التقارير

ماكرون في الخليج لبيع الطائرات و المبادئ.


  د.جواد الهنداوي *||                            غالباً ما تكون الشؤون الخارجية مخرجاً  و حّلاً للمتنافسين أنتخابياً ، أملاً في تعزيز صورتهم و رصيدهم لدى الرأي العام ، والفوز بأكثر الاصوات الانتخابية .            زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون لدول الخليج ، من تاريخ  ٣ و لغاية ٢٠٢١/١٢/٥ ، هي مثال لذلك و شاهد على ذلك . عنوان الزيارة هو ملفات المنطقة وخاصة ازمة لبنان و ازمة ليبيا ، ولكن اهم انجازات الزيارة هي الصفقات العسكرية و التجارية التاريخية التي تمّتْ مع دولة الامارات العربية المتحدة .            استطاعت فرنسا ،على ما يبدوا ،أن تعّوض خسارة صفقة الغواصات مع استراليا ، بصفقة بيع ٨٠ طائرة رافال و ١٢ طائرة هليكوبتر الى دولة الامارات ، وبهذه الصفقة التاريخية تّمَ التراضي بين امريكا و فرنسا .         يأمل الرئيس ماكرون ،بكل تأكيد ،ان تكون لهذه الصفقات التجارية انعكاس ايجابي على رصيده في الرأي العام الفرنسي ،لمواجهة الانتخابات الفرنسية في العام المقبل .        الرئيس ماكرون اول رئيس اوربي او غربي يلتقي مع الامير محمد بن سلمان ، بعد جريمة مقتل خاشقجي في قنصلية المملكة العربية السعودية في اسطنبول . ولا أظّنُ ان يتّمْ  اللقاء ، دون تفاهم وتداول بين الرئيس ماكرون والرئيس الامريكي بايدن ، والذي ( واقصد الرئيس الامريكي )ممتنع عن اجراء ايّة اتصال مع ولي عهد المملكة محمد بن سلمان .        ما يهّمْ المملكة سياسياً و استراتيجياً هو ثلاث ملفات : ملف ايران ،و ملف اليمن ، وملف لبنان ، ولا أظّنُ لفرنسا حولٌ وقوة  لا في الملف الاول و لا في الملف الثاني . لا تستطيع فرنسا أنْ تُقّدم للمملكة ايّ شي في ملف ايران او ملف اليمن غير التصريحات او الصمتْ ، وهذا ما حصلْ ؛ صرّحَ الرئيس ماكرون قبيل اختتام زيارته الخليجية ،في المملكة العربية السعودية ، بان فرنسا تشاطر المملكة مخاوفها من امتلاك ايران للسلاح النووي ،و اضاف ايضاً بأنَّ مخاوف المملكة من ذلك هي مخاوف مشروعة .         كان الصمتْ هو من حصة اليمن ،لم يردْ ذكراً لحرب اليمن في تصريحات الرئيس ماكرون ( حسب علمنا ) ، وكأنَّ حرب و فاجعة اليمن ليس من الملفات التي تسترعي اهتمام دولة كبرى وعضو في مجلس الامن ، و رائدة في مجال الحريات و حقوق الانسان ، و اقصد فرنسا !       مِنْ المُستغرب ان يزور رئيس جمهورية دولة كبرى ، وعضو في مجلس الامن الدولي دولة تشّنُ حرباً ، ومنذ سبعة اعوام ، على دولة اخرى مُحاصرة ، و على حافة المجاعة و الفقر ، دون ان يصرّح ،على الاقل ، بأمنياته لايقاف الحرب ولصالح الاطراف المتحاربة ! لاسيما و أن الازمة بين المملكة و لبنان هي بسبب تصريح للوزير جورج قرداحي تناول فيه حرب اليمن ، و وصفها بانها حرباً عبثيّة . اذاً ، كانت المناسبة او الفرصة جداً مواتيه للرئيس ماكرون لذكر حرب اليمن ، والتأكيد على ضرورة ايقافها .        تجدرُ الاشارة الى ان صحيفة liberation الفرنسية الصادرة بتاريخ ٢٠٢١/١٢/٤ ، تناولت زيارة الرئيس ماكرون الى المملكة ، و عنّونتْ صفحتها الرئيسية بعبارة : "  لارضاء التعنتْ السعودي ،الرئيس ماكرون يُقيل وزيراً لبنانياً " !  ما يشهدهُ لبنان ،للاسف الشديد ،ليس تدخلاً سافراً في شؤونه ، و لا انتهاكاً لسيادته ، وانما أذلالاً لسيادته و فرضاً بالاكراه في ممارسة بعضاً من سلطاته السياسيّة و السياديّة ، ومن قبل اصدقاء للبنان وهما : الام الحنون فرنسا و الشقيقة المملكة العربية السعودية .       استقالة جورج قرداحي لن تؤخر ولن تقدّمْ من المشهد السياسي في لبنان ،و لاتزيد من نفوذ المملكة في لبنان و لا تؤثر على موقع ودور حزب الله في لبنان، ولكن محاسبة جورج قرداحي على ممارسة حقه في التعبير كمواطن لبناني  أمرٌ يتعارض مع المبادئ التي تنادي بها فرنسا وهي حرية الرأي وحرية التعبير و الممارسات الديمقراطية الاخرى ، والتي من أجلها ، تدخلت امريكا و فرنسا واغلب الدول الغربية في سوريا وفي ليبيا  وجلبت لهذه البلدان الخراب و الدمار ونهب الثروات !        في زيارته الخليجية ، للاسف ، لم يتاجر الرئيس الفرنسي فقط بالطائرات وانما ايضاً بمبادئ الجمهورية الفرنسية .   *سفير سابق / رئيس المركز العربي الاوربي               للسياسات وتعزيز القدرات /بروكسل .                        في /٢٠٢١/١٢/٦.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك