محمّد صادق الهاشميّ ||
بعيداً عن تعقيد المصطلحات في معنى الانسداد وأسبابهِ ونتائجه التصوّرية والتصديقيّة نقول: إنّ ما يحصل في العراق لايمكن القول فيه بأنّه انسداد؛ بل هو ( انسداد وانفراج كبير) .
نعم؛ يوجد انسداد في جبهة الإطار والأطراف المتحالفة معه،إلّا أنّه في الجانب الآخر( أي الثلاثي ) يعيش حالة الاسترخاء والشعور بالنصر وتحقيق المكاسب؛ كونه حقّق كلّ ما يريد من سقوف مطالبه دون الحاجة الى أيّ جهدٍ لتشكيل الحكومة الجديدة كما يقول سعدي الحلي (( شِلّك بالحكومة ودوخت الراس)).
نعم الثلاثي يشعر بتحقيق مكاسب مهمّة وفق الحقيقة التالية :
أوّلا: المكوِّن السني:
أخذ حصته الدستورية واستوفى أهدافه بنيلهِ منصب رئاسة البرلمان، وبقاء عدد من الوزارات المهمّة تحت سيطرتهم، وأنّ الأزمات الدولية تفعّل وزاراتهم أكثر، وسوف يتم ضخ 8 مليارات في مدنهم وفق مشروع قانون الأمن الغذائي، وفوق كلّ ما تقدّم فإنّ الحلبوسي يحكم قبضته على القرار السياسي والمالي والسيادي والتنفيذي في العراق وفي المدن السنية،فضلًا عن المكسب والدور التشريعي، وبهذا الانسداد ينفِّذ ما يريد من أهداف مرحلية واستراتيجية له ولمكوّنه.
ولم يجد الحلبوسي ( المشروع ) فرصة لتنفيذ مشاريعة من مواجهة الحشد وترحيلهم إلّا في ظل هذا الانسداد، وبالتالي هو ليس انسداداً؛ بل هو انفراج كبير له ولهم؛ كونه يوفِّر فرصة سياسية لتفعيل ما يطمح إليه هو وغيره .
ثانياً: المكوّن الكردي:
فيما يخص أربيل ووفق الأجواء التي تسود في العراق وقوة الانسداد فإنّهم يركّزون الجهد للقفز الى خارج العراق نحو مزيدٍ من تحقيق المكاسب الانفصاليّة غير المعلنة،فإنّ أربيل اتخذت استراتيجية الاعتماد على الغرب وتلبية حاجات أوروبا من الطاقة، لذا لايتوقف مسرور البرزاني عن الزيارات الى تركيا والغرب وأوروبا والخليج،وأيضاً تتّجه أربيل الى الداخل لكسب الوقت وتحقيق مزيد من المال والجهد والسيطرة على النفط والأرض والقرار،كلّ هذا يجري سواء تشكّلتْ الحكومة أم لا،وإن كان ظرف عدم تشكيل الحكومة أفضل لهم؛لأنّ أربيل دوماً تستفيد من الأزمات .
ثالثاً: في المكوّن الشيعي:
نجد أنّ التيار الصدري أيضاً يعيش الشعور بالفوز وحصد المغانم، وأنّه يربح أكثر في حالة الانسداد؛ لبقاء الحكومة بيده، ومعروف أنّ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي محسوب على التيار بقوة،وأيضاً في ظل الانسداد يتمكن التيار من تحقيق الكثير من المغانم والسيطرة على الدولة والمحافظات، واللّجان المالية والاقتصادية والأمنية دون منافس في القرار أو مانع في التنفيذ؛ لأنّ الإطار ما زال خارج التأثير ولا يتمكن من منع أي قرار تنفيذي أو صياغي.
ولسان حال الثلاثي في خطابهم إلى الإطار: إذا كان دوركم ينحصر في تفعيل الثلث المعطّل و طرح المبادرات فالأوّل مفيد لنا، والثاني لا يجد أُذناً صاغية منّا.
نعم يوجد شعور لدى المراقبين بأنّ الثلاثي فهم اللّعبة جيداً، وأدرك أنّ حلّ مشكلة الانسداد عديمة الجدوى ولا تعني له شيء؛ فهو لا يعاني الانسداد من جانبه؛ بل هو يحقق كلّ ما بجعبته من مشاريع، لذا لا تجد أيّ مسؤول من الثلاثي بكلّ مكوناته يستعمل مفردة الانسداد أو يسعى لرفعه من خلال طرح أي مبادرة أو الاستجابة لها فعليّاً وعمليّاً .
هكذا نرى أنّ الانسداد هو في طرف من الأطراف السياسية، إلّا أنّه انفراجٌ في الطرف الآخر، أمّا التوقيتات الدستورية فهي أكبر كذبة في العراق، وربّما أكبر من كذبة النزاهة بألفِ مرّة . انتهى