فهد الجبوري ||
أثارت الكلمات التسع القصيرة التي تفوه بها الرئيس الأمريكي جو بايدن عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال خطابه في العاصمة البولونية وارسو امس السبت ضجة عالمية واسعة دفعت البيت الأبيض الى الإسراع بإعطاء توضيحات عن ما كان يقصده بايدن ،وهي تسجل تراجعا واضحا من قبل مسؤولي الإدارة الأمريكية ، خاصة بعد ظهور رد فعل قوي من جانب موسكو على ذلك التصريح .
وقد انشغلت وسائل الاعلام والمراكز البحثية خلال الساعات التي اعقبت حديث بايدن والذي قال فيه " بحق الله ، لايمكن لهذا الرجل ان يبقى في السلطة "
وفي تقرير بصحيفة " واشنطن بوست " يقول كاتباه تايلر بيجر ومات فيزر أن عبارة بايدن كانت تصريحا مهما من شأنه أن يعكس السياسة الأمريكية المعلنة ، ويتعارض بشكل مباشر مع ادعاءات كبار مسؤولي الإدارة - ومن بينهم وزير الخارجية انتوني بلينكن - الذين أصروا على أن تغيير النظام ليس مطروحا على الطاولة .
ونوه التقرير الى ان ما قاله بايدن ذهب الى ابعد مما قاله حتى روؤساء الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة ، وتردد صداه على الفور في جميع أنحاء العالم حيث سعى قادة العالم والدبلوماسيون وخبراء السياسة الخارجية الى تحديد ما قاله بايدن وما يعنيه ؟ واذا لم يقصد هذا التصريح فلماذا قال ذلك ؟
وبعد وقت قصير من الخطاب ، سعى مسؤول في البيت الأبيض للتوضيح إذ قال " كانت وجهة نظر الرئيس هي أنه لايمكن السماح لبوتين بفرض القوة على جيرانه أو المنطقة ؛ فلم يكن يناقش سلطة بوتين في روسيا أو تغيير النظام " .
ولفت كاتبا التقرير الانتباه الى ان بايدن كان كثيرا ما يذكر جمهوره خلال حملته الانتخابية بالوزن الثقيل الذي يمكن أن تحمله كلمات الرؤساء ، إذ كان يردد ان كلام الرؤساء مهم " ويمكنهم تحريك الأسواق " ، ويمكنهم إرسال جنودنا ونساءنا الشجعان الى الحرب ، ويمكنهم إحلال السلام " .
وجاء في ثنايا تقرير الواشنطن بوست أن خطاب بايدن عن بوتين اصبح حادا خلال الأسابيع الأخيرة وقد وصفه بانه " مجرم حرب واليوم يطلق عليه لقب " جزار وبلطجي ، ودكتاتور قاتل " .
ويقول التقرير " بجب ان تكون هناك أولويتان الآن : إنهاء الحرب بشروط يمكن ان تقبلها اًوكرانيا ، وتثبيط اي تصعيد من جانب بوتين ."
لكن الدبلوماسي المخضرم ورئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي ريتشارد هاس قال " كان هذا التعليق غير متسق مع هذين الهدفين ، والأمر المحبط حتى الآن ان ادارة بايدن تصرفت بانضباط كبير . هذا يتعارض مع اتجاه تعاملهم مع هذه الأزمة ، من الواضح انهم ادركوا ذلك ، لقد عادوا في غضون دقائق ، المشكلة من وجهة نظر بوتين هي ان بايدن كشف عن نيته ونياتنا الحقيقية . "
كما عبر كثير من الخبراء والمعلقين الأمريكيين عن رفضهم ما ذكره الرئيس بايدن ، واعتبروا ان هذه الكلمات تعرقل إمكانية تحقيق أي حل سريع للازمة في أوكرانيا ، كما أنها تؤكد قناعات الحكومة الروسية وشريحة ضخمة من الشعب الروسي بأن واشنطن تسعى لتغيير النظام في روسيا .
وفي هذا الصدد ، أشار الدبلوماسي الأمريكي السابق والخبير بمجلس العلاقات الخارجية مارتن أنديك الى ضرورة أن يضبط الرئيس كلماته ، وقال " إنه الرئيس الأمريكي وكلماته مهمة . من اجل أوكرانيا سيحتاج بايدن الى بوتين لإنهاء الحرب ، كيف يفعل ذلك إذا وصفه بأن مجرم حرب ودعا الى الإطاحة به " .
واتفق آرون ديفيد الدبلوماسي السابق والخبير بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي مع الانتقادات الموجهة لبايدن ، وكتب على صفحته في تويتر يقول " بعد ما قال بايدن أن بوتين لايمكن البقاء في السلطة ، لن يكون مهما صدور توضيح او تصحيح من البيت الأبيض ، ما قاله بايدن يؤكد ما كان بوتين يؤمن به طوال الوقت من ان سياسية واشنطن هي تغيير النظام في موسكو ، وبالتالي تصبح هذه معركة ليس فقط من أجل أوكرانيا ، ولكن من اجل بقاء بوتين نفسه ، الصقور في الإدارة وخارجها يحبون هذا التطور " .