فهد الجبوري|
تناولت كبريات الصحف العالمية التطورات في الأردن ، والأخبار المتعلقة بتورط الأخ غير الشقيق للملك عبدالله الثاني في محاولة انقلاب وصفتها الجهات الرسمية بأنها تستهدف " زعزعة أمن البلاد " .
وفي هذا السياق ، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريرا مطولا عن هذه التطورات تحت عنوان بارز :
· " المملكة المنقسمة : الأردن يهتز بإنشقاق بين الملك و ولي العهد السابق
· وجاء في مقدمة التقرير ما يلي :
صدع ملكي ينكشف ، وشخصيات بارزة يجري اعتقالها ، وشائعات عن محاولة انقلاب فاشلة ، و نوبة مكثفة من مكائد القصر حطمت صورة الأردن كحصن موثوق به في جزء مضطرب من العالم .
· وفي تفاصيل التقرير نقرأ ما يلي :
منذ فترة طويلة ، تعتبر المملكة الأردنية واحة للاستقرار النسبي في الشرق الأوسط . وفي الوقت الذي شهد فيه البلدان المجاوران لها سوريا والعراق التمرد ، فقد بقي الأردن حليفا آمنا وموثوقا به للولايات المتحدة ، و منطقة عازلة ضد الهجمات على إسرائيل ، ومحاوراً أساسيا مع الفلسطينين .
ولكن في نهاية هذا الأسبوع ، انقلبت تلك الصورة الهادئة رأسا على عقب مع ظهور الخلاف بين الملك عبدالله الثاني و ولي العهد السابق حمزة بن الحسين الى العلن .
ووجهت الحكومة الأحد للأمير حمزة ، الاخ غير الشقيق للملك عبدالله تهمة " زعزعة أمن البلاد " ، و أعطت توضيحا أكثر بكثير عن تورطه المزعوم مما كان عليه في الليلة السابقة عندما كشفت للمرة الأولى عن المؤامرة المزعومة .
وفي حديث له يوم الأحد ، أتهم وزير الخارجية أيمن الصفدي بشكل مباشر الامير حمزة بالعمل مع وزير المالية السابق باسم عوض الله ، وعضو آخر في العائلة المالكة الشريف حسن بن زيد على استهداف " الأمن والاستقرار في البلاد "
وألمح الصفدي بأن هؤلاء الثلاثة كانوا متورطين في محاولة انقلاب فاشلة مدعومة من الخارج ، وأعطى تفاصيل حول اعتراض اتصالات بين الامير و عوض الله ، وأعلن أيضا عن اعتقال مالايقل عن ١٤ شخصا آخر .
وجاءت الاتهامات بعد محاولة الامير حمزة تبرئة ساحته ليلة السبت ، عندما أطلق فيديو قال فيه أنه قد وضع تحت الإقامة الجبرية نافيا في الوقت ذاته علاقته بالمؤامرة ضد الملك عبدالله ، بالرغم من أنه وجه نقدا للحكومة وقال عنها أنها فاسدة وغير كفوءة وسلطوية .
ويوم الأحد ،ظهرت والدته للعلن ، الملكة نور حيث أصدرت بيانا للدفاع عن ولدها ، وقالت أنه ضحية " لإفتراء شرير "
هذا وقد وصف وزير الخارجية السابق جواد عناني في مقابلة هاتفية الأحد الطريقة التي تكشفت فيها الأحداث ، مع الاعتقالات ، وتسجيلات الفيديو ، بأنها صادمة .
وقال "بالرغم من التوترات ، لكن العائلة المالكة دائما عرضت صورة الجبهة الموحدة ، ولكن أحداث يوم أمس حطمت تلك الصورة ، وقد برزت الخلافات في وضح النهار "
وقد دفعت هذه الأزمة الولايات المتحدة وبقية حلفاء الأردن ، والذين يعتبرون الملك عبدالله شريكا حاسما في مواجهة الإرهاب في الشرق الأوسط ، الى اعلان الدعم له .
ويعتبر الأردن محورا للأمن الإقليمي بسبب حدوده مع سوريا ، والعراق ، وإسرائيل ، والضفة الغربية المحتلة من قبل إسرائيل .
وبما أنه موطن للملايين من الفلسطينيين المنفيين ، والراعي الرسمي للمسجد الأقصى في القدس ، فإنه يعتبر مهما لأية اتفاقية سلام مستقبلية بين إسرائيل والفلسطينيين .
وتحتفظ الولايات المتحدة بقوات وطائرات حربية في البلد ، ولديها علاقات قريبة مع المخابرات الأردنية ، وفي العام الماضي منحت الأردن أكثر من مليار ونصف دولار حسب ما قالته الخارجية الأمريكية .
وبالنسبة للعديد من المراقبين الدوليين ، فإن المواجهة بين الملك والأمير قد أكدت هشاشة الهياكل الاجتماعية الواقعة تحت واجهة الأردن الهادئة . إذ يعيش البلد وسط موجة متوحشة من وباء كورونا ، واقتصاده يعاني ويكابد ، ولديه ٦٠٠ ألف لاجئ سوري ، وهو من أكثر البلدان التي تأثرت بالحرب في سوريا .
وجزء مهم من سكان الأردن ، البالغين ٩ ملايين ، ينحدر من فلسطين ، وقد فروا الى البلاد بعد الحروب العربية الاسرائيلية في عامي ١٩٤٨ و ١٩٦٧ ، والباقي هم الأردنيون الأصليون ، والذين تم استيعابهم في الهيكل العام للدولة ، وإن دعمهم يعتبر أمرا حاسما لسلطة الملك عبدالله حسب ما يراه المحللون .
وقد جاء هذا الوضع الجديد المعقد على خلفية المحاولات العلنية للأمير حمزة ببناء علاقات أقرب مع العشائر ، وفي السنوات الأخيرة كان الامير حمزة يبدو وكأنه يسعى لبناء نفوذه وقاعدته الخاصة به .
وقد أثار ضجة في المملكة بسبب اجتماعاته الأخيرة مع زعماء العشائر ، وكان يوجه الانتقادات للحكومة علنا في العام ٢٠١٨ عندما دعا الى إجراء حقيقي ضد الفساد المستشري ، ومحاسبة المتورطين به ، وبناء الثقة بين الدولة والشعب .
https://telegram.me/buratha