التقارير

هل تنجح أمريكا بأحلال دور مصر في غزّة بدلاً من دور أيران؟!


 

د. جواد الهنداوي * ||

 

           بعد نهاية عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ،اي بعد نهاية حالة الحرب و العداء مع اسرائيل ، سعتْ و لا تزال امريكا  بأن يكون لمصر دوراً عربياً و أقليماً محسوباً بقدر مصلحة و تفوّق اسرائيل في المنطقة . لنأتي بشواهد من الواقع السياسي ألمُعاصر على ما نقول : في حرب تحرير الكويت ، لَعبَ الرئيس المصري الراحل حسني مبارك دوراً اساسياً في اقناع الرئيس الامريكي جورج بوش الاب بالاستعجال في اعلان الحرب لتحرير الكويت ، وعدم الركون الى المناورات السياسية والدبلوماسية ، والمُتبناة ،حينها وبقوة ،من قبل الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران . و كمكافأة للدور الذي كفلتهُ مصر عربيا و دولياً ، حينها ،اتخذت وزارة الخزانة الامريكية قراراً يقضي بأطفاء ديون مصر او بعضها ، وبقيمة ١١ مليار دولار .

شاهد آخر : وهو قرار الرئيس اوباما ، عند انتخابه عام ٢٠٠٩ ،رئيساً للولايات المتحدة الامريكية ، باختيار جامعة القاهرة لالقاء خطابه الموجّه للعالم وللمنطقة وللعرب .

    ولكن ، لم تستطعْ امريكا مِنْ أعادة الحياة للدور وللتأثير المصري العربي و الاقليمي ،الذي شهدناه ابان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، والذي ارتكزَ على ثلاثة ابعاد استراتيجية: البعد القومي والعروبي ، البعد الفلسطيني ، والبعد التحرري والنضال ضّدْ الامبريالية والصهيونية و الرجعية .

    لم يعُدْ الآن دوراً او اثراً أيجابياً للبعدْ القومي و العروبي . استطاعت الامبريالية و الصهيونية من تدوير البعد العربي و القومي في أتجاه  مُضاد لمصلحة  ولأمن الامة العربية بآليات التفاوض و السلام والتطبيع مع اسرائيل دون ايَّ مقابل للشعب الفلسطيني . ولم تعدْ القضية الفلسطينية قضيّة العرب المركزية ، بل اصبح البعض من العرب يعجّل و يساهم في تصفيتها .

   تبّنتْ ايران القضية الفلسطينية ، واصبحت فلسطين قضية ايران المركزية وليست قضية العرب ، و تعاملت ايران مع القضية الفلسطينية من بُعديّن اساسيّين: من بعد نضالي و تحرري ضّدْ الامبريالية و الصهيونية ، ومن بعد اسلامي وسياسي و أمني . البعض يتهم ايران بأستغلال وبتوظيف القضية الفلسطينية من اجل مصالحها و نفوذها ! بيدَ ان ايران تعاني و تقاسي بسبب هذا التوظيف ، و الذي يصّبُ في صالح القضية ويحول دون اندثارها و تصفيتها . و ندعوا الباري عزّ وجلْ أن يمّكنْ العرب على توظيف قضية فلسطين وتبنيها مثلما توظفّها ايران ! ياليت العرب فعلوا ذلك ليكون لهم النفوذ و للقضية الفلسطينية الاستمرار والخلود .

          فقدَ العرب نفوذهم و دورهم الاقليمي و الدولي عندما فقدوا القضية الفلسطينية ،او عندما تعاملوا مع القضية دون اعتبار لعدالتها ولانسانيتها و لقدسيتها و لمضلومية الشعب الفلسطيني .

        تسعى امريكا ، ولكن دون جدوى ، بتأهيل الدور المصري لقيادة المسار الفلسطيني ، و خاصة في غزّة ،

كي تحّل مصر محل ايران ، وهذا ما يُفسّر مبادرات مصر المالية ( تبرّع ب ٥٠٠ مليون دولار لاعمار غزة ) ، و السياسية و الامنية ؛ مبادرات بمباركة امريكية و اسرائيلية  ، و بكرم امريكي !

    أضاعت مصر دورها الفلسطيني و العربي و الاقليمي ،

و أضاعَ العرب كذلك دورهم الفلسطيني و الاقليمي و لصالح أيران ، و السبب هو  اتباّعهم لاهواء و رغبات امريكا بأنصياع و دون انصاف او تفسير او اعتراض ، والتي هي اهواء و رغبات الصهيونية و اسرائيل .

مصر وبعض العرب تورطوا باتفاقيات سلام وتطبيع وتعاون دون ايَّ مقابل لقضية ولشعب فلسطين ، ومما يزيدهم تورطاً و حيرة و احراجاً هو استمرار اسرائيل بالتوسع وارتكاب الجرائم و الاستهانة بهم وبالقوانين الدولية . كما ان الامكانيات المادية و الاقتصادية المحدودة لمصر ، و ملفاتها الداخلية تشكّل عائقاً اساسياً لايَّ دور مصري عروبي او لصالح عدالة القضية الفلسطينية .

    لن يقايض الغزاويون دور ايران بدور مصر ، لن يقايضوا

الدعم الايراني في السلاح وفي المال بوعود و بمفاوضات مصرية او عربية او دولية . لن تتكبّل الفصائل الفلسطينية في غزّة بوعود واتفاقات سلام مع اسرائيل ، الفصائل في غزّة لم تقعْ في الورطة التي وقعت بها السلطة الفلسطينية في رام الله . أصبحت فصائل المقاومة في غزّة تمتلك ،ليس فقط قدرات عسكرية ، وانما ايضاً قدرات و علاقات سياسيّة، تؤهلها للأحتفاظ بدعم محور المقاومة وفي المقدمة ايران ،  والتعامل مع

المبادرات المصرية بأيجابية وبأستقلالية .

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك