التقارير

النص الكامل لكلمتي كروكر وبترايوس أمام الكونغرس الأمريكي

2487 00:48:00 2008-04-10

نقلا عن بنت الرافدين

الصفحة الرئيسية · مجموعات الأخبار · البحث · موقع بنت الرافدين · ارشيف الاخبار 12:32 صباحا 03 ربيع ثاني 1429 (10 أبريل 2008)

بنت الرافدين تقيم دورتها التاسعة لـ (قياديات لعراق ديمقراطي)صفحات من بنت الرافدين الصفحة الرئيسيةمجموعات الأخبارالبحث

--------------------------------------------------------------------------------من نحنأرشيف اخبار بنت الرافدينولنا كلمةأدب المرأةبحوث ومقالاتالصحة النفسيةاستطلاعاتالاصدارات الجديدةأخبار المنظماتسين وجيمكيف نعيشعراقياتركن الاسرةنادي الفتياتباقلامكمفي أروقة الدستورالمرأة الريفيةالمجتمع المدنينافذة الحوار المفتوحفي رحاب الديمقراطيةكاريكاتيرلقاءات وتحقيقاتديوان بنت الرافديناتصل بناارشيف الاخبارالنص الكامل لشهادة كل من السفير كروكر والجنرال باتريوس امام مجلس الشيوخ الامريكي واشنطن، 8 نيسان/أبريل 2008 – في ما يلي نص شهادة الجنرال ديفيد باتريوس، قائد قوات التحالف متعددة الجنسيات في العراق، أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ اليوم عن تقييمه للأوضاع في العراق بصورة عامة في الأشهر الستة الماضية:

بداية النص الجنرال ديفيد أتش. باتريوسقائد القوة متعددة الجنسيات في العراق8 – 9 نيسان/إبريل، ‏2008‏‏

حضرة رئيس اللجنة، حضرة نائب الرئيس، حضرات أعضاء اللجنة، شكرًا للفرصة التي أتحتموها لي لكي أقدم لكم تحديثا للوضع الأمني في العراق ولكي أناقش التوصيات التي قدمتها مؤخرًا لقيادتي.

منذ أن مَثُلنا، السفير كروكر وأنا، أمامكم قبل سبعة أشهر، كان هناك تقدم ملحوظ ولكن غير منتظم الوتيرة في العراق. فمنذ شهر أيلول/ سبتمبر، انخفضت مستويات العنف والوفيات بين المدنيين انخفاضا ملحوظاً. وقد تم تسديد ضربات خطيرة إلى القاعدة في العراق وعدد من العناصر المتطرفة الأخرى، كما نمت قدرات عناصر قوة الأمن العراقية، وكان هناك اشتراك ملحوظ من قبل عراقيين محليين في الأمن المحلي. ومع ذلك، لا يزال الوضع في بعض المناطق غير مرض، ولا تزال هناك تحديات لا تحصى. أضف إلى ذلك، كما ذكّرَتنا الأحداث التي جرت خلال الأسبوعين الماضيين، وكما سبق لي أن حذرت تكرارًا، فإن التقدم الذي تحقق منذ الربيع الماضي هش وقابل للإنتكاس. لكن الأمن في العراق مازال أفضل مما كان عندما قدمنا، السفير كروكر وأنا، تقريرينا اليكم في أيلول/سبتمبر الماضي، وهو أفضل بكثير مما كان عليه قبل 15 شهرًا عندما كان العراق على شفير حرب أهلية وتم اتخاذ القرار بإرسال قوات أميركية إضافية إلى العراق.

لقد أسهمت عدة عوامل في التقدم الذي تحقق. أولاً، بالطبع كان هناك تأثير للأعداد المتزايدة من قوات التحالف والقوات العراقية. وتدركون جيدًا زياردة عديد القوات الأميركية. ولكن ما هو معروف أقل، أن العراق قام أيضا بزيادة عدد قواته، مضيفًا أكثر من 100.000 جندي وشرطي إلى صفوف قواته الأمنية عام 2007، ومضاعفا بصورة تدريجية قدرته على نشر واستخدام هذه القوات.

وثمة عامل ثان هو استخدام قوات التحالف والقوات العراقية في القيام بعمليات ضد التمرد عبر البلاد، والانتشار معًا لحماية الشعب العراقي، ومطاردة القاعدة في العراق، ومكافحة المجرمين والمليشيات المتطرفة، ورعاية المصالحة الوطنية، والتمكين من حدوث تقدم سياسي واقتصادي.

وثمة عامل آخر مهم متمثل في التحول السلوكي في مواقف عناصر معينة من السكان العراقيين. فمنذ "الصحوة" السنية الأولى في أواخر عام 2006، رفضت المجتمعات السنية في العراق بصورة متزايدة العنف الذي تقوم به القاعدة بدون تمييز فضلا عن أيديولوجيتها المتطرفة. وقد أدركت هذه المجتمعات أيضا أنها لن تستطيع أن تشارك في خيرات العراق إذا لم تشارك في المعترك السياسي. وبمرور الوقت، حفزت " الصحوة " عشرات الآلاف من العراقيين – بعضهم من المتمردين السابقين – على المساهمة في الأمن المحلي تحت اسم "أبناء العراق". وبمساعدتهم، وبمطاردة القاعدة في العراق بلا هوادة، أمكن تخفيض التهديد الذي تشكله القاعدة في العراق تخفيضًا كبيرًا -- على الرغم من أنه لا يزال جوهريًا وفتاكًا.

وقد أبرزت المواجهات الأخيرة التي جرت في البصرة، بجنوب العراق، وفي بغداد، أهمية وقف إطلاق النار الذي أعلنه مقتدى الصدر في الخريف الماضي باعتباره عاملاً آخر يسهم في تخفيف العنف بوجه عام. وفي الآونة الأخيرة، بطبيعة الحال، أصبحت بعض عناصر من المليشيات ناشطة مرة أخرى. وعلى الرغم من أن أمرًا بوقف إطلاق النار أصدره الصدر حل الموقف إلى حد ما، إلا أن اندلاع القتال أبرز أيضًا الدور الهدام الذي لعبته إيران في تمويل وتدريب وتسليح وتوجيه ما تسمى "بالجماعات الخاصة" وولد قلقًا متجددًا بشأن إيران في أذهان كثير من القادة العراقيين. وهذه الجماعات الخاصة، إذا لم يوضع حد لنشاطها فإنها ستشكل أكبر خطر على الأمد الطويل يهدد قابلية قيام عراق ديمقراطي.

وإذ نتطلع إلى المستقبل، فإن مهمتنا مع شركائنا العراقيين ستكمن في البناء على التقدم الذي تحقق ومجابهة العديد من التحديات التي لا تزال قائمة. وأنا أعتقد بأننا نستطيع أن نفعل هذا بينما نستمر في تخفيض عديد القوات.

طبيعة النزاع

في أيلول/سبتمبر، قمت بشرح الطبيعة الأساسية للنزاع في العراق على أنها تنافس بين مجتمعات عرقية وطائفية من أجل السلطة والموارد. وهذا التنافس مستمر ومتأثر تأثرًا كبيرًا بعناصر خارجية، وحله يظل المفتاح لتحقيق استقرار طويل الأجل في العراق.

هناك عناصر متعددة تدفع بالتنافس العراقي العرقي – الطائفي نحو العنف. ويشكل الإرهابيون والمتمردون والمليشيات المتطرفة والعصابات الإجرامية كلهم تهديدات ملحوظة. ويرسل كبار قادة القاعدة الذين ما زالوا ينظرون إلى العراق على أنه الجبهة المركزية في استراتيجيتهم العالمية، الأموال والتوجيهات والمقاتلين الأجانب إلى العراق. وتضاعف الأعمال التي تقوم بها دول مجاورة من التحديات التي يواجهها العراق. وقد اتخذت سورية بعض الخطوات لتخفيض تدفق المقاتلين الأجانب عبر أراضيها، ولكن ليس بما يكفي لغلق الشبكة الرئيسية التي تدعم القاعدة في العراق. وإيران زادت العنف اشتعالا بصورة تدميرية بشكل خاص، عن طريق دعمها المميت للجماعات الخاصة. وأخيرًا، فإن قدرة الحكومة العراقية غير الكافية، وانعدام الثقة المستمر بين الطوائف فضلا عن الفساد، كلها تضيف إلى مشاكل العراق.

إن هذه التحديات، على الرغم من العنف الذي جرى في الأسابيع الأخيرة، والتنافس العرقي – الطائفي بين العراقيين في كثير من المجالات، تجري الآن عبر النقاش بصورة أكبر وعبر العنف بصورة أقل. والحقيقة أن تصاعد العنف في بغداد وجنوب العراق في الآونة الأخيرة، قد جرت معالجته بصورة مؤقتة، على الأقل، من قبل معظم الأطراف التي ترى أن الطريقة العقلانية الحصيفة أمامها تكمن في الحوار السياسي وليس قتال الشوارع.

الوضع الحالي والتوجهات

كما ذكرت في البداية، فعلى الرغم من أن العراق يبقى بلدًا يسوده العنف، إلا أننا نرى تقدمًا على الصعيد الأمني. وكما توضح هذه الخريطة (الصورة رقم 1) فإنه ولمدة ستة أشهر، كانت الحوادث الأمنية في مستوى لم يُر مثله منذ الفترة من أوائل إلى منتصف عام 2005، على الرغم من أن المستوى قد تصاعد في الأسابيع الأخيرة نتيجة العنف في البصرة وبغداد. ومع ذلك، فإن مستوى الحوادث قد أخذ يتدنى مرة أخرى، ولو أن الفترة القادمة ستكون فترة حساسة.

ولما كانت مهمتنا الأساسية أن نساعد على حماية السكان، فنحن نراقب عن كثب عدد المدنيين العراقيين الذين يُقتلون بسبب العنف. وكما تبين هذه الخريطة (الصورة رقم 2)، فإن عدد الوفيات بين صفوف المدنيين انخفض خلال العام الماضي إلى مستوى لم يُشاهد مثله منذ تفجير مسجد سامراء في شباط/فبراير عام 2006، الذي أطلق شرارة العنف الطائفي الذي مزق نسيج المجتمع العراقي عام 2006 وأوائل عام 2007. وهذه الخريطة تبين أيضًا استخدامنا المتزايد للتقارير التي يقدمها العراقيون، ويعكس الخط الأعلى بيانات التحالف والبيانات العراقية، في حين يعكس الخط الأدنى البيانات التي يؤكدها التحالف فقط.

وأيًا كانت البيانات التي تُستخدم، فإن الوفيات بين المدنيين نتيجة العنف قد انخفضت انخفاضًا ملحوظاً، على الرغم من أنه من الواضح بأن مزيدًا من العمل ينبغي القيام به.

إن العنف العرقي – الطائفي هو مثار قلق بوجه خاص في العراق، حيث أنه بمثابة سرطان يستمر في الانتشار إذا تُرك دون أن يُوقف. وكما يبين المربع الذي في أسفل الخريطة إلى اليسار (الصورة رقم 3) فإن عدد الوفيات نتيجة عنف عرقي – طائفي قد انخفض منذ أن أدلينا بإفادتينا في أيلول/سبتمبر الماضي. وثمة عامل كبير هو الانخفاض في العنف العرقي – الطائفي في بغداد، كما هو مبين في المربعات التي تصور العاصمة العراقية على مر الزمن. وبعض هذا الانخفاض مؤداه، على وجه التأكيد، إلى التلاحم الطائفي في بعض أحياء بغداد، إلا أن هذا مجرد تفسير جزئي حيث أن عددًا لا يحصى من خطوط التصدع الطائفية والأحياء المختلطة العديدة لا يزال قائمًا في بغداد وأماكن أخرى. والحقيقة أن قوات التحالف والقوات العراقية ركزت على خطوط التصدع لتخفيض العنف وتمكين القادة السنة والشيعة من البدء في عملية طويلة لمعالجة الجراح في مجتمعاتهم المحلية.

وكما تبين هذه الخريطة (الصورة رقم 4) فعلى الرغم من أن عدد الهجمات التي تسلطت عليها الأضواء قد ازداد في آذار/مارس عندما زادت القاعدة من نشاطها، فإن المستوى الحالي لمثل هذه الهجمات يبقى دون ذروته التي سُجلت قبل عام بكثير. إضافة إلى ذلك، بينما ساعدنا على تحسين الأمن وركزنا على شبكات العدو، رأينا انخفاضًا في فعالية مثل هذه الهجمات. وبقي عدد الوفيات من جراء العنف العرقي – الطائفي، بوجه خاص، منخفضًا نسبيًا، مما يوضح عدم قدرة العدو حتى الآن على إعادة إشعال دورة العنف العرقي – الطائفي.

وقد شكل بروز المتطوعين العراقيين للمساعدة على تأمين مجتمعاتهم المحلية تطورًا مهمًا. وكما تبين هذه الخريطة (الصورة رقم 5)، فهناك الآن أكثر من 91.000 من "أبناء العراق" – شيعة وسنة – عاقدي العزم على مساعدة قوات التحالف والقوات العراقية على حماية أحيائهم وتأمين البنية التحتية والطرق. وقد ساهم هؤلاء المتطوعون مساهمة بالغة في مختلف المجالات، كما فاق التوفير في السيارات التي لم تفقد نتيجة انخفاض العنف – ولا نقول الأرواح التي تم انقاذها والتي لا تقدر بثمن – فاق كلفة عقودهم الشهرية بكثير.

وساهم أبناء العراق أيضا في اكتشاف مخابىء عبوات متفجرة وأسلحة ومتفجرات. وكما تبين هذه الخريطة (الصورة رقم 6) فإننا في الحقيقة عثرنا على مخابىء أسلحة عام 2008 أكثر مما عثرنا عليه في عام 2006 بالكامل. ونظرًا إلى أهمية أبناء العراق، فإننا نعمل بصورة وثيقة مع الحكومة العراقية لنقلهم إلى قوات الأمن العراقية أو أشكال أخرى من التوظيف، وقد تم قبول أكثر من 21.000 عنصر منهم حتى الآن في الشرطة أو الجيش أو مناصب حكومية أخرى. وكانت هذه العملية بطيئة لكنها جارية وسنستمر في مراقبتها بعناية.

وتدرك القاعدة أيضًا أهمية أبناء العراق، وقد استهدفتهم عناصر القاعدة تكرارًا، إلا أن هذه الهجمات، فضلا عن استخدام القاعدة للنساء والأطفال والمقعدين كمتفجري قنابل انتحاريين، قد زاد من نفور الشعب العراقي من القاعدة. وقد خفضت المطاردة الشرسة للقاعدة في العراق، مع خسارة القاعدة في العراق للدعم المحلي في كثير من المناطق، من قدرتها وأعدادها وحريتها في الحركة تخفيضًا كبيرًا. وتبين هذه الخريطة (الصورة رقم 7) التأثير الإجمالي للجهد المبذول ضد القاعدة في العراق وحلفائها المتمردين. وكما ترون، فإننا خفضنا وبشكل كبير المناطق التي تتمتع فيها القاعدة في العراق بدعم وملاذ آمن، رغم أنه من الواضح أن ما زال هناك الكثير الذي ينبغي عمله.

ورغم تنويهي بالتقدم الحاصل، فإن تنظيم القاعدة في العراق لا يزال قادرًا على شن هجمات فتاكة، ولذ يتعين علينا مواصلة الضغط بلا هوادة على هذه المنظمة وعلى الشبكات التي تساندها خارج العراق وعلى تدفقات الموارد التي تديم بقاءها. هذا الرسم البياني (الصورة رقم 8) يبين الاستراتيجية الشاملة التي نستخدمها نحن والعراقيون والوكالات المشتركة والشركاء الدوليون الآخرون لتجفيف الموارد التي تحتاج إليها القاعدة في العراق. وكما ترون، فإن دحر القاعدة في العراق يتطلب ليس فقط الإجراءات التي تقوم بها الصفوة من قوات مكافحة الإرهاب، وإنما يتطلب أيضا عمليات كبرى تشنها قوات التحالف والقوات العراقية التقليدية، كما يتطلب مجهودات استخباراتية متطورة، والتوصل إلى مصالحة سياسية، وبرامج اقتصادية اجتماعية، ومبادرات عملياتية ومعلوماتية، ونشاطًا دبلوماسيًا مكثفًا، وتوظيف مبادئ مكافحة التمرد في العمليات المتصلة بالمعتقلين والعديد من الإجراءات الأخرى. وفيما يتصل بهذا الجهد، أشيد بدعم الكونغرس لتوفير الأموال الإضافية للاستخبارات، والمراقبة والاستطلاع في الميزانية الإضافية المقبلة، لأن طلب الميزانية الإضافية يعد حيويًا لنجاح عملياتنا في العراق وفي غيره من الأماكن.

وفي الوقت الذي نقاتل فيه تنظيم القاعدة في العراق، يجب ألا يغيب عن بالنا بأن القيام بذلك لا يحد من فعالية مصدر رئيسي من مصادر عدم الاستقرار في العراق فحسب؛ وإنما أيضًا يضعف منظمة ينظر إليها كبار قادة تنظيم القاعدة باعتبارها أداة لنشر نفوذهم وإثارة عدم الاستقرار الإقليمي. وقد دعا كل من أسامة بن لادن وأيمن الظواهري باستمرار إلى استغلال الوضع في العراق، وقد رأينا أيضا القاعدة في العراق تشارك في أنشطة زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط الأوسع.

وبتكاتف الجهود التي نبذلها مع قوات الأمن العراقية، فقد ركزنا أيضا على الجماعات الخاصة. وهذه العناصر يمولها ويدربها ويسلحها ويوجهها فيلق القدس الإيراني بمساعدة من حزب الله اللبناني. إنها هي الجماعات التي أطلقت الصواريخ وقذائف الهاون الإيرانية على مقر الحكومة العراقية منذ أسبوعين، مسببة خسائر في الأرواح البشرية البريئة والخوف والهلع داخل العاصمة، مما تطلب ردًا من قبل قوات التحالف والحكومة العراقية. وقد أعرب الزعماء العراقيون وقادة التحالف عن رغبتهم مرارًا وتكرارًا في أن تلتزم إيران بالوعود التي قطعها الرئيس أحمدي نجاد وغيره من كبار الزعماء الإيرانيين بوقف دعمهم للجماعات الخاصة. بيد أن الأنشطة الشريرة التي يمارسها فيلق القدس تستمر، وقد بات القادة العراقيون يدركون مدى الخطر الذي تشكله هذه القوة على العراق. ويتعين علينا جميعًا مراقبة التصرفات الإيرانية عن كثب خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، حين يظهرون نوع العلاقات التي ترجو إيران أن ترتبط بها مع جارتها وطبيعة مستقبل التورط الإيراني في العراق.

قوات الأمن العراقية

وقد واصلت قوات الأمن العراقية تطورها منذ شهر أيلول/ سبتمبر، وحولنا المسؤوليات الأمنية إلى القوات العراقية حسبما تسمح به قدراتها والظروف الراهنة على الأرض. وحاليا، كما هو مبين في (الصورة رقم 9)، تخضع نصف محافظات العراق الـ18 للسيطرة العراقية الإقليمية. والعديد من هذه المحافظات — ليس فقط المحافظات الناجحة في المنطقة التي تخضع للحكومة الإقليمية الكردية، ولكن أيضًا عدد من المحافظات الجنوبية – تسير الأمور فيها سيرًا حسنًا.

وقد ظهرت تحديات في البعض الآخر، ومنها بالطبع، البصرة. ومع ذلك، ستستمر هذه العملية، ونحن نتوقع تحول محافظتي الأنبار والقادسية في غضون الأشهر القليلة المقبلة. وقد ازداد عديد القوات العراقية بشكل كبير منذ أيلول / سبتمبر، حيث أصبح عدد أعضاء قوات الأمن العراقية 540 ألف فرد. وارتفع عدد الكتائب القتالية القادرة على أخذ زمام المبادرة في العمليات، ولو أن ذلك يتم ببعض الدعم من قوات التحالف، إلى أكثر من 100 كتيبة (الصورة رقم 10).

وأصبحت هذه الوحدات تتحمل نصيبًا متزايدًا من الأعباء، كما يتضح من حقيقة أن خسائر قوات الأمن العراقية في الآونة الأخيرة فاقت خسائرنا بثلاثة أضعاف. وسوف نجري، بالطبع، مراجعة لما بعد الحدث مع شركائنا العراقيين في أعقاب العمليات الأخيرة، حيث أنه تبين، في بعض الحالات، أن هناك بعض الوحدات وبعض القادة كانوا مقصرين، ونتيجة لذلك يمكن التخفيف من تقييماتنا. ورغم ذلك، فإن أداء العديد من الوحدات كان قويًا، وخصوصًا بعد أن ثبّتت أقدامها واكتسبت قدرًا من الثقة، حيث أثبتت بعض عناصر القوات العراقية قدرتها التامة.

وتمثلت دعامة التقدّم الذي تحقق في السنة الماضية في التحسينات التي شهدتها المؤسسات الأمنية العراقية. إذ مكنت قاعدة التدريب القوية التي تجري بإدارة عراقية، مكنت قوات الأمن العراقية من النمو إلى ما يزيد على 133 ألف جندي وعنصر من الشرطة على مدى الأشهر الستة عشر الماضية. ومن المتوقّع أن تتمكن قاعدة التدريب التي لا زالت في توسع مستمر من تخريج 50 ألف جندي عراقي و16 كتيبة جيش وعمليات خاصة خلال الفترة المتبقية من عام 2008، بالإضافة إلى أكثر من 23 ألف شرطي و8 كتائب شرطة تابعة للشرطة الوطنية.

وبالإضافة إلى ذلك، تعكف الوزارات العراقية المعنية بشؤون الأمن على تحسين قدرتها على تطبيق الميزانيات الخاصة بها على نحو مطرد. وكما يوضح هذا الرسم البياني (صورة رقم 11) فقد أنفقت هذه الوزارات في عام 2007، كما في عام 2006، على قواتها أكثر مما قدمته الولايات المتحدة من خلال صندوق قوات الأمن العراقية. ونحن نتوقع أن تنفق ما يزيد على 8 بليون دولار على الأمن هذا العام، و11 بليون دولار العام المقبل، وقد مكننا هذا التصور مؤخرًا من تخفيض قيمة الاعتمادات التي طلبناها لقوات الأمن العراقية للعام المالي 2009 من 5.1 بليون دولار إلى 2.8 بليون دولار.

ورغم التحسن الذي حققته قوات الأمن العراقية، إلا أنها ما زالت غير مستعدة بعد للدفاع عن العراق أو الحفاظ على الأمن في جميع أنحاء البلاد بمفردها. وتبرز العمليات الأخيرة التي جرت في البصرة مدى التحسينات التي تمت في قدرة قوات الأمن العراقية على نشر أعداد كبيرة من الوحدات والإمدادات والبدائل خلال فترة زمنية قصيرة جدًا؛ لكنها بالتأكيد لم تكن قادرة على نشر قوة تتكون من فيلق كامل من وحدات الجيش والشرطة في فترة قصيرة جدًا منذ سنة. ومن ناحية أخرى، فإن العمليات الأخيرة أكّدت أيضًا على أنه لا يزال هناك الكثير مما يتحتم القيام به في مجالات النقل والإمداد وتمكين القوات وتطوير الموظفين والقيادة والسيطرة.

ونحن في الوقت ذاته نواصل مساعدة العراق من خلال برنامج الحكومة الأميركية للمبيعات العسكرية الخارجية. وحتى آذار/مارس 2008، كانت الحكومة العراقية قد ابتاعت أعتدة وخدمات عسكرية ذات منشأ أميركي بقيمة تزيد على بليوني دولار من خلال البرنامج المذكور. ومنذ أيلول/سبتمبر الماضي وبتشجيعكم لمنظمات هي جزء من عملية البرنامج، تحسن إيصال الأسلحة مع سعي نظام برنامج مبيعات الأسلحة لدعم متطلبات عاجلة في زمن الحرب. وكنقطة متصلة بذلك، سأطلب من الكونغرس دراسة إعادة تمويل "البرنامج الدولي للتدريب والتعليم العسكري" الذي يدعم التعليم لضباط عسكريين عراقيين من الرتب الوسطى والعليا ولقادة مدنيين، كما أنه عنصر هام في تنمية القادة الذين سيحتاجهم العراق مستقبلا.

التحديات المقبلة:وفي حين شهد الوضع الأمني تحسّنا في العديد من المجالات وأصبحت قوات الأمن العراقية تتحمّل جزءًا أكبر من العبء فإن الوضع في العراق لا يزال في منتهى التعقيد وفي غاية التحدي. ويجوز أن يواجه العراق انبعاث القاعدة من جديد كما يمكن لجماعات شيعية أخرى أن تخرق أمر مقتدى الصدر بوقف إطلاق النار وأن تعاود العنف. أما الجهات الخارجية مثل إيران فيمكنها أن تذكي أوار العنف داخل العراق فيما يمكن لأعمال جارات أخرى للعراق أن تقوّض الوضع الأمني أيضًا.

ومن المفارقة أنه يمكن أن تتأتّى تحديات أخرى نتيجة لتحسّن الوضع الأمني الذي وفر فرصًا لإحراز تقدم سياسي واقتصادي وتحسين الخدمات على المستويات الوطنية والإقليمية والمحليّة. الا أن هذه التحسينات ولدّت توقعات بأن التقدم سوف يستمر. وفي الأشهر القادمة سيكون لزامًا على زعماء العراق أن يعززوا من طاقات الحكومة وينفذّوا بنود الموازنة ويقروا تشريعات أخرى ويجروا انتخابات محلية (في المحافظات) وينظموا تعدادًا للسكان ويقرروا مصير مناطق متنازع عليها ويعيدوا توطين لاجئين ومواطنين نازحين داخل البلاد. وهذه المهام ستمثّل تحديات لأية حكومة، ناهيك عن حكومة لا تزال في مرحلة تطور وضعتها الحرب على المحكّ.

أما برنامج القائد للردّ الطارئ، وصندوق الردّ السريع لوزارة الخارجية الأميركية، وبرامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية فهي تمكننا من مساعدة العراق على التعامل مع هذه التحديات. وتحقيقًا لهذا الغرض فانني أتقدم منكم بطلب توفير مبالغ أضافية لبرنامج القائد للرد الطارئ بحلول حزيران/يونيو التي طُلب اعتمادها في الميزانية الإضافية. وسيكون لهذه المبالغ أثر هائل. وكما أسلفت فان الرواتب التي تدفع لتنظيم "أبناء العراق" وحدها تكلف أقل بكثير مما يتم توفيره من نفقات العربات التي لا نفقدها نتيجة للأمن المعزز في كافة البلدات المحلية. وما هو مشجع أن الحكومة العراقية خصصت لنا مؤخرًا 300 مليون دولار لإدارة شؤون برنامج الرد الطارئ للقيام بمشاريع من أجل شعبها وفي نفس الوقت بناء طاقتها الذاتية للقيام بذلك. وقد تعهدت الحكومة العراقية بمبلغ 163 مليون دولار للوفاء بصورة متدرّجة بعقود "أبناء العراق"، إضافة الى مجموع 510 ملايين دولار لقروض مشاريع صغيرة، و196 مليونًا "للبرنامج المشترك للتدريب والتعليم وإعادة الدمج." وتعهدت حكومة العراق أيضًا بتوفير المزيد من الأموال وهي تنفّذ بنود موازنتها التي تم إقرارها قبل شهرين. ومع ذلك ومن الأهمية البالغة بمكان أن تظل مواردنا متوفرة حتى حينما يتجاوز ما سيخصصه العراق من أموال مبالغنا.

التوصيات:

في الشهر الماضي رفعت الى سلّم القيادة العسكرية توصيات بخصوص المسار القادم في العراق. وخلال هذه العملية أشرت الى هدف الاحتفاظ بمكاسبنا الأمنية التي تحققت بجهد بالغ، والبناء على أسسها، في الوقت الذي نسحب قوات ليبلغ مجموعها 15 لواءاً قتاليًا أي ما كانت عليه قبل زيادة عديد القوات. وشدّدت على الحاجة لمواصلة العمل مع شركائنا العراقيين لبسط الأمن في أوساط السكان ونقل المسؤوليات الى العراقيين بالسرعة التي تتيحها الظروف، لكن دون تعريض المكتسبات الأمنية التي تحققت للخطر. وكما في أيلول/سبتمبر، ترتكز توصياتي على اعتبارات استراتيجية وعملياتية.

والإعتبارات العملياتية تشمل الإقرار بما يلي:- زيادة عدد القوات العسكرية أحرزت تقدّما، لكن هذا التقدم يمكن أن يزول؛- عززت قوات الأمن العراقية قدراتها وإن لا يزال يتعين عليها تنميتها أكثر؛- الإنتخابات المحلية في خريف هذا العام، وعودة اللاجئين والإفراج عن محتجزين وجهود تسوية النزاعات الحدودية في المحافظات، ومسائل تتعلق بالمادة 140، ستتسم بتحد بالغ؛- تحويل "أبناء العراق" إلى قوات الأمن العراقية أوالمشاريع الأخرى سيتطلب وقتا ومتابعة دقيقة؛- سحب عدد كبير من القوات وعلى وجه السرعة يمكن أن يهدّد التقدم الذي تحقق في العام الماضي؛- أداء المهام الضرورية في العراق سيقتضي وجود عدد كبير من القوات التقليدية، إضافة الى قوات عمليات خاصة وفرق مستشارين؛

أما الإعتبارات الإستراتيجية فتشمل الإقرار بما يلي:- إن الضغوط على الجيش الأميركي لا سيما القوات البرية كانت ولا تزال جسيمة.- إن عددًا من التحديات الأمنية داخل العراق متصل بتهديدات كبيرة على الصعيدين الإقليمي والعالمي. - إن وجود دولة فاشلة في العراق سيكون له تداعيات خطيرة للكفاح الأعظم ضد القاعدة وللإستقرار في المنطقة، وللأزمة الإنسانية القائمة فعلا في العراق، ولمجهود التصدي لنفوذ إيراني خبيث.

وبعد دراسة هذه العوامل أوصيت لسلم القيادة بأن نواصل سحب القوات القتالية التي تم إضافتها من قبل في إطار عملية زيادة عديد القوات، وأنه بعد سحب آخر لواء قتالي منها في تموز/يوليو سنقوم بعملية توحيد وتقييم على مدى 45 يوما، على أن نبدأ في نهايتها عملية تقييم لدراسة الظروف على الأرض، وبمرور الوقت نقرر متى يمكننا أن نرفع توصيات حيال إجراء تخفيضات أخرى في عديد القوات.

وهذه العملية ستكون متواصلة تنفذ خلالها تخفيضات كما تسمح الظروف. وهذا النهج لا يتيح وضع جدول زمني محدد للإنسحاب، لكنه يوفر فعلاً المرونة التي يحتاجها منا في الميدان للحفاظ على المكاسب الأمنية التي لا تزال هشّة والتي قاتلت قواتنا جاهدة وضحّت بالكثير لتحقيقها.

ومع اعتماد هذا النهج، فإن الإنجازات الأمنية في عامي 2007 و2008 يمكن أن تشكل الركيزة لترسيخ متدرج لأمن مستدام في العراق. وهذا لا يعتبر هامًا فقط لـ27 مليون مواطن عراقي فحسب، بل أنه ذو أهمية لشعوب منطقة الخليج ولمواطني الولايات المتحدة وللمجتمع العالمي أيضًا. ومن الجلي أنه في مصلحتنا القومية أن نساعد العراق على الحؤول دون انبعاث القاعدة مجددًا في قلب العالم العربي والمساعدة في مقاومة التحرشّات الإيرانية ضد سيادته وتفادي تجدد أعمال العنف العرقية-الطائفية التي يمكن أن تتسرّب الى خارج حدود العراق وأن تفاقم أزمة اللاجئين الحالية، كما أنه ينبغي أن نمكن العراق من توسيع دوره في الإقتصادات الإقليمية والعالمية.

ملاحظات ختامية:

في الختام أود أن أدلي بتعليقات مقتضبة حول الذين يخدمون أمتنا في العراق. لقد طلبنا الكثير جداً منهم ومن أسرهم، وقد قاموا بتقديم تضحيات هائلة. إن إدراكي الشخصي الواثق بالضغوط التي يتعرضون لها جميعاً هم والقوة العسكرية هناك كانت تشكل عنصرًا هامًا في توصياتي.إن السلطة التشريعية (الكونغرس) والسلطة التنفيذية ومواطنينا قد أبدوا قدرًا كبيرًا من الدعم لقواتنا ولأحبّتهم، وجميعنا ممتنون لذلك. وما من شيء أكثر أهمية لهؤلاء الذين تحيق بهم الأخطار من إدراكهم بأن بلادهم تثمّن غاليًا تضحياتهم وتضحيات أسرهم. وفي الحقيقة، يجب أن يعتز جميع الأميركيون بالرجال والنساء الذين يخدمون أمتنا في العراق وببسالتهم ورباطة جأشهم وعزيمتهم ومبادرتهم التي يظهرونها ويتحلون بها يومًا بعد يوم.وإنه لأعظم شرف لي أن أكون جنديًا إلى جانبهم.شكرا جزيلاً لكم.

نص كلمة السفير الأميركي أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي يوم 8 نيسان/أبريل، 2008

واشنطن، 8 نيسان/أبريل 2008 – في ما يلي نص الشهادة التي أدلى بها السفير الأميركي في العراق وممثل الرئيس بوش الخاص في تلك الدولة أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي اليوم، 8 الجاري، والتي تضمنت تقييمه للوضع في العراق على جميع الصعد.

بداية النص شهادة السفير ريان سي. كروكر أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ8 نيسان/أبريل 2008

السيد رئيس اللجنة، حضرة السناتور مكين، أعضاء اللجنة:

يشرفني أن أمثل أمامكم لتقديم تقييمي للتطورات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية في العراق. عندما قدمنا أنا والجنرال باتريوس إفادتنا لكم في شهر أيلول/سبتمبر، قدمت حكمي الموزون في ما يتعلق بما إذا كانت أهدافنا في العراق ممكنة التحقيق – هل يمكن للعراق أن يتطور إلى بلد موحد ومستقر تحكمه حكومة منتخبة ديمقراطيا وتعمل في ظل حكم القانون؟

قلت في شهر أيلول/سبتمبر الماضي إن المسار المتراكم للتطورات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية في العراق يتجه نحو الأعلى، إلا أن مستوى انحدار ذلك الخط ليس سحيقا. وقد عززت التطورات خلال الأشهر السبعة الماضية إحساسي بوجود توجه إيجابي. ولا زالت هناك تحديات هائلة، كما أن التقدم ليس متكافئا وكثيرا ما يكون بطيئا إلى درجة تثير الإحباط، ولكن هناك تقدما. وستتطلب المحافظة على ذلك التقدم تصميما والتزاما أميركيا متواصلا. وما تم إنجازه بالغ الأهمية، ولكنه قابل للتلاشي. قبل خمس سنوات تم إسقاط تمثال صدام حسين في بغداد. وقد تبخرت سعادة تلك اللحظة منذ وقت طويل. ولكن مع خروج العراق من العنف المدمر الذي شهده في العام 2006 وأوائل العام 2007 فإن هناك ما يدعو إلى المحافظة على هذا الالتزام والاستثمارات الهائلة التي قدمناها في كل من حياة شبابنا وشاباتنا الشجعان ومن مواردنا. اسمحوا لي أن أصف التطورات التي أبني عليها مثل هذا الحكم.

المصالحة: السياسة الوطنية والمتعلقة بالمحافظات

التطور الأول على الصعيد الوطني يتمثل في شكل تشريع وتطور البرلمان العراقي. لقد أصبنا بخيبة أمل في شهر أيلول/سبتمبر لأن العراق لم يسن بعض التشريعات الأساسية. إلا أن البرلمان العراقي قام خلال الأشهر العديدة الماضية بصياغة ومناقشة قوية، وفي حالات كثيرة بإقرار تشريعات تتعلق بقضايا حيوية للمصالحة وبناء البلاد. وعمم قانون للتقاعد فوائد ومزايا للأفراد الذين حرموا في السابق منها بسبب خدمتهم في ظل النظام السابق. ويعكس قانون المساءلة والعدالة (الإصلاح المتعلق باجتثاث حزب البعث)، الذي تم إقراره بعد مناقشات طويلة تميزت في كثير من الأحيان بالجدل والنزاع، يعكس روحا قوية للمصالحة كما هو الحال بالنسبة لقانون العفو الواسع الأثر.

ويعدّ قانون سلطات المحافظات خطوة رئيسية إلى الأمام في تحديد العلاقة بين الحكومة الفيدرالية وحكومات المحافظات. وقد تطلب إقرار هذا القانون نقاشا حول الطبيعة الأساسية للدولة، وهو مماثل في تعقيده لنقاشنا الطويل والصعب حول حقوق الولايات (في الولايات المتحدة تاريخيا). كما دعا قانون سلطات المحافظات إلى إجراء انتخابات على مستوى المحافظات بحلول الأول من شهر تشرين الأول/أكتوبر 2008. وهناك قانون انتخابي قيد البحث حاليا، وسوف يحدد هذا القانون حدود ومعالم الانتخابات. وقد أعلنت جميع الأحزاب الرئيسية دعمها لهذه الانتخابات التي ستكون خطوة رئيسية إلى الأمام في التطور السياسي للعراق وستمهد الطريق للانتخابات الوطنية في أواخر العام 2009.

وتعني موافقة البرلمان العراقي في شهر كانون الثاني/يناير على تغيير تصميم العلم العراقي أن العلم يرفرف الآن في جميع أنحاء البلاد لأول مرة منذ عدة سنوات. ويضمن إقرار الميزانية للعام 2008، والتي تتضمن مبالغ قياسية من النفقات الرأسمالية، يضمن حصول الحكومة الفدرالية وحكومات المحافظات على الموارد اللازمة للإنفاق العام. وقد تحقق كل ذلك منذ شهر أيلول/سبتمبر. وهذه القوانين ليست مثالية وتعتمد كثيراً على الطريقة التي سيتم بها تنفيذها، ولكنها تعد خطوات مهمة.

كما أن من الأهمية بمكان التطور الذي شهده البرلمان العراقي كمؤسسة وطنية. وقد عانى المجلس في شهر أيلول/سبتمبر الماضي من نزاعات حول القيادة والإجراءات مستمرة وفي أحيان كثيرة مؤدية إلى شل الحركة. وهو يصارع ويعالج حاليا بنجاح قضايا معقدة ويتوصل إلى مبادلات وصفقات مبنية على تقديم التنازلات. ومع تحول النقاشات في البرلمان العراقي نحو كيفية حل المشاكل الصعبة بطريقة عملية، أصبحت السياسة العراقية أكثر مرونة وسلاسة. وبينما تهيمن على السياسة أسس وانتماءات طائفية، فإن التحالفات الطائفية قد تشكلت والتفت حول قضايا معينة، والتجمعات الطائفية السياسية، التي كثيرًا ما كانت تشكل عائقاً أمام إحراز تقدم، قد أضحت أكثر مرونة.

إسمحوا لي أيضا أن أتحدث عن الأمور غير الملموسة: المواقف بين السكان والأحاديث التي تدور بين الزعماء العراقيين. شكك أشخاص كثيرون خلال العامين 2006 و2007 في ما إذا كانت الكراهية بين العراقيين من مختلف الخلفيات الطائفية عميقة بحيث أن اندلاع حرب أهلية كان شيئا حتميا. وتواصل حركة الصحوة السنية في الأنبار، التي جابهت القاعدة بشجاعة كبيرة، تواصل المحافظة على السلام في المنطقة وعلى بقاء القاعدة خارجها. كما أن مدينة الفلوجة التي كانت في وقت من الأوقات رمزا للعنف والإرهاب، أصبحت الآن واحدة من أكثر مدن العراق أمنا. وتتمتع مدينتا النجف وكربلاء الشيعيتيان المقدستان بالأمن والازدهار المتزايد بعد الرفض الشعبي لنشاطات الميليشيات المتطرفة. وقد لعبت الزعامة الدينية الشيعية – المرجعيات – ومقرها النجف – دورا هادئا ولكنه دور مهم في دعم الاعتدال والمصالحة. وفي بغداد، يمكننا أن نرى أن العراقيين ليسوا منقسمين ضد بعضهم البعض على أساس الانتماء الطائفي. وقد حدّت التحسينات الأمنية خلال الأشهر الماضية من جو الشك والارتياب وأتاحت القيام بأعمال إنسانية تجاوزت الهويات الطائفية.

عندما وصلتُ إلى بغداد قبل سنة، كانت أول زيارة أقوم بها إلى واحدة من مناطق المدينة زيارة حي الدورة ذي الأغلبية السنّية. وكانت قوات الطفرة قد بدأت لتوها التحرك إلى داخل الأحياء التي كانت ما زالت خاضعة لقبضة القاعدة. وكان السكان مرعوبين من المليشيات الشيعية المتطرفة. وفي نهاية شباط/فبراير، أي بعد أقل من سنة من ذلك، عبر آلاف الحجاج الشيعة الشوارع في طريقهم إلى كربلاء لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين. وخرج السكان السنة يقدمون الطعام والماء للحجاج أثناء مرورهم فيما انضم بعضهم إلى موكب الحجيج.

لقد طغت أنباء الوضع في البصرة على ما عداها من أنباء العراق في الأسابيع الأخيرة. وأصبح من الصعب، مع لقطات الصور ومناظر العنف المتزايد والمسلحين الملثمين في الشوارع، رؤية كيفية مقارنة هذا الوضع مع الحديث عن التقدم في العراق. فما زال هناك الكثير مما ينبغي على الحكومة العراقية أن تفعله لفرض سيطرتها كاملة على شوارع البصرة والتخلص من جماعات المتطرفين والمجرمين والمليشيات المتحصنة هناك.

وعندما ينظر إلى قرار العراق بمحاربة تلك الجماعات في البصرة من منظور أوسع، يتبين أن له أهمية كبرى. فقد برهنت الحكومة العراقية ذات الأغلبية الشيعية التي يتزعمها رئيس الوزراء (نوري) المالكي، أولا، على التزامها بالتخلص من المجرمين والمتطرفين، بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية. ثانيا، تصدرت قوات الأمن العراقية تلك العمليات في البصرة وفي بلدات ومدن الجنوب الأخرى. وقد قامت عناصر من القوات البريطانية والأميركية بأدوار هامة، لكنها كانت أدوارا مساندة كما كان ينبغي لها أن تكون.

وقد أدت عملية البصرة أيضا إلى زعزعة السياسات العراقية. إذ عاد رئيس الوزراء من البصرة إلى بغداد قبل وقت قصير من مغادرتي لها في طريقي إلى واشنطن – وهو واثق من صحة قراره ومصمم على تشديد الحرب ضد الجماعات غير المشروعة، لكنه مصمم أيضا على إلقاء نظرة متعمقة على الدروس المستقاة. وتلقى جهود الحكومة ضد عناصر المليشيات المتطرفة تأييدا سياسيا واسع النطاق مثلما اتضح ذلك من بيان صدر في 5 نيسان/أبريل من الزعماء السياسيين العراقيين البارزين من سنة وشيعة وأكراد.

في غضون ذلك لا يزال الاتجاه الصدري هو "كارت الفرار" – كما لا يزال من غير المعروف ما إذا كان العراقيون يستطيعون أن يدقوا إسفينا بين عناصر ذلك التيار والجماعات الأخرى التي تدعمها إيران. فمن التطورات الخطيرة التي أعقبت عملية البصرة مباشرة ما بدا من عودة الوحدة بين الجماعات الخاصة وجيش المهدي. وقد شهدنا احتمال انهيار "تجميد" العمليات العسكرية الذي كان أعلنه جيش المهدي. إلا أن مقتدى الصدر أصدر في الوقت الذي كان فيه الوضع يزداد تكشفا بيانا تبرأ فيه من أي شخص يحمل "سلاحا ثقيلا" – مما يشير بصفة خاصة إلى أسلحة الجماعات الخاصة. ومن شأن ذلك البيان أن يوضح الفارق المميز بين التيار الصدري الذي ينبغي أن لا يشكل تهديدا للدولة العراقية وبين أعضاء "الجماعات الخاصة" الذين يشكلون مثل (هذا الخطر).

إحدى النتائج التي أستخلصها من الأدلة على التقدم هي أن الاستراتيجية التي بدأت بالدفع بطفرة القوات هي استراتيجية ناجحة. ولكن ذلك لا يعني على أي حال أن الدعم الأميركي يجب أن يكون بلا نهاية، أو أن مستوى أو طبيعة تعاطينا لا ينبغي أن يبدأ بالانحسار مع الوقت. وفي هذا الإطار بالذات، بدأنا التفاوض حول العلاقة الثنائية بين العراق والولايات المتحدة. في آب/أغسطس طالب الزعماء العراقيون الرئيسيون الخمسة بعلاقة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة تتضمن تعاونا اقتصاديا وسياسيا ودبلوماسيا وأمنيا. وسيكون صلب هذه العلاقة هو إطار قانوني لوجود القوات الأميركية مماثلاً للأطر القانونية التي تحكم وجود القوات الأميركية في حوالي 80 بلدا في العالم.

إن العراقيين ينظرون إلى التفاوض حول هذا الإطار على أنه تأكيد قوي لسيادة العراق – إذ أنه يضع العراق على قدم المساواة مع حلفاء الولايات المتحدة الآخرين ويزيل وصمة وضع الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي تعمل بموجبه قوات التحالف حاليا. ومثل هذا الاتفاق هو في مصلحة العراق – ومصلحتنا. إن القوات الأميركية ستبقى في العراق إلى ما بعد 31 كانون الأول/ديسمبر، 2008، عندما ينتهي أجل قرار الأمم المتحدة الذي ينظم وجودها. وستحتاج قوات أخرى إلى تفويض وحماية أساسيين لكي تواصل عملياتها – وهذا الاتفاق سيوفر ذينك الترخيص والحماية.

إن الاتفاق لن ينشىء قواعد دائمة في العراق، ونحن نتوقع بأنه يتنصل منها بصورة صريحة. ولن يحدد الاتفاق مستويات القوات، كما أنه لن يقيد يدي الحكومة (الأميركية) القادمة. هدفنا هو أن نضمن بأن الرئيس القادم سيصل إلى مكتبه بأساس راسخ يبني عليه قراراته السياسية، وذلك بالضبط ما سيفعله هذا الاتفاق. وسيبقى الكونغرس على اطلاع كلي بينما تستمر هذه المفاوضات في الأسابيع والأشهر القادمة.

حضرة الرئيس، إن تحديات مهمة تبقى قائمة في العراق. وإن وجود حكومة أعيد تنشيطها ضروري لكل من التوازن السياسي ولتحسين مستوى تقديم الخدمات للشعب العراقي. وتحديات فرض القانون، خصوصا ما يتعلق بالفساد، لا زالت كبيرة جدا. ويتعين حل مسألة الحدود الداخلية المتنازع عليها – عملية المادة 140. وعودة اللاجئين والأشخاص المشردين محليا يجب أن تعالج. وحقوق المرأة والأقليات ينبغي أن تصان بصورة أفضل. والعراقيون واعون للتحديات التي يواجهونها، وهم يعملون على معالجتها.

إن تقدم العراق السياسي لن يسير في خط مستقيم. فالتطورات الإيجابية بوجه عام يمكن مع ذلك أن تكون لها نتائج غير متوقعة أو مخلة بالاستقرار. ثم إن قرار عقد انتخابات في المحافظات – وهي حيوية للتطور الديمقراطي للعراق وللاستقرار في الأمد الطويل – ستنتج أيضا توترات جديدة. ويعكس بعض العنف الذي شاهدناه مؤخرا في جنوب العراق بعض الديناميكيات المتغيرة ضمن المجتمع الشيعي بينما يتغير الإطار السياسي والأمني. ومثل نقاط الانعطاف هذه تؤكد هشاشة الوضع في العراق، ولكن سيكون من الخطأ الاستنتاج بأن أي انفجار للعنف يسجل بداية انحدار حتمي.

الاقتصاد وبناء القدرةفي أيلول/ تشرين الأول ذكرت لكم أنه كان هناك بعض المكاسب في اقتصاد العراق وفي جهود البلاد لبناء قدرة لترجمة هذه المكاسب إلى حكم وخدمات أكثر فعالية. وقد بنى العراقيون على هذه المكاسب خلال الأشهر الماضية، كما هو واضح من انتعاش الأسواق عبر العراق وإعادة فتح أعمال كانت متوقفة منذ مدة طويلة. ووفقا لاستطلاع أجراه مركز المشاريع الخاصة الدولي في الشهر الماضي، فإن 78 بالمئة من أصحاب مؤسسات الأعمال العراقيين الذين جرى الاتصال بهم يتوقعون أن ينمو الاقتصاد العراقي نموا كبيرا خلال العامين القادمين. ومع تحسن الوضع الأمني وزيادة الإنفاق الحكومي، يتوقع صندوق النقد الدولي نمو إجمالي الناتج القومي العراقي بنسبة 7 بالمئة بصورة حقيقية هذا العام، في حين تمت السيطرة على التضخم. ولا يزال الدينار العراقي قويا بينما بدأ المصرف المركزي في تخفيض معدلات الفائدة.

وقد تم تخصيص مبلغ 13 بليون دولار في ميزانية العراق للعام 2008 لإعادة الإعمار، وستستثمر ميزانية إضافية بمبلغ 5 بلايين دولار هذا الصيف عائدات التصدير في بناء البنية الأساسية وتوفير الخدمات التي تمس حاجة العراق إليها. وسيفيد هذا الإنفاق الولايات المتحدة أيضا – فقد أعلن العراق مؤخرا قراره شراء 40 طائرة تجارية من الولايات المتحدة بتكلفة تبلغ نحو 5 بلايين دولار.

وفي الوقت الذي اكتسب فيه العراق موارده المالية التي يحتاجها لعمليات البناء الأساسية عن طريق إنتاج النفط وتصديره، تحول اهتمامنا الأساسي إلى تطوير الإمكانيات والتأكيد على تطور ما بعد الحركة وذلك من خلال شبكة فرقنا الخاصة بإعادة إعمار المحافظات. فقد انتهى عهد مشاريع البنية التحتية التي تمولها الولايات المتحدة. فنحن نسعى إلى ضمان أن تعمل مساعدتنا من خلال المشاركة مع العراق في زيادة موارد العراق الخاصة. وقد عكفت فرقنا لإعادة إعمار المحافظات التي يبلغ عددها 25 فرقة العاملة في العراق على تحسين الحكم في المحافظات والحكم المحلي وخاصة بالنسبة لوضع الميزانيات وتطبيقها. وهي تساعد أيضا في إقامة الروابط الضرورية جدا بين حكومات المحافظات والحكومة الفدرالية. ولفرقنا لإعادة الإعمار دور كبير في بناء القدرات، ولذلك نحن نعمل على ضمان استمرار حيويتها في الوقت الذي تتم فيه إعادة نشر قواتنا. وللمبالغ الضئيلة التي توزعها تلك الفرق بموجب مخصصات الاستجابة السريعة تأثير كبير في المجتمعات المحلية، ولذا فإن دعم الكونغرس هام كما هو هام بالنسبة للبرامج الحيوية في طلب الميزانية الإضافية للسنة المالية 2008 للحرب العالمية على الإرهاب.

يتزايد استخدام العراق لموارده الخاصة بتمويل المشاريع والبرامج التي وضعناها نحن. وقد خصص مبلغ 200 مليون دولار لتمويل برنامج لتوفير التدريب المهني للمواطنين المحليين المهتمين الذين وقفوا معنا في بناء قوات الصحوة. وقد ساعد مستشارونا للمساعدة الفنية في تصميم الإجراءات الجديدة لنظام المشتريات لوزارة النفط العراقية. كذلك وضعنا المواصفات الفنية التي ستستخدمها شركة النفط العراقية التي تملكها الحكومة لبناء أرصفة ومنصات جديدة لتصدير النفط وخطوط أنابيب تحت الماء تقدر تكاليفها بأكثر من بليون دولار. وفي بغداد تقدمت البلدية خلال الشهور الثلاثة الماضية لتتولي عقود عمالة تبلغ قيمتها 100 مليون دولار كنا نحن نقوم بتمويلها بموجب برنامج استقرار المجتمع.

الاقتصاد العراقي هش، شأنه في ذلك شأن الكثير من الأمور في العراق، مكاسبه قابلة للتعثر والانتكاس، والتحديات القائمة في المستقبل كبيرة. ولذا فإن العراق بحاجة إلى استمرار تحسن إمكانياته الحكومية والموافقة على قانون النفط على المستوى القومي للبلاد وإلى زيادة إنتاجه من الطاقة الكهربائية وتوزيعها وتحسين مناخ الاستثمارات الأجنبية والمحلية وخلق فرص عمل للمدى القصير والطويل ومعالجة المشاكل الهيكلية والاقتصادية للنظام الزراعي الحيوي. ونحن بدعم من شركائنا الدوليين بما في ذلك الأمم المتحدة والبنك الدولي، سنساعد العراقيين في معالجة جدول الأعمال هذا الحافل بالتحديات.

الحراك الديناميكي الإقليمي والدولي

عملنا إلى جانب الطفرة الأمنية في العام الماضي على بدء طفرة دبلوماسية – انصبت على تعزيز دور الأمم المتحدة في العراق وترسيخ اتفاق الميثاق الدولي مع العراق وإنشاء عملية الجيران الموسعة التي تعمل بمثابة فريق اتصال لدعم العراق.

وقد اغتنمت الأمم المتحدة فرصة تمديد الانتداب الممنوح لبعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق لزيادة نطاق نشاطها وحجم موظفيها. وتقوم بعثة الأمم المتحدة للمساعدة تحت قيادة نشيطة جديدة بدور هام في التحضير لانتخابات المحافظات وذلك عن طريق تقديم المساعدات الفنية لحل النزاعات القائمة حول الحدود المحلية. كذلك أعادت مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين موظفيها الدوليين إلى العراق للمساعدة في عودة النازحين في الداخل واللاجئين. ويوفر الميثاق الدولي مع العراق إطارا يستمر خمس سنوات لإصلاح العراق اقتصاده وتحقيق الاكتفاء الاقتصادي الذاتي مقابل الإعفاء من عبء الدين المستحق من عهد صدام. ويجري الإعداد حاليا لعقد اجتماع لمجموعة الميثاق الدولي على المستوى الوزاري في السويد في الشهر القادم. وكانت 74 دولة ممثلة في اجتماع الميثاق الذي عقد في مصر في العام الماضي.

ويدرك جيران العراق أيضا أن لهم مصلحة كبرى في مستقبل العراق. وقد استضافت تركيا في تشرين الثاني/نوفمبر المؤتمر الثاني لجيران العراق، وستستضيف الكويت المؤتمر الثالث في وقت لاحق من هذا الشهر. ويضم المؤتمر بالإضافة إلى كل جيران العراق الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية ومجموعة الدول الثماني الصناعية.

لم يكن التأييد من العواصم العربية قويا – ولذا يجب أن يتحسن من أجل مصلحة العراق ومصلحة المنطقة. وقد قوبل بالترحيب إعلان البحرين مؤخرا أنها ستعيد سفيرها إلى بغداد، وعلى الدول العربية الأخرى أن تحذو حذوها. صحيح أن العراق بلد متعدد القوميات لكنه أيضا عضو مؤسس للجامعة العربية وجزء لا يتجزأ من العالم العربي. وقد استضاف العراق في الشهر الماضي مؤتمرا لاتحاد البرلمانيين العرب جمع رؤساء المجالس النيابية والاستشارية العربية في العراق في أول اجتماع عربي هام هناك منذ العام 1990. ومن الجدير بالذكر أن الاجتماع عقد في إربيل في المنطقة الكردية، تحت العلم العراقي الذي أعيد تصميمه مؤخرا، حيث دلل المؤتمر على الازدهار الملحوظ والاستقرار اللذين تتمتع بهما المنطقة الكردية بحضور الحكومة الفيدرالية. وأملنا أن يساعد هذا الحدث على مشاركة عربية أكثر نشاطا وفاعلية مع العراق ونتوقع أن تلقى جهود رئيس الوزراء [نوري] المالكي ضد المليشيات الشيعية المتطرفة في البصرة تأييدا عربيا.

لقد أدى وجود حزب العمال الكردستاني الإرهابي في الجبال النائية عند الحدود التركية إلى قيام توتر بين تركيا والعراق وأدى إلى قيام تركيا بعملية عبر الحدود في شباط/فبراير، بما فيها دخول قوات برية تركية إلى العراق. وقد عملت حكومتا البلدين في الوقت ذاته على تنقية أجواء العلاقات بينهما وتقويتها، وقام الرئيس (جلال) الطلباني بزيارة ناجحة إلى تركيا في آذار/مارس.

سورية، من جهتها، تلعب دورا متناقضا. فقد شهدنا دلائل على قيامها بجهود لاعتراض بعض المقاتلين الأجانب الساعين إلى دخول العراق عبر أراضيها، لكنه ما زال هناك آخرون يعبرون حدود سورية التي تستضيف أيضا أفرادا يقومون بتمويل ودعم التمرد العراقي.

وإيران ما زالت تقوض جهود الحكومة العراقية الرامية إلى إقامة دولة مستقرة آمنة وذلك عن طريق تمكين وتدريب عناصر المليشيا الإجرامية التي تقوم بأعمال العنف ضد قوات الأمن العراقية وقوات الائتلاف والمدنيين العراقيين. وقد تبين مدى تأثير إيران الضار بشكل مؤثر عندما اشتبكت عناصر المليشيا التي سلحتها ودربتها إيران مع قوات الحكومة العراقية في البصرة وبغداد. وكان الرئيس (بوش) عندما أعلن عن الطفرة قد تعهد بملاحقة شبكات القتل المدعومة من إيران في العراق وتدميرها. ونحن نعرف الآن أكثر من أي وقت مضى عن تلك الشبكات وعن فيلق القدس الذي يتبناها. ونحن نؤيد في الوقت ذاته قيام علاقات بناءة بين إيران والعراق ونشارك في عملية ثلاثية الأطراف لبحث الوضع الأمني في العراق. وقرار الخيار عائد لإيران الآن.

التطلع إلى الأمامالسيد الرئيس، إن كل ما يتعلق بالعراق أمر صعب. وسيستمر الوضع صعبا طالما ظل العراقيون يكافحون لإصلاح الضرر الذي أحدثته جراح 35 سنة من حكم البعث الاستبدادي. غير أن الصعوبة لا تعني فقدان الأمل، وما العملية الاقتصادية والسياسية التي شهدتها الشهور القليلة الماضية سوى شاهد هام. غير أنه يجب عليّ أن أبين أن تلك المكاسب هشة ويمكن لها أن تنتكس. وقد استثمر الأميركيون وضحوا بالكثير في العراق من دم ومال، ومن حقهم أن يسألوا عن استحقاق ذلك وعن ما إذا كان قد آن الأوان لكي نتخلى ونترك العراقيين يدافعون عن أنفسهم. إن العراق يملك إمكانية التحول إلى ديمقراطية مستقرة آمنة متعددة الأعراق ومتعددة الطوائف في ظل حكم القانون. أما تحقيق تلك الإمكانية فعائد للشعب العراقي في نهاية المطاف، إلا أن دعمنا سيبقى أساسيا. وقد قلت في أيلول/سبتمبر إنني لا أستطيع أن أضمن النجاح في العراق. وهكذا ما زال الحال على الرغم من أننا أصبحنا الآن أقرب إلى ذلك. وأنا ما زلت عند قناعتي بأن تغييرا أساسيا في تعاطينا الحالي في العراق سيؤدي إلى الفشل، ولذا يجب أن نكون واضحين مع أنفسنا بالنسبة لما سيعنيه الفشل.

إن القاعدة متراجعة في العراق، لكنها لم تنهزم بعد. وقادة القاعدة يتربصون بأي فرصة يمكنهم استغلالها. وقد وصف أسامة بن لادن العراق بأنه "القاعدة المثالية"، وهذا يذكرنا بأن الهدف الأساسي للقاعدة هو أن ترسخ نفسها في العالم العربي. وكانت على وشك النجاح في العراق، ولذا لا يمكننا أن نمنحها فرصة ثانية.

لن تكون القاعدة وحدها المستفيدة – فإيران قالت علنا إنها على استعداد لملء أي فراغ ينشأ في العراق، وتعود المليشيات الشيعية المتطرفة من ثم في تأكيد ذاتها. وقد شهدناها في البصرة وبغداد قبل أسبوعين. وفي كل هذا، الشعب العراقي هو الذي سيعاني على نطاق يتجاوز كل ما شهدناه حتى الآن. وقد يؤدي تصاعد العنف إلى جر الجيران إلى عواقب مدمرة للمنطقة والعالم.

السيد الرئيس، على الرغم من الأهمية البالغة لأحداث العراق في السنوات الخمس الماضية، فإن العراقيين والأميركيين والعالم سيحكمون علينا في نهاية المطاف من خلال ما سيحدث وليس على أساس ما حدث. وسيكون ما نخلفه عندما نغادر في النهاية أهم من كيفية مقدمنا. إن نهجنا الحالي نهج صعب لكنه ناجح. فالتقدم حقيقي رغم هشاشته، وعلينا أن نبقى معه ونلازمه.

سنستمر في الشهور القادمة في مساعدة العراق على اتخاذ مزيد من الخطوات نحو المصالحة والوفاق والتنمية الاقتصادية. وهذا يصبح على مر الوقت وبشكل متزايد عملية عراقية محضة كما ينبغي لها أن تكون. وستتركز جهودنا على زيادة تلاحم العراق واندماجه إقليميا ودوليا ومساعدة المؤسسات العراقية المحلية والقومية في تعزيز العملية السياسية وتوسيع النشاط الاقتصادي ودعم جهود الأمم المتحدة حينما يجري العراق انتخاباته المحلية قريبا من نهاية السنة. وستتطلب تلك الجهود التزاما مدنيا متزايدا ودعما مستمرا من الكونغرس والشعب الأميركي.

وختاما سيادة الرئيس، أريد أن أقدّر وأشكر كل أولئك الذين يخدمون بلدنا في العراق، من عسكريين ومدنيين. فشجاعتهم والتزامهم قد استحقا، بتضحياتهم الكبيرة، إعجاب الشعب الأميركي بأسره، وإعجابي أيضا بكل تأكيد، ولي الشرف أن أكون بينهم. بنت الرافدين في 22:50 02 ربيع ثاني 1429 (09 أبريل 2008) ·

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك