التقارير

أمريكا على سكّة فقدان هيمنة النفوذ وهيمنة الدولار .


السفير الدكتور جواد الهنداوي ||

 

·        رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات وتعزيز القدرات /بروكسل

 

     وقائع و حقائق المشهد السياسي و الاقتصادي العالمي تدّلُ على ما يعنيه العنوان .ولكن قبلَ طرح الوقائع و الحقائق الدّالة ،دعونا نذكرُ  ، ولو بعناوين ،الاسباب التي جعلت  المسار الامريكي على سكّة خسارة النفوذ السياسي و نهاية هيمنة الدولار . أنتشرَ و شّلَ داء الغرور و الاستكبار عقل الادارات الامريكية المتعاقبة ،منذ تسعينيات القرن الماضي ، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، فلمْ تعّرْ الادارات الامريكية المتعاقبة ايّ اعتبار للآخر و للقيم : انتهكت القوانين الدولية وسيادة دول وحقوق الشعوب ،وشّنت حروب غير شرعيّة و غير قانونية و فرضت الحصار والعقوبات غير الانسانية على اكثر من دولة ، و وظّفت الارهاب وبأبشع صورهِ ، تعاملت مع الاصدقاء والحلفاء بأسلوب الابتزاز والاستخفاف . بأختصار لمْ تقمْ أمريكا للحق و للعدالة ايّ اعتبار .

    تعاملت امريكا ، و لاتزال ، مع الملفّات السياسية و الاقتصادية وغيرهما ، وخاصة تجاه منطقة الشرق الاوسط ، وفقاً لما تُمليه مصالح الصهيونية واسرائيل وشركات السلاح ، وليس وفقاً لما تُمليه مصلحة الشعب الامريكي . كرّستْ امريكا اكثر من اربعة عقود من الزمن في تمويل حروبها و غزواتها ، و اغتنمت الصين هذه الفترة في البناء وتعزيز القدرات الاقتصادية و العسكرية و السياسيّة ، ومن الطبيعي أن يجني كل طرف ثمار عمله ،فحصدت الصين القوة الاقتصادية و المالية و النفوذ ، وخسرت امريكا كثيراً من المكانة والنفوذ السياسي ، وتخسر قريباً هيمنة الدولار .

    من الوقائع التي تُظهر امريكا وهي على سكّة فقدان هيمنتها السياسية هو خروج اصدقائها وحلفائها مِنْ علاقة الاذعان وقبول المفروض ، أصبحَ بمقدورهم التحدّي و اتخاذ قرارات او تبني تصريحات تُزعج امريكا وترفض املاءاتها المباشرة او غير المباشرة .

   لم يتردّد الرئيس الفرنسي بتبني تصريحات هجوميّة على الادارة الامريكية بسبب حرب اوكرانيا وارتفاع اسعار بيع الطاقة و أتباع معايير مزدوجة ، خلال مؤتمره الصحفي الذي اجراه في بروكسل ،على هامش قمّة الاتحاد الاوربي التي انعقدت بتاريخ ٢٠٢٢/١٠/٢٠ .

   وفي وقت سابق ،حذّر وزير الاقتصاد الفرنسي من محاولة واشنطن بفرض هيمنة اقتصادية على اوربا ، من خلال اضعاف اوربا ،عبر الحرب في اوكرانيا،. وعبر بيعها  الغاز المُسال لنا بأربعة اضعاف سعر البيع في امريكا .

    وقد يكون قرار المملكة العربية السعودية بتخفيض انتاج النفط بمقدار ٢ مليون برميل يومياً اكثرُ من ايّ موقف آخر موجعاً للأدارة الامريكية ، و عبّرت الادارة الامريكية ، وبصراحة ،عن امتعاضها و دهشتها من موقف المملكة .

    مضتْ المملكة قُدماً في التفكير و التعبير بما تراه مناسباً لمصالحها الاقتصادية ،دون اكتراث بما سيكون عليه موقف امريكا ،فقد عبّرت المملكة عن رغبتها للانضمام الى " تكتّل بريكست " ، والذي يضمُ روسيا و الصين والهند ودول اخرى من امريكا اللاتينية وافريقيا و اوربا ، وهذا ما قاله رئيس جنوب افريقيا ، ونقلاً عن ولي العهد الامير محمد بن سلمان .( صحيفة رأي اليوم الاكترونية ،عبد الباري عطوان ،٢٠٢٢/١٠/٢٤ ) .

     انضمام المملكة الى هذا التحالف يصّبُ بالتأكيد في مصلحتها الاقتصادية و السياسيّة ، والاسباب معروفة فهو تحالف لاكبر كتلة بشرية و اقتصادية ونفطيّة ،وخاصة عند انضمام ايران ايضاً ، وبقيادة التحالف دولتان كبرى  و ذات عضويّة دائمة في مجلس الامن ، وذات وفاء و التزام تجاه الحلفاء و الاصدقاء ، وموقف روسيا تجاه سوريا ، ودعم روسيا العسكري والسياسي لسوريا ( في مجلس الامن ) خير شاهد .

    امريكا تدرك التبعات الاقتصادية و السياسيّة لانضمام المملكة لتحالف بريكست : انضمام المملكة سيعزّز التحالف اقتصادياً و نقدياً ،اي سيعزّز القوى التي ستجرّد امريكا نفوذها السياسي و سلطة الدولار ،خاصة اذا نجحت دول البريكست بأستخدام العملة الوطنية في تبادلاتها التجارية .

   هل ستتحمّل امريكا ارتدادات الحرب الاوكرانية العسكرية و الاقتصادية عليها وعلى الشعب الاوربي ،الذي لن يتوقف عن التظاهر و الاحتجاج و رفع الاعلام الروسيّة ؟

  هل ستتحمّل امريكا تكرار وحّدة تصريحات رؤساء الدول الاوربية ( وخاصة فرنسا والمانيا ) تجاه توريطهم في حرب اوكرانيا ؟

هل ستتحمل امريكا نهوض المملكة العربية السعودية ،لاجل مصالحها ، و استدارتها نحو حلفاء آسيوييين جُددْ و اقوياء ، وليس على وفاق مع امريكا ؟

   ماذا عساها ( واقصد امريكا ) أنْ تفعل اذا احتكمت الى العقل والمنطق ؟

   ولكن ،يمكن ان تفعل الكثير اذا أحتكمت الى سياسة الغاب ، والتفكير بالركون الى المفاجأة ،  والخروج بحل بعد خلط الاوراق .

 

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك