الدكتور السفير جواد الهنداوي ||
رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات وتعزيز القدرات /بروكسل
تنعقد اليوم القمّة الاقليمية الثانية في الاردن ،بعد الاولى ،التي انعقدت في بغداد . وليس كثيراً على أمجاد وتاريخ ودور العراق ان تحملُ هذه القمم السنوية ،على مايبدو ، اسم بغداد . و امام حجم التحديات الاقتصادية والتنموية و معوقّات الفساد و السرقات ، أمرٌ مفيد و نافع ان تكون بغداد و /او اسمها دليل وعنوان لقاءات عربية و اقليمية و دولية ، ونأملُ استمرار هذه اللقاءات بشكل سنوي ،ففي تكرار التلاقي و تبادل الاراء املٌ في تبديد الخلافات وتوثيق العلاقات ،و الوصول الى نتائج ملموسة ، لاسيما انها لقاءات جامعة لاطراف مختلفة كالجمهورية الاسلامية الايرانية والمملكة العربية السعودية ، ولدى البلدان المذكوران النيّة و الارادة الصادقة في استمرار التواصل و اعادة العلاقات الى مستواها الطبيعي ،لما للأمر نتائج ايجابية على تحسين ظروف المنطقة أمنياً و اقتصادياً ، وقد يكون لقاء او اتفاق مبدئي بين الوفد السعودي و الايراني وبيان مشترك لهما في هذه القمة من اهم نتائجها .
اتسعّت قمّة بغداد الثانية لتضمَ البحرين و عمان ,و لتنضم هذه الدول الى الاخرى في تعاونها مع العراق وفي دعمها للعراق ، لأنَّ عنوان القمّة و اهدافها هي دعم العراق في امنه واستقراره وفي اقتصاده وفي تطوير الخدمات ، وهدف القمّة ايضاً هو أمن و استقرار المنطقة. ومن هذا الباب ( امن و استقرار المنطقة ) ، عنّونا المقال ( النظري و العملي … ) ، فلا نشّكُ بارادة العراق والدول الاخرى بضرورة الوصول الى هذا الهدف ( امن و استقرار المنطقة ) ، ولكن كيف الوصول وبعض دول المنطقة و العراق تواجه تحديات سياديّة و احتلال لاراضيها و عدوان عسكري ؟ كيف الوصول الى امن واستقرار المنطقة و دولها تقاطع سوريا الحدودية مع العراق و الاردن وفلسطين ؟ أليس الامن العسكري و الاقتصادي و الاجتماعي ( المخدرات ) موضوعاً مشتركاً بين العراق وسوريا و الاردن ؟ أليس المياه والجفاف مواضيع مشتركة بين العراق وسوريا وتركيا ؟
كيف الوصول الى امن واستقرار المنطقة وتحسين ظروف شعوبها و الشعب السوري مُحاصر بعقوبات و تُسرق ثرواته ونفطه من قبل دولة عظمى ( امريكا ) ،عظمى بالتآمر على مصائر الشعوب ونهب خيراتها وسلب امنها و استقرارها . ليس سياسة ودبلوماسيّة ، أنْ تفرض علينا امريكا محاصرة الشعب السوري وتجويعه و الدعوة الى الانفتاح والتطبيع و التطوير مع اسرائيل وهي كيان مُحتلْ وعنصري ومُرتكب لجرائم حرب !
الغريب هو استمرار بعض الاشقاء العرب بمقاطعة سوريا ،حتى بعد نهاية لعبة الديمقراطية وحقوق الانسان ، و وضوح كل شئ ، وبتصريحات كبار المسؤولين الامريكين و العرب . و الاشقاء العرب اولى من تركيا ،التي حملت راية معركة الديمقراطية وحقوق الانسان في سوريا ، والتي تحاول وتستعجل ،اليوم ، وعلناً ، اعادة العلاقات مع سوريا .
اعتقدُ بأنَّ الحديث و الامل عن امن واستقرار المنطقة يصبحُ جاداً حين تنجحُ المساعي في انهاء حرب اليمن ، وحين يتم احترام سيادة سوريا و ادانة الانتهاكات التي تتعرض لها من الحصار و الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة ، وحين يُسدل الستار على مقاطعتها ارضاءاً لامريكا وللرئيس ماكرون ، وحين تسحب تركيا قواتها الى خارج الحدود السورية .
لم ولن تقبلْ الشعوب العربية المعادلة الامريكية القائمة على دعم هيمنة اسرائيل و الدعوة الى التطبيع معها بحجة امن واستقرار المنطقة ، في الوقت الذي يُحرمْ الشعب الفلسطيني من حقوقه وارضه ، و يُحاصر و يجّوع الشعب السوري والشعب اللبناني بحجج وبذرائع الديمقراطية والحكم الرشيد وحقوق الانسان ، والتي ثَبُتَ زيفها و جاءت بالضّدْ من المطلوب .
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha