عبدالملك سام ||
🔘 فساد الغذاء هو نوع من المفاسد التي أنتشرت في ظل الحضارة الغربية المهيمنة، ومما يتجاهله الناس اليوم هو أن للغذاء تأثير على التصرفات، وهو ما يظهر أهميته في العقائد والتشريعات المختلفة، حيث يتم التفريق فيها فيما هو حلال وحرام، وأيضا في نوعية الأكل الذي يتم تناوله من قبل فئات معينة لتأثيره على الأعمال التي يقومون بها.
المأكل الطيب له تأثير كبير على صحة الإنسان، ولو سألت أي طبيب عن تأثير المأكولات على الصحة لأجابك بأنها السبب الرئيس في كل أنواع العلل والأمراض منذ القدم، كما أن العادات الحديثة سببت لنا أمراضا مستحدثة أيضا، وهو تصديق للمقولة القديمة المأثورة: "المعدة بيت الداء"، وهناك تحذير يوجهه الطبيب إليك وهو يشير بيده محذرا: إحذر مما تدخل في فمك!
والحال هكذا، فمن الطبيعي أن تركز الشركات العالمية على المأكولات؛ فهي تعود عليهم بعوائد مالية كبيرة نتيجة الأحتكار والسيطرة على أسواق الغذاء، وقد مهدت الأنظمة المهيمنة لها الطريق عبر تشريعات ملزمة تحت مسمى "العولمة" و"حرية التجارة"، والعمل على توجيه الأذواق نحو منتجات هذه الشركات عبر ماكينة إعلامية ضخمة، وهذا ما نراه اليوم في إنتشار المطاعم والمنتجات عابرة الحدود، والتي باتت تغطي كل أنحاء العالم تقريبا.
بالطبع هذه المنتجات يتم التركيز فيها على المذاق والشكل والسعر قبل أي شيء آخر، أما الفائدة الغذائية والقيمة الصحية فهما آخر إهتمامات منتجي هذه السلع، وهذا ما جعل سعر قطعة اللحم التي توضع في شطائر البرجر مثلا أقل من سعر تفاحة! وحاليا يتجهون نحو زراعة اللحوم في المعامل بدل المزارع، ومعظم الأبحاث اليوم تحاول تقليل تكلفة الإنتاج المعملي تمهيدا لغزو الأسواق بمنتجات "معدلة".
أخطر هذه المنتجات التي تغزو أسواقنا اليوم ربما هي الدقيق والمشروبات الغازية والحلويات، هذا بالإضافة للأدوية ومواد العناية الشخصية والألبان وغيرها من المنتجات عالية الإستهلاك، وكل هذه المنتجات تحظى بالرواج رغم ما يثار حولها من شكوك صحية بعد الإنتشار غير الطبيعي لأمراض مزمنة وفتاكة كالسرطان والسكر وأمراض الكبد والكلى وغيرها!
بسبب ما تعانيه المجتمعات حول العالم جراء إنتشار هذه الأمراض والأوبئة، إتجهت الكثير من الدول والحكومات نحو فرض قيود على هذه المنتجات، وللأسف فإن هذه الدول هي نفسها التي تقوم بإنتاج هذه المواد الضارة، وفي نفس الوقت لا تسمح ببيعها في أسواقها المحلية إلا وفق معايير تختلف عما هي عليه في المنتجات التي تصدرها إلى أسواقنا.
فمثلا لا يتم السماح ببيع حليب الأطفال الذي تنتجه بعض الدول الأوربية على أراضي الإتحاد الأوروبي، ولكنها تقوم بتصدير هذه البضائع إلى دول العالم الثالث!
الأمر بالغ الخطورة، خاصة وإستهلاك هذه البضائع الرديئة له آثار إقتصادية وإجتماعية وصحية سيئة على المدى المتوسط والبعيد يؤثر على مصير هذه المجتمعات، أي أنها تؤثر على مستوى الأمن القومي للدول التي تستهلك هذه البضائع، ورغم أن "الحمائية" تعتبر حلا معقولا لكبح معظم هذه المخاطر، إلا أن هذا الأمر يتم التعامل معه ببطئ ولا مبالاة غريبين.. فمتى سنتحرك في مواجهة هذه الحرب الكيميائية؟!
ℹ️ الحمائية (Protectionism): هي سياسة اقتصادية لتقييد الواردات من البلدان الأخرى، من خلال أساليب مثل: التعريفات الجمركية على البضائع المستوردة، وحصص الاستيراد، ومجموعة متنوعة من اللوائح الحكومية الأخرى.
- المصدر: ويكبيديا
ـــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha