التقارير

عرينُ الأسود وأسودُ الأطلس صفحاتُ عزٍ وتاريخُ مجدٍ


د. مصطفى يوسف اللداوي ||   العالم كله منشغلٌ بكأس العالم ومباريات كرة القدم، فهي التي يصفونها بالساحرة المستديرة، ومعشوقة الجماهير، وسيدة الملاعب وأم الرياضات، وهي من ألعاب القوى التي يتميز بها الرجال وتختال بها الدول، وتنفق عليها مليارات الدولارات لتحجز أماكنها، وليكون لها نواديها، وليسطع فيها نجومها ويتقدم أبطالها ويشتهر لاعبوها، والمنتصرون فيها يرفعون شأن بلادهم، ويعلون ذكر أوطانهم، ويسلطون الأضواء على تقاليدهم وعاداتهم، ويفرضون على الأمم احترام عقائدهم وتقدير حضاراتهم، ما جعل البلاد عليها تتنافس ولأجلها تعمل، وللوصول إلى تصفياتها والمشاركة فيها تضحي، وقد كان للعرب دائماً فيها نصيبٌ مفروضٌ يزيد وينقص، لكنها غالباً تحضر وتشارك، وقد لا تصل إلى النهائيات، لكنها تطمح وتجتهد. في مونديال كأس العالم في قطر لم تمثل الأندية العربية، الأخضر السعودي، ونسور قرطاج التونسي، وأسود الأطلس المغربي، والعنابي القطري، دولها وشعوبها فقط، وإن كانت خير من يمثل بلادها ويعبر عنها، وأفضل من يرسم صورتها ويعكس حقيقتها، فهم المنتخبين من بين أفضل لاعبيها وأمهر رياضييها، والمختارين بعنايةٍ من بين مواطنيها، ممن سمت بهم مناقبهم، وارتقت بهم قيمهم، وامتازوا بشيمهم النبيلة وأخلاقهم الرفيعة، وقد اعتزوا بدينهم ورفعوا رؤوسهم عالياً بإسلامهم، وخاضوا مبارياتهم كما يخوضون معاركهم بنبلٍ وشرفٍ، يرومون النصر، ويتطلعون إلى تشريف أمتهم وتكريم شعوبهم، ورفع رأسهم وتجميل صورتهم. بل مثلت الأندية العربية الأربعة المشاركة الأمة العربية واستعرضت حبها لفلسطين، ورفعت اسمها إلى جانب بلادها، وفرضت حضورها وعرضت قضيتها، ورفرف لاعبوها بعلمها، وزينوا معاصمهم بألوان نسيجه الأربعة، ولم يترددوا أبداً في إبداء ولائهم وإظهار مشاعرهم تجاه فلسطين وأهلها، ومساندة نضالهم ودعم مقاومتهم، وتأييد قضيتهم ورفض الاعتراف بعدوهم أو التعامل معه والقبول به، فغدا المونديال وكأنه مهرجانٌ لفلسطين، وكرنفالٌ لشعبها، ونادٍ لعرض قضيتها، ومنبرٍ للتعبير عن معاناتها، وسوقٍ للترويج لتراثها وعرض أزيائها، وبات الإسرائيلي بينهم غريباً منبوذاً، مطروداً معزولاً، لا مكان له ولا قدر، ولا احترام له ولا تعامل معه. فرحت الشعوب العربية بأنديتها الأربعة المشاركة في مونديال قطر، وتمنت لو أنها تفوز في كل مباراة، وتصل إلى التصفيات النهائية، وتفوز إحداها بكأس العالم وتهدي نصرها إلى فلسطين، وتسجل موقفها من المستطيل الأخضر إلى كل العالم أن الأمة العربية كلها مع فلسطين، وأنها تؤيدها وتقف معها، وتساندها ولا تتخلى عنها، وأنها جاهزة للقتال مع أهلها والتضحية من أجلها، ففلسطين بالنسبة لهم جزءٌ من عقيدتهم، وهي آيةٌ من كتاب ربهم، والأقصى أرض الإسراء ومنطلق المعراج، مسجدهم المبارك وقبلتهم الأولى. قدمت الأندية العربية الأربعة التي شاركت في المونديال عروضاً رائعة أظهرت تميزها وأكدت على جدارتها، فقد كان أداؤها رائعاً ومميزاً، وإن كانت ثلاثة منها قد خرجت من المنافسة، ولم تتمكن من التأهل لمباريات الدور الثاني، وهذه هي أصول المباريات وقواعد المونديال، إلا أن أسود الأطلس المغربي ما زالوا في الملاعب، ينافسون بجدارةٍ على الدور النهائي، مما جعلهم محط آمال مشجعي كرة القدم العرب، الذين يتوقون إلى نصرٍ، ويتطلعون إلى فوزٍ، ويأملون الفوز بكأس العالم،  إذ يعنيهم كثيراً رفع أرصدتهم وتحسين صورتهم، وإظهار العرب بأنهم أمة حضارية تستحق الفوز وتستأهل الصدارة. صحيحٌ أنهم لاعبون رياضيون، يتقاذفون الكرة ويدافعون عن مرماهم، ويصدون الهجمات ويغيرون على الخصم ويضغطونه، ويلتفون عليه ويباغتونه، إلا أنهم أثبتوا أنهم جميعاً أندية لفلسطين وفِرَقاً لها، يلعبون لنصرتها، ويجتهدون لرفع قضيتها، والذود عن حياضها، وقد بدوا جميعاً في قطر، لاعبين ومشاهدين، ووافدين ومقيمين، ومواطنين وزائرين، جنوداً بواسل من أجل فلسطين، لا يهتفون إلا باسمها، ولا يرفعون إلا علمها، ولا يذكرون إلا شعبها، وكأن المونديال كان فرصتهم الموعودة وضالتهم المنشودة، للتعبير عن حقيقة مواقفهم تجاه فلسطين التي يحبون، وتجاه الاحتلال الذي يكرهون ويعادون. إنها فلسطين تتألق وتسمو، ويسطع اسمها وتطغى على المونديال قضيتها، ويبدع اللاعبون في تسليط الضوء عليها ولفت الأنظار إليها، وعما قريب سيتألق أسود الأطلس، أبطال المغرب ومنتخب العرب، كتألق كتائب عرين الأسود في نابلس، وكتائب جبع وجنين، ونسور القدس وصقور غزة، وسيهدون إلى الأمة العربية نصراً جديداً ولو كان في ملاعب الكرة، وستفرح الأمة بانتصارهم، وسيبتهج الفلسطينيون بتأهلهم، كما سيغضب العدو لفوزهم، وسيحزن لسموِ مكانتهم وعلو صوتهم، وقد علم يقيناً أنهم في قطر قد جاؤوا ليغيظوه، واجتمعوا ليهينوه، واتفقوا ليطردوه، وتعاهدوا ليقاطعوه.    بيروت في 3/12/2022 moustafa.leddawi@gmail.com
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك