حسين فلسطين ||
يبدو واضحاً أن جانباً مهماً من إعلان أي استعراض عسكري هو التركيز على الجوانب النفسية والسياسية التي تتركها أخبار الاستعراض ، خصوصاً على من يقفون ضمن المحور المعادي للعراق ، سواء في الإقليم أو خارجه وحتى الأدوات السياسية العميلة التي تعمل وفق أجندات خارجية تسير بركب المحور الأمريكي الصهيوني كالكيان السعودي الوهابي و عوائل الحكم في الخليج والوطن العربي .
ولأن الحشد الشعبي و بصفته العمود الفقري للقوة العسكرية العراقية التي أنقذت العراق من الانهيار ابان سيطرة داعش الإرهابي على مدن شمال غرب العراق ، فإن العمل على إسقاط هذه التجربة يجري على قدم وساق وبجهود وكلف تفوق ما خصص لداعش نفسها سعياً لتفكيكه والتعجيل بأنهياره ، فما يواجهه الحشد من حرب إعلامية عالمية لا تخرج عن إطار الحروب النفسية التي تمارسها دول خسرت المعارك العسكرية لتلجأ لحروب نوعية تؤدي نفس الهدف .
أن اختيار هيئة الحشد الشعبي لمكان وزمان الاستعراض ونوعية الشخوص والجهات التي حضرت الاستعراض ، كذلك التنوع العرقي والطائفي للمستعرضين يدخل ضمن العمل الجبار لهيئة الحشد ، فالهوية الوطنية العراقية الجامعة لأطياف واعراق الشعب العراقي فأفواج المقاتلين من الشبك والايزيديين والمسيحيين والصابئة والسُنة المعتدلين جعل العالم يكرر اعجابه بسياسة الاحتواء الاجتماعي والعقائدي والعرفي للشيعة الذين ضحوا من أجل أخوتهم في الإنسانية والوطن وهو ما ازعج المتربصين بهذا الكيان العقائدي الوطني ليهدم مخططات أعدائه التي دائما ما تهدف لخلق صورة من "التمرد الحشدي" على الدولة وطائفية الكيان بأكمله !
ومع ما يعيشه العراق من إرهاصات أمنية نتيجة تجدد نشاط خلايا الإرهاب في مدن شمال بغداد ، اختيرت مدينة ديالى مكاناً للأستعراض العسكري للحشد في تحد واضح لتنظيم داعش الإرهابي الذي بدأ منذ عام بعمليات تعرض لضرب امن المدينة التي عانت لسنوات طويلة من الإرهاب الطائفي والعنصري الذي يستهدف حياة موطنيها ، كما شكل تنوع القدرات العسكرية ونوعية السلاح اضافة مرعبة ارهقت و ازعجت تنظيم داعش وجناحيه السياسي المحلي والإقليمي والدولي .
كذلك فإن الاستعراض لا يخلو من الرسائل السياسية على المستويين الداخلي أو الخارجي ، فحضور رئيس مجلس الوزراء ( مصطفى الكاظمي ) وإن كان وجوبياً ولا مناص منه ، الاّ أنه كان عامل مهم في ظل الظروف التي يعيشها العراق ، فيما شكل حضور بعض القيادات الأمنية كوزيري الدفاع والداخلية والأمن الوطني وقائد جهاز مكافحة الارهاب وهم يحملون صور الشهيد القائد ( ابو مهدي المهندس ) بداية لتحول إيجابي آخر خصوصاً مع التصريحات "السياسية الجارحة" لوزير دفاع حكومة الكاظمي (جمعة عناد) قبل أسابيع المتضمنة تقليل من شأن الحشد الشعبي ودوره في تحرير المدن المحتلة ، وهو ما شكل انزعاج شعبي وسياسي كبيرين .
لقد نجح الحشد الشعبي في إيصال رسائله بذكاء وحرفنة كبيرتين لتضمن له رصيد آخر يضاف لرصيده الزاخر بالمواقف الانسانية و الوطنية والعقائدية التي لا تكاد أن تغادر أذهان العراقيين وجميع الاحرار في العالم ممن وقف ضد أشد مشاريع الوهابية قذارةً التي تهدف لقتل الإنسان وسرقة ثرواته.
https://telegram.me/buratha