التقارير

باي باي أمريكا!.. سنفتقدك

3853 2020-03-14

كتب المحلل السياسيألكسندر نازاروف تحليلا غاية في الاهمية حيث تحدث فيه ان امريكا ستكون مثل زيمبابوي خلال سنة او سنتين مؤكدا انه سيكون نهاية مشروع العولمة الامريكي 

وقال نازاروف في بداية مقالته 

سوف يتسبب الانهيار التاريخي في أسواق الأسهم العالمية في التعجيل بنهاية مشروع العولمة الأمريكي، وفي غضون عام أو عامين سيصبح التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية مثل زيمبابوي.

فلنبدأ أولا بقليل من الإحصائيات:

ضربت الكارثة التي وقعت يوم الأربعاء، 12 مارس الجاري، في سوق الأسهم أوروبا أكثر من أي مكان آخر، فكان سقوط المؤشرات الأوروبية عامة، وكذلك في أسواق كل من فرنسا وبريطانيا وبلجيكا والنمسا وهولندا الأكبر في التاريخ! بالنسبة لألمانيا، كان ذلك اليوم هو الأسوأ منذ أكثر من 30 عاما، منذ يوم "الاثنين الأسود"، 19 أكتوبر عام 1987.

لقد انخفضت البورصات الأوروبية على مدى 4 أيام من الأسبوع الجاري بنسب تتراوح ما بين 20-23%، وهو وضع أسوأ بكثير مما كان عليه الوضع عام 2008. وعلى مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، خسرت البورصات في ألمانيا وفرنسا 33%، في المملكة المتحدة 30%، الولايات المتحدة 26%، اليابان 28%، بمعنى أن الأسابيع الثلاثة الماضية شهدت تدمير نمو الأسهم الذي حدث على مدار 4-10 سنوات.

مؤشر مرعب آخر: على خلفية الانهيار، وعد البنك المركزي الأمريكي بضخ 1.5 تريليون دولار خلال يومي الخميس والجمعة، وهو ما علّق عملية الانهيار لمدة نصف ساعة فقط، ثم عاود انهيار البورصات الأمريكية تسارعه إلى 10%. وفي يوم الجمعة وصلت هذه الأموال إلى البنوك، وشهدت مؤشرات الأسواق نموا طفيفا.

تأملوا! لقد طبع الاحتياطي الفدرالي الأمريكي زهاء 1.5 تريليون دولار بكبسة زر في يومين، وهو ما يعادل ضعفي حجم الدولارات المتداولة في الاقتصاد العالمي قبل أزمة عام 2008. وحتى يوم الخميس الماضي، كان حجم الدولارات المتداولة في العالم هو 4.2 تريليون دولار.

لكن هذا ليس كل شيء!!! فوفقا للاحتياطي الفدرالي الأمريكي، يمكن أن يصل إجمالي المبلغ المطبوع، بحلول نهاية الشهر إلى 4 تريليونات دولار !!! أي أن عدد الدولارات المتداولة في العالم، خلال 3 أسابيع، قد  يتضاعف تقريبا دون زيادة مقابلة في حجم السلع. على العكس من ذلك ينهار الاقتصاد العالمي، ويصبح التضخم المفرط في الولايات المتحدة الأمريكية بذات المستوى في زيمبابوي وفنزويلا، وهو ما أصبح فعليا مسألة وقت.

فما الذي دفع البنك المركزي الأمريكي إلى اتخاذ مثل هذه الإجراءات الانتحارية؟ ولماذا كان الانهيار في سوق الأسهم فظيعا جدا إلى هذا الحد؟

إن الخطر الرئيسي ظل كما كان الوضع في عام 2008، وهو أن العالم يعيش في الديون. وكضمان للقروض، كانت ولا زالت تستخدم بعض الأصول، والتي غالبا ما تكون هي الأسهم. وعندما يبدأ هذا الانخفاض الحاد في البورصات، يلجأ الدائنون إلى المدينين طلبا إما لزيادة الضمان بشكل عاجل، أو لإعلان الإفلاس، وبعد ذلك تصبح تلك الضمانات ملكا للبنوك. لا يحتاج البنك لهذه الأسهم والعقارات وغيرها من الأصول، لذلك فهو يبيعها، فيزداد اختلال التوازن بين العرض والطلب، ثم الانخفاض اللاحق في الأسعار، حتى يبدأ رد الفعل المتسلسل للإفلاس وتصفية الأصول. تلك هي آلية "الاثنين" و"الخميس" وغيرهما من الأيام السوداء.

وما يوضح الحجم الحقيقي للكارثة هو انخفاض قيمة "الملاذات/الأصول الآمنة" الذهب والفضة بنسبة 3% في هذه الأيام. حتى الذهب انخفض، على خلفية الذعر العالمي المهول، بينما يبحث الجميع عن ملاذات آمنة!!! أي أن المدينين باعوا كل ما لديهم، بما في ذلك الذهب وآخر ما يستر أجسادهم لسداد الديون. والآن تعاني كل البنوك والشركات حول العالم من نقص حاد في الأموال، ومن المفارقات أن الدولارات تحديدا هي ما يعاني الجميع من نقصها، لأن جميع القروض بالدولار.

سوف تكون الخطوة التالية في انهيار النظام المالي هي فقدان الثقة، حينما يتوقف المرء عن الثقة في وضع شريكه التجاري، وما إذا كان سيفلس غدا أم لا. ثم تتوقف البنوك عن إقراض المصانع، وإقراض بعضها البعض، لأنها غير واثقة في أي أحد أو أي مؤسسة، وهو ما سيوقف حرفيا أي نشاط اقتصادي، فينهار النظام المالي.

موجة كهذه كادت أن تدفن الاقتصاد العالمي عام 2008، لكن الاحتياطي الفدرالي خلق تريليونات الدولارات من العدم، ليغرق بها السوق العالمية بالكامل، بحيث لم يعد لدى البنوك فرصة للإفلاس، وبالتالي أجّلت عملية الانهيار مؤقتا. بعد أزمة عام 2008 ارتفع عدد الدولارات المتداولة في العالم لعدة سنوات من 0.8 تريليون دولار قبل الأزمة إلى 4.5 تريليون دولار. الآن، وفي غضون أسبوعين ونصف الأسبوع، يمكن أن يزداد هذا الرقم بمقدار 4 تريليونات أخرى !!!! ولا تنسوا أن البنوك المركزية الأوروبية والإنجليزية واليابانية قد فعلت الأمر نفسه.

يمكن لأحدهم أن يقول: وماذا هنالك، طبعوا 4 تريليونات عقب اندلاع أزمة 2008، ولم يكن هناك تضخم مفرط، وسيطبعون 4 تريليونات الآن، البورصات تنمو...

الحقيقة هي أن الأسعار تعني التوازن بين كمية المال وكمية البضائع. فإذا قمت بطباعة ضعف كمية الأموال "من الهواء"، فلابد أن ترتفع الأسعار. وإذا قمت بطباعة المزيد من الأموال، فلابد أن يحدث تضخم مفرط كما حدث في زيمبابوي. هذا هو قانون الاقتصاد، وقانون الحفاظ على الطاقة في علم الفيزياء أيضا.

ولكن، لماذا لا يوجد تضخم في نظام الدولار بعد؟

يوجد هذا التضخم، لكنه في قطاعات منفصلة، وليس في السلع الاستهلاكية لسببين:

الأول، هو أن تريليونات الدولارات واليورو والين التي تمت طباعتها عقب الأزمة السابقة أدت إلى تضخم فقط في القطاعات التي لم يتم فيها تلبية الطلبات. بمعنى، أن الغرب يتميز عموما بارتفاع مستوى المعيشة، وقد وصل الأمريكيون والأوروبيون إلى حد التشبع في استهلاك السلع اليومية. أي أن الأمريكي سوف يأكل نفس عدد شطائر الهامبورغر ويشرب نفس عدد أكواب اللبن التي سوف يشربها بالراتب الحالي، حتى لو أعطيناه ألف دولار إضافية، لأنه يأكل الحد الأقصى، وليس بإمكانه أن يستهلك أكثر. يعني ذلك أن 4 تريليونات دولار إضافية لا يمكن أن تجعل الأمريكيين يرغبون في شراء 4 تريليونات شطيرة هامبورغر إضافية، لأنهم يستهلكون فعليا الحد الأقصى من الهامبورغر. أي أن الطلب الإضافي على السلع الاستهلاكية الأساسية لا يزداد بضخ تريليونات جديدة. لكنه يزداد في مجالات أخرى لا يتم فيها تلبية الطلب، مثل التعليم والصحة والإسكان وسوق الأوراق المالية، وهي القطاعات التي نلمس فيها ارتفاعا في أسعار كل شيء، بل وتضاعفت تلك الأسعار في السنوات الأخيرة. هذا بالتحديد هو الفرق بين الولايات المتحدة الأمريكية وزيمبابوي، فالطلب على الهامبورغر سينمو 100 مرة، إذا ما منحت الفرد في زيمبابوي 100 دولار إضافية، وسيكون هناك تضخم مفرط على الفور. أما إذا ما منحت الأمريكي 100 دولار إضافية، فسوف يستثمرها في الأسهم، وسيحدث تضخم في سوق الأسهم.

الثاني، هو أنه طالما لم يكن هناك أي نقص في السلع اليومية في السوق، فلن تؤدي تريليونات الدولارات إلى التضخم المفرط. هنا تأتي "البجعة السوداء" الصينية/ فيروس كورونا، فتوقف المصانع حول العالم، وتغلق المطاعم، وتقطع السلاسل التجارية. فعلى سبيل المثال، انخفضت صناعة السيارات في كوريا الجنوبية في فبراير بمقدار الربع، ولم تصدر حتى الآن أي إحصائيات مرعبة حول التداعيات التي خلفها الفيروس على التجارة والصناعة.

باختصار، فإن الغرب والعالم أجمع سيعاني للمرة الأولى منذ عقود من نقص في السلع، في الوقت الذي يبدأ فيه بالفعل ضخ أموال للتداول بسرعة كبيرة، وبمبالغ هائلة.

على هذا المنوال، سوف يدخل العالم إلى المرحلة قبل الأخيرة في انهيار النظام المالي العالمي، من خلال ضخ تريليونات الدولارات واليورو والين، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع مؤقت في البورصات، وسنرى الأعاجيب بينما ترتفع أسعار أسهم المصانع والشركات المتوقفة...

سوف يساعد ضخ الدولارات في تقوية الدولار مؤقتا، حيث معظم القروض تترجم إلى الدولار، ويحتاج إليه الجميع على خلفية موجات الإفلاس. ولكن فيما بعد، وحينما تهدأ الأسواق قليلا، سيجد المستثمرون أن الأموال كثيرة، دون أن تأتي بأي أرباح. ولا يمكن استثمارها في أي مكان، فجميع السندات والأسهم تؤدي إلى الخسارة. وحينها تبدأ أسعار الأصول المادية في الارتفاع، كل الأصول التي يمكن وضعها في الجيب ولمسها باليد: الذهب، الحبوب، النفط وغيرها.

وبنفس الكيفية التي لم تتمكن بها تريليونات الدولارات المطبوعة بعد عام 2008 من تجنب "الخميس الأسود"، 12 مارس 2020، فلن تتمكن تريليونات الدولارات الجديدة المطبوعة من منع انهيار جديد. وحينها سوف ينهار الهرم العالمي للقروض والنظام المالي العالمي، ويبدأ التضخم المفرط حول العالم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك