عدنان علامه * ||
شهد الأسبوع الماضي عمليةَخلط أوراق كان بطلها بايدن ونيته الإتصال مباشرة بالعاهل السعودي سلمان للتحدث معه بشؤون الحريات العامة وإنهاء الحرب في اليمن وموضوع العلاقات المستقبلية. كما لمّح بايدن إلى قرب الإفراج عن تقرير الCIA حول مقتل خاشقجي.
وقد تم قلب الأوضاع رأساً على عقب وبصورة مفاجئة. فقد إعتمد مجلس الأمن الدولي الخميس الماضي قراراً يجدد العقوبات المالية وحظر السفر المفروض على اليمن لمدة سنة إضافية، وأدان في الوقت ذاته المعارك الدائرة في مأرب وهجمات الحوثيين ضد السعودية.
ومدد القرار مهمة فريق خبراء العقوبات الدولية المفروضة على اليمن حتى 28 مارس/آذار 2022.
وأدان أيضا التصعيد المستمر في مأرب والهجوم على مطار عدن في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وهجمات الحوثيين على السعودية.
كما طالب القرار الحوثيين بالسماح لفريق من الأمم المتحدة بإجراء تقييم وإصلاح لناقلة النفط المعطوبة "صافر" الراسية قبالة الساحل الغربي لليمن.
إن هذا التحيز الواضح لقرار مجلس الأمن هو تنسيق أمريكي للحفاظ على وجود الإحتلال في معظم أراضي اليمن؛ وقد أثبت القرار أن الحديث الأمريكي عن الحلول السلمية وضرورة وقف التقدم في الهجومات في مأرب لتأمين ذلك هى محاولات لتحسين أوضاع تحالف العدوان على الأرض.
وقد أمر بايدن بشن عدوان على الأراضي السورية على بعض الفصائل العراقية دون وجه حق. كما أمر بنشر "مدروس" عن تقرير مقتل خاشقجي.
وقد شكل نشر التقرير "المدروس" قنبلة إعلامية من العيار الثقيل جداً على بن سلمان. وسأقوم بالرد على البيانات الرسمية لوزارة الخارجية السعودية للتعرف جيداً على كيفية التعامل مع أمر مؤكد لا لبس فيه.
وقد ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أنّ إدارة الرئيس جو بايدن اعترفت رسمياً، أمس الجمعة، بأنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وافق على خطة قتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي، وهو الأمر الذي لم يفعله الرئيس السابق دونالد ترامب.
وقالت الصحيفة: "يبدو أن السيد بايدن خلص إلى أن التكلفة المحتملة لإتخاذ إجراء ضد الحاكم الفعلي البالغ من العمر 35 عاماً، حليف أميركي الرئيسي، باهظة للغاية."
· تصريحات وزارة الخارجية السعودية :
1- حكومة المملكة ترفض رفضاً قاطعاً ما ورد في التقرير الذي زود به الكونغرس بشأن خاشقجي.
2- الرياض تؤكد رفضها التقييم "السلبي والزائف وغير المقبول" في التقرير المتعلق بقيادة المملكة.
3- من المؤسف حقاً أن يصدر مثل هذا التقرير وما تضمنه من استنتاجات خاطئة وغير مبررة.
5- المملكة ترفض أي أمر من شأنه المساس بقيادتها وسيادتها واستقلال قضائها
6- وأضافت الخارجية أنها "تؤكد على ما سبق أن صدر بهذا الشأن من الجهات المختصة في المملكة من أن هذه جريمة نكراء شكلت انتهاكًا صارخًا لقوانين المملكة وقيمها إرتكبتها مجموعة تجاوزت كافة الأنظمة وخالفت صلاحيات الأجهزة التي كانوا يعملون فيها.
سأركز فقط على دحض الفقرة التي وردت في البند السادس والتي حصرت بتنفيذ الجريمة "بمجموعة تجاوزت كافة الأنظمة وخالفت صلاحيات الأجهزة التي كانوا يعملون فيها".
· التعليق
تصور وزارة الخارجية السعودية بأن هذه المجموعة عندها صلاحيات إستثنائية تفوق سلطة الدولة؛ علماً بأنها إعترفت بأنهم كانوا يعملون في أجهزة قد تجاوزوا صلاحياتها.
وهنا أفند الأخطاء الفاضحة التي ذكرتها وزارة الخارجية :-
1- لنتفق على إسم المجموعة بأنها "فريق القتل أو التصفية". وبالتالي لا بد من وجود رئيس يجمعهم ويأمرهم.
2- جميع أعضاء فريق القتل كانوا بأمس الحاجة إلى إجازات سفر على وجه السرعة من مراكز عملهم.
3- جميع أعضاء فريق القتل كانوا يحملون جوازات سفر ديبلوماسية لا تتناسب مع عملهم.
4- جميع أعضاء" فريق القتل" وصلوا على طائرات خاصة بكبار رجال الأعمال.
5- تولى "فريق القتل" إستباحة حرم القنصلية السعودية في تركيا وحولوها إلى مسلخ قطعت فيها جثة خاشقجي وتم التخلص منها ومن أثارها ولم تعرف حقيقةَ مصير بقايا جثته حتى اليوم.
سأبدأ بحل الفرضية الأخيرة وهي الأصعب والتي تعتمد باقي الفرضيات عليها أيضاً. فأي مواطن سعودي يريد زيارة سفارة بلاده أو قنصليتها فأن حدود مساحة تنقله لا تتجاوز مكتب الإستقبال حتى ولو كان يحمل جواز سفر ديبلوماسي إذا لم لديه موعد عمل مع السفير أو القنصل. وبناءاً عليه فإن فريق القتل كان يحمل أمراً ملكياً يضع القنصلية بكاملها بتصرفهم وحتى بيت القنصل؛ التي روي بأن خمس حقائب سفر كبيرة قد نقلت إليه. وكذلك الأمر كالحصول على جوازات سفر ديبلوماسية والإجازات وتذاكر السفر على طائرات كبار رجال الأعمال بحاجة إلى أمر ملكي؛ ولا يستطيعون أن يتجاوزوا بأي شكل من الأشكال صلاحيات عملهم منفردين.
وفي النتيجة فإنه من المستحيل أن يتجاوز "فريق القتل" صلاحياته فيأخذ الإجازات ويعطي الأوامر بإصدار جوازات سفر ديبلوماسية ويخضعوا القنصلية السعودية وحتى منزل القنصل لسلطتهم بتجاوز منهم. وبالتالي فإن "فريق القتل" كان يحمل "أمراً ملكياً" سمح لرئيسه الحصول على كافة المستلزمات بما فيها أمر القتل المبيّت بأبشع الطرق لأنه من المستحيل في أي عملية أمنية قتل أي شخص يحتاج إلى25 شخص؟
فعلى صاحب "الأمر الملكي" إن يتحمل أوزار دماء جمال خاشقجي البريئة التي أهدرت ظلماً وعدواناً في الدنيا أولاً وفي الآخرة لاحقاً. فالله سبحانه وتعالى قال في محكم كتابه:- {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} (المائدة-32)
إن الإفراج عن هذا التقرير سيتبعه يقيناً إجراء عقوبات أمريكية على "فريق القتل" وعلى المتهمين بإنتهاك حقوق الإنسان في السعودية.
وإن غداً لناظره قريب.
· لبنان ـ بيروت
27/02/2021
https://telegram.me/buratha