فهد الجبوري ||
في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها الولايات المتحدة وفي مقدمتها التضخم الاقتصادي الذي وصل الى نسبة قياسية لم تشهدها البلاد منذ اكثر من ٤٠ عاما ، والارتفاع الحاد في أسعار الغاز التي باتت تثقل كاهل المواطن الأمريكي ، ناهيك عن ازياد معدلات الجرائم التي تحصد ارواح المدنيين نتيجة للتشريعات التي تجيز شراء وحيازة الأسلحة ، كل هذه القضايا اصبحت ضاغطة بشكل قوي على ادارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ، وهو يحاول مواجهة هذه المشاكل الداخلية ، والمتزامنة مع أزمات دولية كبيرة في مقدمتها الحرب في أوكرانيا ، وتداعياتها الخطيرة في مجالات الأمن والاقتصاد والطاقة ، وذلك من خلال تقوية تحالفات أمريكا في أوروبا واسيا والشرق الأوسط ، وفي هذا الإطار يخطط بايدن للقيام بجولة يزور خلالها كل من السعودية والكيان الصهيوني .
وطبقا لما أوردته وكالة رويترز نقلا عن مصدر أمريكي مطلع فإن الزيارة سوف تجري الشهر القادم ، وأن البيت الأبيض يخطط للإعلان عن هذه الجولة هذا الاسبوع . وحسب المصدر نفسه ، فإن زيارة بايدن للسعودية قد تشمل عقد لقاء مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان .
إن اجتماع بايدن مع محمد بن سلمان سوف يشكل تناقضا صارخا مع تصريحاته السابقة التي ادلى بها خلال حملته الانتخابية قبل انتخابه في عام ٢٠٢٠ ، عندما ادان السعودية وقال أنه سيجعل منها " دولة منبوذة " بسبب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في عام ٢٠١٨.
وفي الاسبوع الماضي ، وقع عدد من كبار المشرعين الأمريكيين رسالة تحث بايدن لإعادة ترتيب علاقات واشنطن مع السعودية وأخبروه بضرورة تحذير حكومة الرياض من مغبة الاستمرار في إقامة تعاون ستراتيجي مع الصين في مجال الصواريخ البالستية .
وبالرغم من أن الرسالة لم تطلب من بايدن إلغاء الزيارة ، الا انها اثارت ستة قضايا طلبت من الإدارة التركيز عليها مع السعوديين ؛ وهي أسواق النفط ، حرب اليمن ، اعتقال النشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان ، التحقيق في مقتل جمال خاشقجي ، وتعاون السعودية مع الصين في المجالات العسكرية والطاقة النووية .
الولايات المتحدة ، كقوة عظمى ، لا تعير لقضايا حقوق الإنسان أي اعتبار ، والمهم لديها هو أمران : الأول تامين مصالحها الاستراتيجية بغض النظر عن المبادئ التي تدعي الالتزام بها ، والثاني هو توفير الأمن والحماية التامة للكيان الصهيوني .
وزيارة بايدن المرتقبة للسعودية هدفها الأساسي هو الضغط على الرياض لزيادة انتاج النفط وذلك لخفض أسعار الطاقة ، التي وصلت الى مستويات قياسية منذ بدء الحرب في أوكرانيا في الرابع والعشرين من شباط الماضي . السعودية من جانبها سوف تستثمر زيارة بايدن لطوي صفحة التوتر في العلاقة والاعتراف بمحمد بن سلمان الوريث الشرعي لعرش المملكة بعد رحيل والده .
تصريحات بايدن السابقة لم تكن سوى دعاية انتخابية ، وهو اليوم يتملص منها وأهم شئ عنده هو ايجاد حلول لمشاكل بلاده الراهنة ومنها أزمة الطاقة وأسعارها ، لاسيما وإن استطلاعات الرأي العام تشير الى تدني شعبيته قبل عدة اشهر من الانتخابات النصفية المقررة في تشرين الثاني المقبل .
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha