التقارير

أوربا ونزاع طويل الامد في اوكرانيا..!


السفير الدكتور جواد الهنداوي ||

 

·        رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات  وتعزيز القدرات/ بروكسل

 

في مؤتمر ميونيخ:تعلن اوربا استعدادها لنزاع طويل الامد في اوكرانيا. مغزى التصريح و توقيته؟

 

      يستحقُ المؤمر لهذا العام ، والمنعقد منذ يوم اول امس ، الجمعة ٢٠٢٣/٢/١٧ ، في مدينة ميونيخ الالمانية ، عنوان " مؤتمر ميونيخ للحرب ، بدلاً من مؤتمر ميونيخ للأمن الدولي . و للأمانة ، وبدون تجنّي على نوايا و ارادات الهيئة التأسيسّية للمؤتمر ، و الذي ابتدأ ( واقصد المؤتمر ) انعقاده السنوي و بانتظام ،منذ عام ١٩٦٣ ،لم ينعمْ العالم بالامن و بالسلام ،بل العكس . ليستنفر القارئ ذاكرته ويّعد الحروب و المآسي التي واجهتها شعوب مستضعفة منذ انطلاق المؤتمر وحتى يومنا هذا ! حروب عسكرية واقتصادية و حصار و احتلال في آسيا و افريقيا وامريكا اللاتينية و اوربا ؛ وفي مقدمة هذه الحروب و المآسي ، حرب واحتلال فلسطين . هل يخطرُ على بال المؤتَمرين نقاش موضوع حقوق الشعب الفلسطيني و مصير الدولة الفلسطينية وفقاً لقرارات الامم المتحدة و الشرعية الدولية ؟ هل يُفكّر القادة المؤتَمرين بأن أمن شعوب العالم يقتضي انهاء احتلال اسرائيل للاراضي الفلسطينية المعترف بها دولياً ، ويقتضي تطبيق القانون الدولي و الشرعية الدولية على كيان اسرائيل ؟

مؤتمر ميونيخ للأمن خُدعة و اكذوبة ، وحقيقته هو تكريس لارادة القوة على القانون والعدل ،هو تجديد وتأكيد لارادة تطبيق المعايير المزدوجة ، هو تبادل آراء وتشاور لديمومة منظمومة الاستبداد و هيمنة القطب الامبريالي الصهيوني .

مؤتمر ميونيخ للأمن هو ،في عنوانه ،لا يختلف عن " بدعة "

عبارة " أمن واستقرار المنطقة " المعمول به منذ خمسينيات القرن الماضي ،لتكريس احتلال اسرائيل ،وضمان امنها وتفوقها ،واليوم لارساء هيمنتها في المنطقة . مرّت المنطقة بمنعطفات ( حروب ،اتفاقيات سلام ،اتفاقيات اوسلوا  ،و الآن تطبيع ) عدّت جميعها بفيزة " امن و استقرار المنطقة " ، ولم ترْ المنطقة لا أمن و لا استقرار .

  ويكذبُ الامريكان حين يسّوقون للتطبيع مع اسرائيل حُجّة امن واستقرار المنطقة! حيثُ أدّعتْ نائبة وزير الدفاع الامريكي للشرق الاوسط دانا سترول ، في الاجتماع الذي انعقد في الرياض في اطار مجموعة عمل حول الدفاع والامن بين امريكا  ومجلس التعاون الخليجي ،قبيل اجتماعهم في براغ ،والذي يتزامن مع اجتماع ميونيخ ، قالت " جلوس مناطق اخرى ( تقصد دول اخرى ) بالجلوس على نفس الطاولة مع اسرائيل تخدم الامن و الاستقرار في المنطقة " .

 صّرحَ الرئيس الفرنسي ماكرون في المؤتمر ،يوم الجمعة والموافق ٢٠٢٣/٢/١٧ ، " اننا جاهزون لنزاع طويل الامد في اوكرانيا " . وقال ايضاً " ان الوقت الآن ليس للحوار " .

و زادَ المستشار الالماني شولتس ،على ما قاله ماكرون ، بطلبه الى الحكومات الاوربية بالاسراع على تزويد اوكرانيا بالدبابات ، وتعهد بتزويدها بمركبات ليوبارد 2 .

 اذاً التصريح يدّلُ على نيّة و ارداة اوربا بنزاع مُسلّح طويل الامد في اوكرانيا ، وليس فقط بنزاع !

جاء تصريح الرئيس ما كرون ليسبق خطاب الرئيس بوتين والمنتظر يوم الثلاثاء القادم ،الموافق ٢٠٢٣/٢/٢١ . وتُشير معلومات عن خطاب حرب و انتصار ،ساحة الحرب هي اوكرانيا ، ومساحة الانتصار اكبر سياسياً و ميدانياً ؛ سيكون انتصار ضّد الهيمنة الامبريالية العالمية ، وضّد سياسة القطب الواحد .و ما يؤكّد ما نكتبه هو استراتيجية السياسة الخارجية الروسية ،التي اعلن عنها السيد وزير خارجية روسيا  قبل يوميّن ، وفحواها هو مقارعة الامبريالية الامريكية و دعم العدالة و القانون الدولي ، والغاء سياسة فرض الهيمنة الامريكية و ازدواجية المعايير .

موقف اوربا في مؤتمر ميونيخ ،والذي يعلن استعدادها لنزاع طويل الامد ، جعلها تتقدم على امريكا في صدارة النزاع المسلّح ، اي بعد عام على الحرب ،اصبحت الحرب ،الآن حرب روسيّة اوربية امريكية ،وليس حرب  روسية امريكية اوربية ! لكن المستفيد الاول هو امريكا .

نجحت امريكا في تحقيق الهدف الاول من النزاع وهو ان تكون هويّته فكرياً وسياسياً اوربيه وليس فقط من الناحية الجغرافية .

ستتفرغ امريكا اذاً الى الصين ومناطيدها و مفاجئاتها ، و تترك اوربا و الناتو لينشغلان في اوكرانيا و روسيا .

لم يقدِمْ الرئيس الفرنسي على التصريح بأستعداد اوربا لنزاع مسلّح طويل الامد الّا بعد اطمئنانه على موقف وتضامن و استعداد الماني مماثل ، اصبحت المانيا الآن سياسياً و اقتصادياً تدور في فلك الناتو و امريكا ، تحررّت على ما يبدوا من اعتمادها على الغاز الالماني ، و اصبحت بعيدة عن موقعها المعروف بالحيادي النسبي و البعيد عن التسليح و الانخراط في النزاعات المُسّلحة . وهذه عوامل تنذُرُ بحربٍ طويلة من حيث الزمن و واسعة المساحة من حيث الجغرافية .

ليست الشعوب الاوربية بغفلةٍ عن ما يرتكبه قادتهم ،وعن ما ينتظرهم من تداعيات و خطر انزلاق نحو حرب كوّنية ، ويدرك النُخب ، وحتى قادة اوربا ، بعدم قبول الرئيس بوتين غير الانتصار ، وسيكون رهان الاطراف المتنازعة على معنى و مفهوم " الانتصار "

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك