سفير سابق /رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات /بروكسل . في ٢٠٢٢/٣/٢٤ . يُعّلُمنا مشهد الصراع العربي -الاسرائيلي ، ومنذ خمسينيات القرن الماضي عديداً من الدروس و الاستنتاجات ، عرفناها ولكن لمْ ندركها او نتعّضُ بمغزاها و بفحواها ، عَرِفها و وظّفها ، وبجدارة الكيان الاسرائيلي ،لترسيخ وجوده و تعزيز مصالحه . مِنْ اهم هذه الدروس والاستنتاجات هو " توظيف سلاح الزمن " . أدركَ الاسرائليون أنَّ سلاح الزمن في صراعهم مع العرب فعّالٌ و لصالحهم ،بقدر سلاح البندقية والبارود : كُلمّا أمعنوا الاسرائيليون في غيّهم وتمادوا في احتلالهم ، وزادوا من جرائمهم ، قصُرت المسافة بينهم وبين بعض العرب ، وازدادوا هولاء البعض قُرباً منهم و تقرّباً اليهم ، لا بل بادروا في تبنّي هموم و مخاوف و أمن اسرائيل . جميع العرب كانوا في حالة حرب مع الكيان الاسرائيلي ، حتى بداية سبعينيات القرن الماضي ، حين كان حجم الكيان يغطي ثلثي ارض فلسطين المحتلة ، الآن اصبح حجم الكيان مغتصباً لارض فلسطين، ومنتهكاً لحقوق الشعب الفلسطيني ، وممتداً للبنان وللجولان ، و طامعاً بالمزيد وبالهيمنة على المنطقة ، و اصبح بعض العرب ليس فقط في حالة اعتراف وسلام مع اسرائيل ،و انما في حالة تعاون امني وعسكري و اقتصادي مع اسرائيل ! هل نتوقّع مِنْ اسرائيل ،التي استخدمت وبجدارة سلاح الزمن ، ان تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني و أنْ تعرفْ حدودها ، وتتوقف عن اطماعها بالتمدد وبقضم الاراضي ، و تجنّبكم شرورها في المستقبل ؟ زيارات رئيس وزراء الكيان ، الامس في الامارات ، واليوم في مصر ، ولقاءات على ارفعْ المستويات الرسمية ، لا تخرجُ عن المسار العربي المتعاون مع اسرائيل ، ومشاركتها همومها و مخاوفها ازاء الاتفاق بين امريكا و ايران ،من اجل العودة الى الاتفاق النووي ، ونيّة امريكا بقبول شروط ايران ، و شطب الحرس الثوري الايراني من قائمة الارهاب الامريكية . لم يتوقف المسؤولون الاسرائليون عن التعبير علناً ، في الصحف و في اللقاءات الرسمية الدولية ، عن مخاوفهم من ذلك . على ما يبدو ،يستعين رئيس وزراء الكيان بدور اماراتي او خليجي ومصري من اجل الضغط على الادارة الامريكية للتريث عن رفع اسم الحرس الثوري الايراني من قائمة الارهاب ( وهذا ما تقاتل من اجله اسرائيل ) ، ومن اجل الاطلاع والتشاور مع امريكا حول شروط الاتفاق . اسرائيل و بالاتفاق مع الامارات و مع مصر تسعى الى طرح الموضوع على الادارة الامريكية ليس من بوابّة الامن الاسرائيلي ، وانما من بّوابة أمن المنطقة او الامن الاقليمي للمنطقة ،لعلها تفلح بتعديل الموقف الامريكي . ماذا تعني مُخرجات هذه القمة ، وعلى افتراض صحة ما ذهبنا اليه في التحليل و الاستشراف ؟ تعني اولاً ، نهاية فعليّة ، وليس نظرية ، لوجود " أمن قومي عربي " ، و الاستعاضة عنه بأمن شرق اوسطي او بأمن اقليمي ابراهيمي ، يصبحُ فعّالاً طالما تتحدث اسرائيل عن الحرس الثوري الايراني وعن الملف النووي الايراني ، وطالما تعُرب اسرائيل عن مخاوفها ! وكأنَّ اسرائيل ليس كيان مُحتلْ و نووي ، ويمنع اي تدخل او استفسار أممي او دولي عن شأنه النووي ،وكأنَّ اسرائيل ليست ترسانة نووية و محتلّة وتعتدي يومياً على سيادة الدول و ترتكب يومياً جرائم اغتيال وقتل بحق الشعب الفلسطيني و بحق غيرهم . تعني ثانياً بأنَّ الادارة الامريكية ضاقت ذرعاً بمطالب اسرائيل التعجيزية تجاه المفاوضات الايرانية الامريكية ،ولم تعدْ مطالب مقبولة ، لذا تستعين اسرائيل الآن بدولة الامارات وبجمهورية مصر من اجل ايصال رسالة للادارة الامريكية ،مفادها بانَّ موضوع الملف النووي الايراني هو موضوع يهّمْ المنطقة و دولها ، ولا يهّمْ اسرائيل وحدها . تعني ثالثاً بأنَّ تسويّة القضيّة الفلسطينية يجب أن تتمْ وفقاً للرؤية الاسرائيلية وليس وفقاً لقرارات الشرعية الدولية او وفقاً لاتفاقيات التسويّة المُبرمة بين السلطة الفلسطينية و اسرائيل و برعاية امريكية و دولية ، وان المقاومة ضّدْ الاحتلال الاسرائيلي في غزّة او انتفاضة قادمة في الضفة الغربية سيعتبران ضدّْ السلام في المنطقة و سيدرجان من ضمن مشاريع ايران ومشاريع حزب الله في المنطقة .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha