عدنان علامه ||
لقد بثت وكالة سكاي نيوز يوم الإثنين الماضي تقريراً عن خطف حبيب اسيود الكعبي من تركيا بعملية إستدراج معقدة. ولا بد من الإشارة بأن بث تسجيل وتحليل صور كاميرات المطارات والطرقات هو عمل أمني عالي الدقة بإمتياز. ولا يتم الإفراج عن هذه الصور إلّا بالتنسيق على أعلى مستوى بين أجهزة المخابرات الأمريكية والتركية. لأنه من بين ملايين المسافرين تم التركيز على شخصين فقط اشتبهت السلطات التركية بتورطهما في إختطاف الكعبي في شهر تشرين الأول الماضي. وقد أفادت مصادر اعلامية ايرانية يوم (السبت ٣١ تشرين الاول ٢٠٢٠) باعتقال المعارض البارز، زعيم حركة "الأهوازية"، حبيب اسيود الكعبي، في تركيا على أيدي الحرس الثوري الإيراني.
وذكرت المصادر المنشورة باللغة الفارسية وترجمها موقع IQ news ان "الكعبي يحمل الجنسية السويدية، حيث تمت متابعته من قبل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني حتى وصوله الى تركيا". وسنشاهد سوياً الرواية الأمريكية التركية حسب الفيديو التالي :-
https://youtu.be/roQsW__ap1U
وأفادت السلطات التركية الإثنين الماضي باعتقال 11 شخصا لمشاركتهم في خطف وتهريب معارض إيراني مطلوب في طهران متهم بالضلوع في هجوم دموي وقع عام 2018 في جنوب غرب إيران.
وقال مسؤول تركي بارز، إن حبيب الكعبي، وهو زعيم انفصالي إيراني من طائفة الأحواز العربية، اختطفته "شبكة تعمل لصالح جهاز المخابرات الإيراني" بعد أن استدرجته عميلة للمخابرات الإيرانية للسفر إلى تركيا.
وتابع المسؤول إنه عندما وصل الكعبي إلى اسطنبول ذهب إلى مكان اللقاء المحدد حيث جرى هناك تخديره وتقييده.
وقالت شرطة اسطنبول إنه نقل إلى إقليم فان في شرق تركيا ثم عبر الحدود إلى إيران.
وذكرت وسائل إعلام حكومية إيرانية في نوفمبر الماضي أن ضباطا من وزارة المخابرات الإيرانية اعتقلوا الكعبي للاشتباه في تورطه في هجوم عام 2018 على عرض عسكري إيراني أسفر عن مقتل العشرات دون أن توضح متى أو كيف اعتقل.
وفي تفاصيل الهجوم الإرهابي بتاريخ 22 سبتمبر 2018، قام مسلحون بإطلاق النار على عرض عسكري في مدينة الأهواز جنوب غرب إيران بمناسبة ذكرى بداية الحرب العراقية الإيرانية. أسفر الهجوم عن مقتل 25 شخصا وجرح 60 آخرين من المدنيين والقوات العسكرية. أعلن كل من داعش وحركة النضال العربي لتحرير الأحواز مسؤوليتهم عن الهجوم واتهم التلفزيون الحكومي في إيران تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بالعملية، حيث ذكر أن مسلحين تكفيريين هم من قاموا بها. في 1 أكتوبر 2018 وانتقاما للهجوم، استهدفت القوة الجوفضائية لحرس الثورة الإسلامية بستة صواريخ بالیستیة أرض - أرض مقرات لجماعات داعش في مدينة البوكمال شرقي الفرات بسوريا.
https://youtu.be/GWJSYBo6ZJg
وفي حادثة أخرى فقد استدرج الحرس الثوري أيضاً فى 14تشرين أول/ أكتوبر 2019 المدعو روح الله زم إلى داخل إيران، واعتقله فى عملية استخباراتية معقدة، وأدين بإثارة العنف خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة عام 2017.
وكان زم يدير قناة "آمد نيوز" على تطبيق تيليغرام الموجهة لأعمال الشغب التى وقعت قبل 3 أعوام فى إيران. وأيدت المحكمة الإيرانية العليا يوم الثلاثاء في 8 ديسمبر حكم الإعدام ضده.
وإذا دققنا بالأعمال الإرهابية المنفذة نلاحظ إنها تستهدف هيبة السلطة في الجمهورية الإسلامية في إيران. وكان وقع الهجوم على العرض العسكري في الأهواز قاسياً جداً على إيران علماً بأن العرض العسكري يعتبر عرضاً للقوة العسكرية والجهوزية لمحاربة الأعداء؛ وقد إستفاد الإرهابيون من كونهم أبناء المدينة ويعرفون تفاصيلها واستفادوا من عنصر المفاجأة إلى أقصاه.
وقد وجهت إيران عدة صواريخ على قواعد الإرهابيين في البوكمال للتأكيد على قدرتها في الرد على أية جهة تستهدفها. وقد ركزت الأجهزة الأمنية الإيرانية جهودها على إستدراج المجرمين إلى الداخل الإيراني لمحاكمتهم بعد إعترافهم بالتهم الموجهة إليهم كي يتقين الشعب بأن السلطة لا تتهاون نهائياً بحقوقها وحقوق أولياء الدم من مواطنيها.
ومن ناحية أخرى، نحن على بعد أسبوعين من الذكرى السنوية الأولى من إغتيال القائد الشهيد قاسم سليماني؛ والبعض يتساءل لماذا تأخر الرد الإيراني؟ وقد ذكرت الحادثتين للتأكيد بأن إيران تعمل بروية وهدوء وإتقان لتنفيد إنجع الردود للإقتصاص من القتلة مع الخفاظ على مصالح الدولة في آن. والأمر نفسه ينطبق على إغتيال العالِم محسن فخري زاده. فمنفذ إغتيال القائد سليماني هو ترامب الذي أمر بالإغتيال خارج إطار القوانين الدولية. وقد أكدت المقررة الخاصة المعنية بالإعدامات خارج نطاق القضاء أو الإعدام التعسفي القاضية أناييس كالامار الأمر عينه. وهناك بعض الإشكاليات كون الشهيد كان ضيفاً على الحكومة العراقية؛ فمن الأعراف والتقاليد العربية فإن العراق يجب أن يرد على مقتل ضيفه على أراضيه. ولا بد من الإشارة بأن إيران هددت ونفذت تهديدها بقصف القسم الأمريكي فقط في قاعدة عين الأسد. ونتيجة لأخذ العبر من هذا الإستهداف فقد امتنعت أمريكا عن أي رد فعل بسبل إصابة عدة مئات من الجنود الأمريكيين "بإرتجاجات دماغية" نتيجة للقوة التدميرية للصواريخ الإيرانية التي أصابت أهدافها بدقة متناهية.
اما بالنسبة لإغتيال العالِم محسن فخري زاده فكانت العملية معقدة جداً. وتهدف إلى إصابة "عصفورين بحجر واحد". فقد تم إغتيال العالم وفي نفس الوقت محاولة للمس بهيبة السلطة وخاصة الجهاز الأمني المعني بحماية الشخصيات. وللأسف فإن تعدد الروايات الرسمية والثغرات في تقفي الأثر والإجراءات المضادة للتتبع والرصد والمراقبة ساهمت في إنجاح هذا الهدف. وهناك الخطأ القاتل وهو خروج الشهيد فخري زاده من السيارة المصفحة الأمر الذي ساهم في إنجاح عملية الإغتيال.
ومن البديهي فإن القيادات الأمنية والعسكرية تكثف التحقيقات لمعرفة كافة التفاصيل حول المنفذين الخارجيين والمشاركين المحليين في عملية الإغتيال المعقدة والمتطورة جداً.
فالقيادة الإيرانية هي التي ستحدد الزمان والمكان للرد المشروع على عمليتي إغتيال القائد سليماني والعالِم فخري زاده والتي نفذتا خارج كافة القوانين الدولية. وعلى الدول التي نفذت وساعدت وساهمت في التنفيذ أن تعلن الإستنفار العام لأن الرد سيكون صاعقاً ورادعاً وبدون أية رحمة.
وإن غداً لناظره قريب
20/12/2020
https://telegram.me/buratha