التقارير

طبيعة المباحثات عن الانسحاب الأميركي في ضوء الاجتماع بين الكاظمي وبايدن


 

محمد صادق الهاشمي ||

 

    يختلف المراقبون للشأن العراقي حول المفاوضات بين الكاظمي وبايدن، وهل يكون هناك انسحاب أميركي جدّي أم هل أنها مناورة؟ 

    هنا سنعرض قراءة في التقاير والصحف والتصريحات، ويمكن عن طريقها تقويم الأمور ومعرفة النتائج:

1- أعلن مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في 15-7-2021، عن قرب توجه الكاظمي إلى واشنطن في زيارة إلى البيت الأبيض، تهدف إلى (جولة جديدة من المباحثات الثنائية الإستراتيجية)، متضمنة الاتفاق على آلية انسحاب القوات الأميركية من العراق انسحابًا نهائيًا، على وفق ما أعلن مكتبه، وذكر البيان: (الكاظمي اجتمع مع منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط [غرب آسيا] وشمال افريقيا بريت ماكغورك في مكتبه في بغداد خلال السابع عشر من الشهر الحالي، حيث اكد، ان الاجتماع الاولي وضع الخطوط العريضة للاتفاق المقبل على المرحلة الانتقالية للعلاقات الاستراتيجية بين البلدين وتعزيز "قدرات العراق العسكرية ومقومات سيادته"، على حد تعبير).

    وعليه فالحديث عن علاقات إستراتيجية، وليس رحيل للقوات الأميركية بلا ثمن، إنما استبدال الوجود الأميركي بوجود مؤسساتي؛ عن طريقه يتمكن الأميركي التغلغل عبر كل الملفات: الصناعية، الطاقة، الزراعة، الأمن، الصحة، التدريب… نعم، الشيء الذي يتحقق هو انسحاب عدد من القوات، وإبقاء عدد آخر بصفة مدربين!، وكل الأمر مشروط بإنهاء دور الفصائل؛ كما تشير وتسميها التقارير الأميركية.

2- الحكومة الأميركية، عن طريق كل الصحف العالمية والمصادر المُعتَدّ بها؛ ترهن وتشترط -مقابل انسحابها من العراق- (أن تقدم الحكومة الأميركية حلًا نهائيًا للفصائل المسلحة، وهو شرط نهائي للانسحاب)، فقد أوضحت وزارة الخارجية الأميركية على لسان مساعد وزير خارجيتها لشؤون الشرق الأدنى (جوي هود) أنها تعتزم (استخدام المباحثات المزمع عقدها في البيت الأبيض بين الكاظمي والإدارة الأميركية بشأن المرحلة المقبلة من التعاون الإستراتيجي، للضغط على الكاظمي لإيجاد حل نهائي لمعضلة الفصائل في العراق)، مشيرًا إلى أنَّ (حل الفصائل) هو أحد الشروط الأساس التي ستقدمها أميركا للكاظمي مقابل الانسحاب الكلي. 

    كذلك أكَّد هود، أنّ الإدارة الأميركية (عازمة على محاسبة الفصائل العراقية على الخروقات التي وقعت سابقًا، وستشجع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بكل ما يلزم للتحرك ضد الفصائل في المدة المقبلة)، مشيرًا، (إلى أنَّ الموقف الأميركي يتضمن الدفع بالكاظمي إلى مواجهة الفصائل، في أثناء انسحاب القوات الأميركية؛ منعًا لوقوع ضحايا أميركيين في أثناء العملية الانتقالية).

    وهذا الكلام من المسؤول الأميركي البارز، يشير إلى أنَّ حل الفصائل هو الشرط الأساس، وأنَّ طبيعة الوفد العراقي، الذي يرافق السيد الكاظمي من العسكريين والقادة في الجيش، والأمن؛ يوحي بما لا يقبل الشك إلى أنَّ ثمة خطة لفرض أميركا وجودها في العراق سياسًيا وأمنيًا؛ مقابل تقديم خطة لإنهاء دور الفصائل في العراق.  ومن أراد الحقيقة فليدقق في طبيعة الوفد.

3- الصحف العالمية تشير إلى أنَّ أميركا لا يمكن أن تلغي كل وجودها كما فعلت في أفغانستان، وهذا ما  أشارت إليه (شبكة ذا ناشيونال نيوز) التي أكدت، أنَّ الاتفاق بين الطرفين على الانسحاب في حال حدوثه لن يُخَفِّض تخفيضًا كبيرًا من الوجود العسكري الأميركي الحالي في العراق؛ حيث تحتفظ أميركا بعدد كبير من القوات داخل البلاد تحت وصف: (تقديم الدعم والاستشارة العسكرية)، مما يعني أنَّ بقاءَها يقع خارج حسابات الانسحاب المتوقع!.

    الصحيفة تقول: الذي يبدو أنَّ البيت الأبيض قد انتبه له أخيرًا، وبات يعمل على خلاف نتائجه، مشيرة إلى: أنَّ الهدف الأميركي الحالي يبدو وكأنه يتجه صوب إفقاد الفصائل في العراق، المبرر الأساس لوجودها، ثم التأثير في الحكومة العراقية تأثيرًا سياسيًا قاصدًا دون تقديم الحماية القاصدة للنظام.

4- الصحف المهمة، والمراكز الأميركية لا تشير إلى انسحاب أميركي كما يريده العراقيون، بل هو عبارة عن إستراتيجية جديدية لأميركا في العراق؛ فقد أعلنت صحيفة (الفورين بوليسي) في تقرير لها نشرته في الخامس عشر من الشهر الحالي، الإستراتيجية الجديدة للإدارة الأميركية، لم تتضمن الإعلان الصريح عن الانسحاب، حيث لا تزال الإدارة الأميركية متحفظة على إعلان نيتها حول بقاء قواتها في العراق من عدمه، وأكدت صحيفة (البزنس ستاندارد) الأميركية، أنْ (لا انسحاب أميركي يلوح في الأفق حتى الآن)، مبينة أنَّ (الحكومة الأميركية لا تثق كليًا بالكاظمي لضمان مصالحها في العراق، أو الحفاظ على الأوضاع السياسية والأمنية مستقرة؛ إذا ما انسحبت القوات الأميركية انسحابًا نهائيًا).

5- مجلة (دفينس وان) العسكرية الأميركية، أكدت في تقرير نشرته في الخامس عشر من الشهر الحالي، أنّ مراسلةً لوكالة بي بي سي، نشرت عبر حسابها الخاص على تويتر إعلان الحكومة العراقية المباحثات مع وفد بريت ماكغورك حول الانسحاب الأميركي، مؤكدة أنَّ أميركا أعربت عن موافقتها على الانسحاب لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.

    المجلة أكدت، أنَّ الصحفية اضطرت إلى حذف تغريدتها، موضحة أنَّ مسؤولًا أميركيًا من وزارة الدفاع -رفض الكشف عن هويته- صرح للمجلة، بأنَّ الحكومة الأميركية لم توافق رسميًا على أية خطط للانسحاب من العراق حتى الآن، وأنَّ الأنباء التي صدرت عن مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي (عارية عن الصحة).

    وتابعت -نقلًا عن المصدر- (إنَّ المباحثات بين الوفد الأميركي والكاظمي التي عُقِدَت الخميس الماضي لم تتضمن تقديم أية التزامات من الطرف الأميركي لنظيره العراقي لسحب القوات من البلاد)، مشيرة إلى أنَّ تصريحات الكاظمي لم تُدعم من قبل واشنطن حتى الآن.

6- قال الكاظمي في اللقاء المتلفز الذي بثته قناة العربية الحدث: إنَّ القوات الأميركية وإن انسحبت، ستبقي على مجموعة عسكرية ضمن اتفاقها السابق مع الحكومة العراقية السابقة؛ لتدريب القوات العراقية، وتقديم المشورة والرقابة.

    الأسوشيتد برس من جانبها، أكدت أنَّ الحكومة الأميركية إن سحبت قواتها، ستبقى مرتبطة باتفاقية الإطار الإستراتيجي مع العراق، التي تخولها الإبقاء على قوات مقاتلة بأعداد غير محدودة.

    الوكالة أشارت، إلى أنَّ الحكومة الأميركية باتت ترى وجودها العسكري القاصد والمعلن عاملًا يضعف موقفها داخل أميركا، وهو أمر تستطيع تفاديه عن طريق وضع غطاء قانوني آخر لوجود قواتها.

    وأوضحت أنَّ الإدارة الأميركية بدأت فعلًا بالعمل ضمن هذه الإستراتيجية الجديدة، حيث صرح بايدن، بأنّ (أميركا ستحافظ على دور أكبر في أفغانستان بعد انسحاب قواتها عن طريق مواصلة الغارات الجوية -مشددًا- إنَّ الحرب على الإرهاب عالمية ولن تنتهي في أفغانستان أو غيرها)، في إشارة منه إلى العراق.

7- مجلة (الفورين بوليسي) في الرابع عشر من الشهر الحالي، أكدت أنَّ القوات الأميركية ستبقي على قواتها في العراق بطريقة أو أخرى.

    يبدو أنّ الحكومة الأميركية ستنجح في تثبيت قاعدة عسكرية متقدمة ضد إيران إن وقع صراع بين البلدين؛ عن طريق استبدال عنوان وجود قواتها في العراق من قوات أميركية، إلى (قوات حلف ناتو) مسؤولة عن تدريب الجيش العراقي!.

8- تصريحات الكاظمي التي أكدت استمرار وجود القوات الأميركية تحت عنوان تدريب وتطوير القدرات العسكرية العراقية، تجيء بالتوافق مع الاجتماع الذي عقده وزراء دفاع حلف الناتو مع الكاظمي في الثلاثين من الشهر الماضي؛ حيث اجتمع الكاظمي برفقة وزير الخارجية فؤاد حسين ووزير الدفاع جمعة سعدون بقادة حلف الناتو، بطلب من الحكومة العراقية.

9- على الرغم من عدم إصدار إيضاحات حول ما اتفق الطرفان عليه عسكريًا، إلا أنَّ حلف الناتو أعلن في موقعه الرسمي، أنَّ المباحثات بين الطرفين تضمنت الحديث عن وجود قوات حلف الناتو في البلاد، زيادةً على توسعة مهمتها؛ لما وصف باستبدال القوات الأميركية بأخرى متعددة الجنسيات.

   الاستبدال الذي لم يؤكَّد إلى الآن يتضمن إبقاء قوات أميركية قتالية في العراق تحت عنوان مهمة للناتو، حيث ستحظى أميركا بغطاء قانوني جديد لوجود قواتها؛ يُجنِّبها ردود الفعل السلبية من الرأي العام الداخلي إذا وقع ضحايا أميركيون في العراق؛ كون المهمة توصف بالدولية.

     مِن هنا، لا نجد ثمة دلالة على وجود تفكير جدي لأميركا بالانسحاب من العراق، على وفق التقارير العالمية، والتصريحات الصادرة عن الجانبين، ولكن الذي نذهب إليه بصفتنا مركزَ دراسات أنَّ أميركا تنسحب، وتبقي قوات محدودة، وتعوض انسحابها بوجود سياسي، وأمني، واقتصادي وغيره… فهي تنتقل من ملف إلى ملف، مع الإبقاء على وجود عسكري معتد به؛ عن طريق قوات التحالف، ومع كل الأدوار والأحوال فإنَّ أميركا عازمة على إنهاء دور الفصائل؛ وهذا شرطها  الأساس، وهي تعمل بنحو إستراتيجي لهذا الأمر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك