سعود الساعدي||
تنطلق المواقف السياسية للجمهورية الإسلامية من قراءة واقعية لمعادلات الساحة الدولية وتوازنات القوة ولعبة الشد والجذب القائمة والخاضعة لمسارات واتجاهات السياسة والإقتصاد والأمن الحاكمة على خطوط النفوذ والهيمنة والتحكم.
وبما أن واشنطن تصر على التمسك بموقع عقل العالم وكذلك قلبه فإن دورها -واشنطن- رغم العقل المنهك والقلب المرهق مازال فعالا ومؤثرا وحاضرا بقوة في لعبة الأمم وصراع الهيمنة رغم التصدعات والتشققات والاهتزازات البنيوية المتواصلة وهذا الدور يفرض على خصم عتيد وعنيد مثل إيران أن تكون له قراءته العميقة والدقيقة التي تبنى عليها المواقف السياسية الكبرى.
هذه المقدمة تفسر المواقف الإيرانية الأخيرة سواء المتعلقة بالاستعداد للمواجهة والرد بقوة أو المتعلقة بالعودة إلى اتفاق ٥+١ بشروط فهي لا تريد لمراكز صناعة القرار الأميركية المرتبطة بسياسة ترامب ان تنفرد بتحديد سياسة واشنطن في اسابيع ترامب الأخيرة ما قبل بايدن دون أن يكون لها دور وتأثير في صناعتها وهي تدرك -طهران- طبيعة وعمق الانقسام الأميركي وازماته الحالية والتي تجلت بوضوح مع بروز أزمة ما بعد الإنتخابات الرئاسية.
يبدو أن أهم رسائل طهران من مواقفها الأخيرة التي جمعت ما بين الاستعداد للمواجهة والتفاوض في نفس الوقت هو ما يلي:
١/ نحن في اقوى حالاتنا فلا التهديد بالحرب يخيفنا ولا التخلي عن الاتفاق يهمنا.
٢/ لا تصدروا أزمة الإنتخابات الداخلية إلى ميدان صراعاتكم الخارجية معنا فلسنا ساحة لتصفية الحسابات أو مخرجا للأزمات.
٣/ نحن مستعدون للمواجهة بامكاناتنا ومستعدون للتفاوض بشروطنا.
٤/ احراج الرئيس المهزوم ترامب الساعي لتخريب طريق التفاوض المنتظر مع الرئيس الفائز بايدن والمستعد للتفاوض.
٥/ نحن في موقع -من القوة- نفرض فيه الشروط ولسنا بموقع من الضعف نتهيب فيه من المواجهة.
٦/ اللعبة انتهت والمواجهة حُسمت فقد تعددت أوجهها وتراكمت إفرازاتها واستقرت مآلاتها.
مختصر الموقف الإيراني يؤكد أن سياسة "الضغوط القصوى" الأميركية فشلت وأن سياسة "الصبر الإستراتيجي" الإيرانية انتصرت وأن تقافزات ترامب وفريقه في دقائق الوقت الضائع في اسابيعهم الأخيرة لن تغير من نتيجة اللعبة.
ـــــ
https://telegram.me/buratha