عدنان علامه ||
ترامب خطط لإلغاء جلسة الخطوة الشكلية للمصادقة على النتيجة وإعلان بايدن فائزاً . والجلسة تکون عادة برئاسة نائب الرئيس؛ وكان ترامب يعوّل على بنس في التشكيك بالنتيجة. وفي نفس الوقت عمل ترامب على خطة بديلة تقضي بإستغلال مؤيديه الغاضبين بعد تحفيزهم واستثارة حماستهم بمعلومات عن "سرقة الفوز" منه أثناء تجمعهم إمام مبنى الكابيتول. مما دفع الجموع على إقتحام الكابيتول ووصلوا إلى قاعاته بعد تخطي عقبات شكلية. وأشارت رئيسة مجلس النواب السيدة نانسي بيلوسي إلى ضرورة تقديم رئيس شرطة حماية الكابيتول إستقالته بسبب دخول المتظاهرين بسهولة إلى قاعات الكابيتول.
فلنراجع سوياً مجريات أحداث إقتحام مبنى الكابيتول. حيث حشد ترامب مؤيديه وتحديداً يوم الأربعاء الماضي 6 كانون الثاني / يناير 2021 والمتزامن مع تاريخ إنعقاد جلسة المصادقة النهائية لفوز بايدن وقام بشد عصبهم وتحريضهم لإستعادة "الفوز المزعوم" الأمر الذي زاد من حماسهم وأدى الأمر إلى إقتحام مبنى الكابيتول مستفيدين من الإجراءات الأمنية المخففة المثيرة للشبهة في محيط مبنى الكابيتول.
وقد حض ترامب مؤيديه بتاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر 2020 على التجمع في واشنطن في السادس من يناير، في محاولة أخيرة للضغط على الكونغرس من أجل عدم المصادقة على فوز جو بايدن في الانتخابات.
ومن المتوقع أن ينزل آلاف المؤيدين لترامب ينتمون لمجموعات مختلفة من كل أنحاء البلاد، إلى شوارع العاصمة الأميركية تأييداً لتصريحات غير مدعومة بأدلة لترامب عن تزوير انتخابي واسع النطاق تسبب بحسب رأيه بهزيمته في انتخابات الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي.
وحض ترامب في تغريدتين في نهاية الأسبوع الماضي، أنصاره على المشاركة في التجمع، واصفاً الانتخابات بأنها "أكبر عملية إحتيال في تاريخ أمتنا".
ودعا ترامب يوم الجمعة بتاريخ 01/01/2021 أنصاره للمشاركة في تجمع احتجاجي ضخم سينظم في العاصمة واشنطن ضد نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في تشرينرالثاني/نوفمبر الماضي وخسرها أمام جو بايدن.
وقال في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر": "سيقام التجمع الاحتجاجي الكبير في واشنطن، الساعة 11:00 صباحا، يوم 6 يناير. تفاصيل حول المكان لاحقا".
واختتم تغريدته بعبارة: "أوقفوا السرقة"، التي يستخدمها مع أنصاره للإحتجاج على نتائج الانتخابات.
وجدد الأحد الماضي "أراكم في واشنطن في السادس من يناير. لا تفوتوا ذلك". وتثير الدعوة للتجمع مخاوف من أعمال عنف جديدة بعد التظاهرة السابقة المؤيدة لترامب وشاركت فيها مجموعة "براود بويز" في 12 ديسمبر، عندما تعرض خلالها العديد من الأشخاص للطعن، وأوقف فيها عشرات الأشخاص.
ويأمل ترامب على ما يبدو في أن يتمكن المتظاهرون من الضغط على الكونغرس لرفض الفرز الأخير لأصوات الهيئة الناخبة للولايات، وقلب نتيجة خسارته الانتخابية.
وفي اليوم الموعود لدعوة ترامب أنصاره للتجمع أمام مبنى الكابيتول 06/01/2021 صعّد ترامب تحريض المتظاهرين إلى أقصاه مستغلاً إجتماع لجنة المصادقة على فوز بايدن ؛ فحرّض بشكل مباشر لتعطيل إنعقاد الجلسة. وبالتالي يكون قد نفذ إنقلاباً على الخطوةَ التشكيلية للمصادقة على فوز بايدن. والملفت في الأمر بأنه لم يخفِ نواياه الإنقلابية فقال :- "لن نستسلم أبدا ولن نتنازل".
وأضاف ترامب أمامَ أنصاره: "إنهم لن يستسلموا أبدا ولن يتنازلوا ولن يعترف بالهزيمة في الانتخابات التي فاز بها المرشح الديمقراطي جو بايدن.
ونتيجة لهذا الشحن والتحريض المتراكم منذ إعلان اللجنة الإنتخابية فوز بايدن رسميا بأكثرية 306 أصوات إقتحم المجتمعون مبنى الكابيتول وسقطت معها كل معاني وقيم الحرية والديمقراطية في أمريكا. وقد نجح ترامب بشكل منقطع النظير في نشر "الفوضى الخلاقة" في أمريكا في غضون يوم واحد بعد أن فشل ترامب وإدارته فشلاً ذريعاً منذة عدة سنين في نشر تلك الفوضى في إيران، العراق، سوريا، لبنان وفنزويلا.
وحدثت المفاجأة الكبرى بعد فشل المحاولة الإنقلابية التي خطط ترامب وحرّض أنصاره على تنفيذها حيث ندد بإقتحام مبنى الكابيتول وأعرب عن استيائه. فقال في مقطع مصور على تطبيق تويتر إنه وعلى غرار كل الأميركيين يشعر "بغضب من العنف وانعدام سيادة القانون والفوضى،" في إشارة إلى أحداث الكاببتول.
وأضاف " لقد نشرت فورا الحرس الوطني وقوى إنفاذ القانون الاتحادية لتأمين المبنى ودحر المتسللين".
وشدد ترامب على أن من "تورطوا في أعمال العنف بمبنى الكونغرس دنسوا مقعد الديمقراطية. ولا يمثلون بلدنا وسيدفعون الثمن.. إن أميركا أمة قانون ونظام لابد أن تكون كذلك".
ان هذا التصريح يثبت بأن ترامب شخص غير متزن عقلياً وغير مؤهل لَمتابعة ال11 يوماِ المتبقية من مدة ولايته. فقد حرّض وشحن النفوس وألمح إلى إقتحام مبنى الكابيتول وتبرأ بعد ذلك من أنصاره وطالب بمعاقبتهم. فاصبح ترامب خير مصداق للآية الكريمة :-
{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (الحشر-16)
هذا التبدل المفاجئ في مواقف ترامب ينذر بالخطر الشديد مما يضمره ويريد تنفيذه. ورأت رئيسة مجلس النواب السيدة نانسي بيلوسي "أنه لدينا 11 يوماً للتعامل مع ترامب وهو يمثل خطراً على بلدناِ.
وأضافت: " أن تنحية ترامب بات أمراً ملحاً وبالغ الأهمية".
وأردفت: إذا لم يعزل ترامب من خلال تفعيل المادة 25 فيمكن للكونغرس المضي قدماً في إجراءات عزله
فقد وضع ترامب أمريكا في موقف حرج جداً بعد إسقاطه كل مبادئ وقيم العدالة والحرية والديمقراطية التي كانت امريكا تتغنى بها طيلة عقود. وأخاف من مفاجآت يعد لها في الخفاء.
وإن غداً لناظره قريب
https://telegram.me/buratha