فهد الجبوري ||
نفاق الغرب ، وازدواجية المعايير التي يتعامل بها في القضايا والشؤون الدولية ، وسياسة الكيل بمكيالين ، لم تعد أمرا يمكن التستر عليه ، حتى أن الاعلام الغربي المعروف بأساليبه واحترافيته في نقل وتصوير الأحداث ، وتوجيهها بالطريقة التي تخدم مصالح الدول الكبرى ، يواجه صعوبة كبيرة في اخفاء الحقائق عن الرأي العام . وهناك العديد من الأمثلة التي تؤكد أن الغرب الديمقراطي والحضاري والإنساني ، وهي الصفات التي يحلو لزعمائه أن يصفوا بها انفسهم ، ومنها على سبيل المثال تعامله مع قضية الشعب الفلسطيني المظلوم منذ أكثر من ٧٥ عاما ، وهي أكثر قضية إنسانية في التاريخ الحديث ظلمت من قبل الغرب ، وبالخصوص من الولايات المتحدة . فقد وقفت زعيمة العالم الرأسمالي بكل قوة الى جانب الصهاينة المحتلين ، واستكملت بكل أمانة دور " بريطانيا العظمى " التي مهدت لاحتلال فلسطين وقيام الكيان الصهيوني من خلال وعد بلفور المشؤوم .
ومند إنشاء دويلة الاحتلال في عام ١٩٤٨ ، والشعب الفلسطيني يتعرض لكل أشكال الاضطهاد والقمع والقتل والمحاصرة والتشريد ، ولكن هذا الغرب الديمقراطي لا يشعر بمعاناة هذا الشعب ، وبدلا من القيام بإدانة واستنكار إجراءات الصهاينة القمعية ضد الفلسطينين ، يقوم بتقديم كل أنواع الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي لهذا الكيان ، ويرى في ما تقوم به " إسرائيل " هو دفاع عن النفس . فيما ترى في مقاومة الشعب الفلسطيني ارهابا ، وهذه الحقيقة تتجلى كل يوم داخل الأراضي المحتلة .
وفيما تصعد قوات الاحتلال من عملياتها القمعية ، وإجراءاتها التعسفية ، المنافية لكل الشرائع الدينية ، وحقوق الإنسان ، وقرارات الأمم المتحدة ، يقف هذا الغرب مكتوف الأيدي ، ولم يحرك ساكنا ضد ما يقوم به المحتل . وقد تناقلت الأنباء هذا اليوم خبر مقتل فلسطينيين اثنين على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة ، ليصبح عدد الذين قتلوا خلال اليومين الأخيرين أربعة أشخاص لا ذنب لهم سوى مطالبتهم بالحرية ، والانعتاق من ظلم واضطهاد المحتل .
وكان من بين الذين قتلوا هذا اليوم فتى فلسطيني يبلغ من العمر ١٧ عاما تم قتله عند حاجر العزل الى الغرب من مدينة رام الله .
ويوم الأربعاء ( امس ) دخلت قوات الإحتلال الى قرية يابيد بالقرب من مدينة جنين بالضفة الغربية ، وقامت بتدمير منزل عائلة فلسطينية كان أحد أبنائها قد استشهد وهو يقاوم المحتلين.
وقد أطلقت قوات الاحتلال فيديو وهو يصور قيام الجنود الصهاينة بتحضير المنزل من اجل تهديمه ، وقد دمر الانفجار المبنى المؤلف من ثلاثة طوابق .
وتستخدم قوات الاحتلال هذا الأسلوب الوحشي في تدمير منازل الفلسطينين لاسيما منازل المجاهدين والمقاومين منهم، وتعلن بكل صلافة وأمام العالم كله أنها تستخدم ذلك سلاحا للردع. وقد وصفته العديد من منظمات حقوق الإنسان بانه عقوبة جماعية .
والضفة الغربية المحتلة هي موطن لحوالي ٣ ملايين فلسطيني ، وهم تحت الاحتلال الصهيوني منذ احتلالها من قبل القوات الإسرائيلية في عدوان عام ١٩٦٧ .
هذا وقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن ٦٣ فلسطينيا قد قتلوا منذ بداية العام الحالي ، ومن بينهم الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة قبل بضعة اسابيع .
كل هذه المشاهد المؤلمة لا تحرك امريكا وحلفائها ، لكنهم يتألمون كثيرا لما يحصل في أوكرانيا . ويسارعون الى نجدتها بالسلاح والعتاد وكافة أشكال الدعم السياسي والاقتصادي .
بالتأكيد الطبيعة الإنسانية لا تقبل بتعريض المدنيين الى الخطر ، ولا الى الموت . ولكن لماذا هذا التمييز ؟ بين ما يجري في أوكرانيا وما يحصل في فلسطين ، أليست هي ازدواجية المعايير التي دأب الغرب على ممارستها . كفى نفاقا وكفى ازدواجية أيها الغرب الديمقراطي الإنساني !
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha