التقارير

اعترافات بومبيو: "أمريكا أمّ الإرهاب"

2005 2022-06-24

عادل الجبوري ||

 

    في حوار أجرته معه مؤخرًا قناة "العربية" السعودية، تحدث وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو عن الكثير من تفاصيل وظروف ودوافع جريمة العصر المتمثّلة باغتيال كل من قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الحاج ابو مهدي المهندس، قرب مطار بغداد الدولي فجر الثالث من شهر كانون الثاني-يناير من عام 2020، وكشف  بومبيو عن حقائق بعضها لم يكن خافيًا عن البعض، وبعضها الآخر ربما ورد لأوّل مرة على لسانه، ناهيك عن أن مجمل أجوبة الوزير وتوضيحاته وتبريراته انطوت على الكثير من المغالطات والتناقضات والادعاءات البعيدة كل البعد عن الواقع.

  ولعل الملاحظة المدخلية المهمة بشأن الحوار مع بومبيو، تتمثل في أن الوسيلة الاعلامية التي أجرته، هي قناة "العربية" السعودية، المعبرة بصورة واضحة وصريحة عن سياسات وتوجهات ومواقف النظام الحاكم في الرياض، بحيث إنها لا تمتلك أي هامش ولو كان صغيرًا للرأي الآخر، مما يعني أن مشروع الحوار مع بومبيو ومضامين ذلك الحوار وما كان يراد له من رسائل ومخرجات، لم يوضع من قبل شخص أو فريق تحريري من كادر القناة، واذا كان كذلك، فإن الخطوط العامة رسمت من قبل دوائر سياسية عليا.

   والملاحظة الأخرى، أن توقيت اجراء الحوار وبثه جاء قريبًا من موعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للسعودية، والجدل والسجال الدائر بشأنها في دوائر سياسية مختلفة في الرياض وواشنطن وعواصم أخرى، لا سيما مع تأكيدات بايدن أنه ذاهب الى السعودية للمشاركة في اجتماع دولي وليس للقاء ولي العهد محمد بن سلمان، في إشارة الى ثبات موقف واشنطن من قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في داخل قنصلية بلاده بمدينة اسطنبول التركية في الثاني من شهر تشرين الاول-اكتوبر من عام 2018.

   بومبيو كرر ادعاءات ادارته أن العالم أصبح أكثر أمنًا بعد اغتيال اللواء سليماني، وأنه بفعل الجريمة الإرهابية هذه تمت حماية أرواح أعداد كبيرة من الأميركيين، بيد أن الواقع يشير إلى عكس ذلك تمامًا، فالولايات المتحدة الأميركية بارتكابها جريمة اغتيال اللواء سليماني والحاج المهندس، إنما قدمت الى تنظيم "داعش" الارهابي هدية ثمينة للغاية، بحيث إن ما عجز عن تنفيذه ذلك التنظيم نفذته الولايات المتحدة بطريقة غادرة.

   واذا كانت واشنطن من وراء استهدافها للواء سليماني والحاج المهندس، كانت تسعى الى ضرب واضعاف وتحجيم جبهة المقاومة، فإنها في واقع الأمر حصدت نتائج عكسية، اذ ان جبهة المقاومة اكتسبت مزيدًا من القوة والارادة والتأييد في مختلف الساحات والميادين والمواقع. في ذات الوقت الذي تسببت فيه عملية الاغتيال بالكثير من الاضطراب والارتباك الامني والسياسي في دوائر القرار بواشنطن و"تل ابيب" ولندن وعواصم دولية واقليمية اخرى، الى جانب القلق والتململ الواضح في أوساط الرأي العام هناك في اطار ترقب الرد.

   فعلى سبيل المثال، لا يجد المتابع والمراقب صعوبة في رصد طبيعة التوجهات والمواقف والاراء المجتمعية والنخبوية الناقدة في الولايات المتحدة لسياسات البيت الابيض سواء في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، أو خلال عهد الرئيس الحالي جو بايدن.

   النقطة الجوهرية الأخرى في حديث بومبيو، هي أنه اعترف بشكل أو بآخر بمشاركة أطراف داخلية في التمهيد لعملية الاغتيال وتنفيذها، من دون أن يدرك أنه باعترافه هذا انما يكون قد فضح بعضًا من أتباع وأدوات واشنطن و"تل ابيب" في العراق، وأعطى دليلًا دامغًا على أن هناك اختراقات خطيرة للمنظومات الامنية والسياسية والمؤسساتية العراقية، فضلًا عن تعزيز الملف القضائي الجنائي لاغتيال الشهيدين بأدلة ومعطيات وارقام جديدة، يمكن أن تحرج واشنطن ومن ساعدها على ارتكاب الجريمة بدرجة أكبر.

   وما هو أخطر، أن اعترافات وزير الخارجية الاميركي السابق، أكدت بما لا يقبل اللبس والغموض، أن السفارة الأميركية في بغداد، تمثل وكرًا ومقرًا لوضع ورسم وتنفيذ العمليات الارهابية أكثر من كونها مقرًا للتمثيل الدبلوماسي، وهو ما أثبتته الكثير من الأحداث والوقائع طيلة الأعوام الماضية، وإلا هل يتطلب العمل الدبلوماسي تواجد أكثر من خمسة آلاف شخص، ومختلف أنواع الأسلحة والمعدات وشتى نظم المراقبة والتجسس والترصد؟

   ربما أراد بومبيو أن يؤكد ويثبت صحة سياسات ادارة ترامب الارهابية، وأهمية دوره المحوري في ترجمة تلك السياسات على أرض الواقع، واظهار ضعف بايدن وفريقه، لكنه ربما لم يلتفت الى انه اعترف بأنه ورئيسه ومجمل أركان ورموز وشخوص نظام بلاده ليسوا سوى مجموعة ارهابيين لا يعرفون إلا منطق الحرب والقتل والتآمر والتخريب والتدمير، ولم يلتفت الى أن هناك ثمنًا باهظًا ينبغي دفعه عاجلًا أم آجلًا.

ــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك