د. جواد الهنداوي ||
يخسرُ الكاتب مكانته و تفقدُ المجلة الناشرة مصداقيتها و دورها و اثرها في الرأي العام المُتلقي ، حينما يكرّسُ الاول قلمه لسرد كاذب لوقائع ، هي مِنْ يوميات المواطن العراق و المتابع ، و حينما تُسارع مجلة رصينة بنشر هذا السرد ،دون ادنى تمحيص وتدقيق وفرز الصحيح من الخطأ .
اكتبُ عن ماورد في المقال ،المذكور عنوانه اعلاه ،والذي نشرته المجلة المشار اليها في العنوان ،بتاريخ ٢٠٢٢/٨/٢٦ ، وتّمَ ترجمة المقال الى العربية من قبل صحيفة ( لو جورنال ) , و تداولت مواقع التواصل الاجتماعي المهتمة ، التقرير بالنشر وبالتعليق .
ليس كُلَ ما يُكتب في هذه المجلة من وصف او تحليل او استقراء للمشهد او للمشاهد السياسية في العراق وفي المنطقة هو صحيح ومُتحرّر من التدليس ومن نوايا التشويه و التحريض ، ومتحرّر ايضاً من اللوبي الصهيوني و من مصلحة لاسرائيل .
كاتب المقال ، المذكور عنوانه اعلاه ، هو السيد السفير ديفيد شنيكر ، الزميل في معهد واشنطن للشرق الادنى ، و المساعد السابق لوزير الخارجية الامريكية لشؤون الشرق الادنى .
اتفقُ مع الكاتب في الشق الاول من عنوان مقاله ( بايدن غير مكترث ) ، ويقصد الكاتب غير مكترث بما يجري في العراق ، وقد كتبنا اكثر من مقال نبيّن فيه عدم اهتمام امريكا بما يجري في العراق و وضحّنا الاسباب ، و أخر مقال في هذا الشأن هو بعنوان ( لم يعُدْ اهلنا يخافون علينا في الغربة ،نحن نخاف عليهم في الوطن )، منشور في عدة صحف و مواقع ومنها جريدة رأي اليوم ،لندن ،عبد الباري عطوان ،بتاريخ ٢٠٢٢/٨/٢٠ .
يكتب السيد شنيكر ، بأنَّ " عدم اكتراث الرئيس بايدن منحَ ايران اليد العليا في العراق ". كل الصحف الامريكية و الاسرائيلية و البعض العربية تكتب ، ومنذ سقوط النظام السابق في العراق ، بأنّ لايران اليد العليا في العراق ،و أنَّ امريكا سلّمت العراق لايران ،بل امريكا سلّمت المنطقة لايران . وطبعاً كُثرٌ من ( صحف وسياسيين ، و مواقع ) يرددون ذلك دون معرفة بانَّ تسويق و ترويج هذا الطرح اساءة للعراق و اساءة لشعوب المنطقة .
اذاً لماذا يتكرر هذا الطرح و الوصف الآن ؟
السبب هو التقارب الامريكي الايراني لتوقيع الاتفاق النووي ! وهذا ما لا يُفرح اسرائيل و عملائها ، لذا من الضروري تشغيل الاعلام الصهيوني و كتّابه لاعادة اسطوانة ايران و يدها العليا على العراق وعلى المنطقة ، لعلَ ذلك يُثير حفيظة اللوبيات التي لاتريد احياء الاتفاق ، والتي لاتريد أمن و استقرار المنطقة ،وفي مقدمة تلك القوى واللوبيات هي اسرائيل .
لا اتفقُ مع الكاتب في شقّه الثاني من العنوان حين يقول : ( المالكي قادَ انقلاب على الصدر) ، ويستطرد الكاتب تحت هذا الشق من العنوان فيذكر " ان الاطار التنسيقي المنافس للصدر لعبَ ورقته المهمة ،لمنع الصدر وحلفاءه السنة و الاكراد من تسميّة رئيس الوزراء ،وهي استخدام الثلث المعطل لعقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية " . ويضيف الكاتب " ان العقل المدبر للانقلاب ،لم يكْ غيره ،نوري المالكي …" .
اغفلَ الكاتب عمداً حقائق و قدّمَ للقارئ معلومات مشّوه ؛ لا أحدَ من الاطار التنسيقي ، قادَ انقلاباً على السيد الصدر . اهملَ الكاتب حقيقة فشل التيار الصدري في جمع الاصوات اللازمة لتمرير مشروعه السياسي ، لم يتحدث الكاتب عن فشل التيار الصدري في تحالفه مع السنّة و مع الكرد ؛ لم يذكر الكاتب بانّ المكونات الاخرى ( السنّة و الكرد ) رفضوا فكرة الصدر في حكومة اغلبية ،قائمة على اقصاء احزاب كبيرة من المكّون الشيعي . لا السيد المالكي و لا السيد العامري ولا السيد الحكيم وغيرهم من قادة الاطار قادَ او دعا الى انقلاب او تمرّد او عصيان .
نُشِرَ المقال للكاتب بتاريخ ٨/٢٦ ، اي في وقت يواجه العراق حركة تمرّد و انقلاب بقيادة السيد الصدر ضّدَ النظام السياسي والدستور ، وتحت مسميات ثورة الشعب على الفساد .
الكاتب قلبَ حقائق المشهد السياسي في العراق ، فهو يتهم السيد المالكي بقيادة انقلاب ،بالوقت الذي يصرّح السيد الصدر و وزيره العراقي يوميا بمواقف ضّدَ الدستور وضّد النظام السياسي ويدعوان للتمرّد وللعصيان . الكاتب لا يتحدث عن تعطيل عمل مجلس النواب بسبب اعتصامات انصار التيار و لا يكتب عن منع تداول السلطة في العراق ، ولم يتحدث عن قرار السيد الصدر بخروجه من مجلس النواب ،وما لذلك القرار من تداعيات سياسية . الكاتب لم يتطرق الى اقتحام مجلس القضاء الاعلى . هذه هي الاحداث التي تميّز المشهد السياسي في العراق .
كان هدف الكاتب على ما يبدوا هو التركيز على ايران وعلى السيد المالكي ، وهذا ما كان ولا يزال ديدن بعض الاقلام المأجورة .
https://telegram.me/buratha