محمد صادق الهاشمي ||
انتشرت مقاطع من حديث السيد وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف عن علاقته بالخط الثوري الايراني، والتنافس بينهما، والتقاطع حول ملف العلاقات الخارجية بين نظرية (الدبلوماسية، ونظرية القوة العسكرية )، وربما ينتهي الحديث الى خلاصة مفادها ((ان الدبلوماسية الايرانية التي يقودها هو وباشراف من حكومة الرئيس الايراني روحاني تختلف عن المنهج العام في العلاقات الذي ترسمه القوة العسكرية الثورية في ايران)) .
هذا الشريط المسرب من جهة ما في إيران الان تخضع للتحقيق؛ كان ضمن وثائق الحكومة الايرانية والتي تحفظ في الارشيف عادة، وفيها يتحدث المسؤولون الايرانيون اغلبهم عن قناعتهم بكل حرية في برنامج اسمه (ما بعد الحكومة) حتى تقدم هذه المعلومات الى الجهات البحثية والحكومية اللاحقة وتحت اشراف المركز الرئاسي للدراسات الاستراتيجية .
وقد اجريت لقاءات كثيرة مع مسولين في الحكومة الايرانية وكلها قيد الحفظ والارشفة؛ كونها من وثائق الدولة، الا هذا المقطع الذي تم تسريبه وتقطيعه قبل زيارة ظريف الى العراق وقطر بطريقة يظهر كأنما ثمة خلاف بين الاثنين.
وحتى يتم توظيف هذا الحديث المسرب لإعطاء جولة ظريف بعدا ما وهو رسم سياسة العلاقات الخارجية الايرانية لما بعد الشهيد سليماني وفق منظار جديد ، خصوصا بعد ان تم اظهار كلام السيد ظريف وكأنه يعكس ان حربا باردة بين الحاج سليماني او بين الخط الثوري العسكري وبين الخط الدبلوماسي كانت ومازالت تدور، وان الخط الثوري يحاول ان يفرض رأيه على الخارجية الايرانية، بينما اصل الحديث قبل أن يجري تقطيعه، يروي كيف تم التنسيق بين الطرفين في مجمل القضايا، وكيف تم تحويل عنصر الردع العسكري الى نقطة قوة يستثمرها المفاوضي الدبلوماسي .
من ابرز ادلة استغلال هذه المقاطع المسربة هو ان بومبيو وزير الخارجية الامريكية السابق يغرد اليوم بما مفاده (من يشكك في قرارنا باغتيال سليماني فليسأل ظريف )، وهنا تتضح خطورة المؤامرة التي يراد منها خلق صراع داخلي في ايران .
الاعلام العربي وحتى الغربي اهتم لهذا التسريب المريب المجزوء حتى يقنع الرأي العام بان المنهج التحرري الثوري الايراني غير مقنع حتى للايرانيين أنفسهم، وانه عاد من الماضي، وانه محل انتقاد من الدبلوماسية الايرانية، وان ايران بقيادة ظريف تتجه الى سياسة جديدة وستأخذ معها شيعة المنطة الى ذات المنهج .
ايها الاخوة لا تقعوا في فخاخ الاعداء وتروجوا ما يروج له عدوكم واليكم النقاط التالية :
اولا / وجود حوار وخلاف وتباين وتقارب بين كل دول العالم حول اي ملف كان بما فيه الدول الكبرى امر طبيعي، انظروا السياسة الامريكية الخارجية في اغلب الملفات تجدونها تختلف وتتفاوت وجهات النظر فيما بين مؤسساتها، فلا يعني هذا الامر ان هذه الدولة تعاني من الصراع الداخلي والتفكك السياسي، وهكذا كل الدول الاوربية والاسيوية، مع هذا هي دول رصينة ونفس الحال ينطبق على ايران .
ثانيا / ان الحديث المسرب يهدف الى تزوير الحقائق وتصوير واقع ايران بأنه يعيش حالة صراع؛ لانه مقطع مجتزأ بطريقة تنتهي الى هذا الهدف، بينما الحديث الاصلي يشرح وجهات النظر العامة في مختلف الملفات الخاصة والعامة، وأين التقت وأين اختلفت، ولم يتحدث عن ما يتحدث به الاعلام المغرض .
ثالثا / انطلق الاعلام الغربي والعربي المغرض في تفسير الحديث المجتزأ بالتفسير والتحليل، والذي ينتهي بخلق فكرة مفادها: ان الخط الاصلاحي يريد ان يتجه بشيعة المنطقة الى التطبيع والتركيع وقبول الاحتلال والاعتذار الى الخليج على جرائمه بالقول ((اننا نريد ان نتعايش الا ان الخط الثوري هو من يمنع هذا))، بينما ايران واحدة في الحرب والسلام وهكذا شيعة العراق.
نعم كلنا شيعة المنطقة نريد السلام لكن لا نريد سلاما ابشع من الحرب.
رابعا / لا يمكن ان نعتبر النقاش والحوار بين المسؤولين الايرانيين حول اي ملف من الملفات حالة سلبية، بل هو الصحيح، والدليل ان ايران انجزت افضل منظومة من العلاقات الخارجية؛ مما جعل ايران في مكانتها اللائقة بها اقليميا ودوليا؛ لان المسولين الايرانيين في حالة تكاملية وادوار منسقة وايقاع منضبط تحت خيمة الولي الفقيه والدستور.
خامسا / ايران الان دخلت في حوار مع السعودية وأطراف دولية حول الملف النووي و تمتاز هذه المفاوضات بانها علنية وبموافقة كل اجهزة الدولة الايرانية وعلمها فلا يشمت الشامتون ويتقول المغرضون وعلى اهل البصيرة الوعي والتثبت . انتهى