على دراية و معرفة بطريقة عمل هذه الأجهزة مع عناصرها في تركيا و ربما في الجيش التركي ، و لانعدام الثقة الكافية بينهما ،ايّ بين الرئيس اوردغان و الرئيس ترامب ، والسبب الثاني ربما يعود الى مدى مصداقية هذه المعلومات ، ولغرض تجنب ان يكون مصدرها الأجهزة الحكومية الاستخباراتية الأمريكية ،تمّ تمريرها عبر موسسة رند الأمريكية للدراسات والتحليل .
*سفير سابق /رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات / بروكسل .
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha