محمد صالح حاتم ||
تعد السودان من البلدان العربية التي شهدت عدة انقلابات عسكرية منذ اعلان استقلالها عن الاحتلال البريطاني عام 1956م، كل هذه الصراعات والانقلابات جعلت السودان يعيش حالة من الاضطرابات وعدم الاستقرار السياسي والامني، والتي كانت أخرها الاطاحة بحكم البشير في عام 2019م وهو ما أثر عكسيا على الاوضاع الاقتصادية للشعب السوداني، الذي يعيش في فقر مدقع، رغم ما تمتلكة السودان من مقومات اقتصادية كبيرة منها القطاع الزراعي، والنفط، والذهب من شأنها أن تجعلها في مصافي دول العالم.
طيلة العقود الخمسة الماضية كانت السودان ساحة للصراعات والتدخلات الخارجية، ومنها الصراع بين جنوب وشمال السودان والتي انتهت باعلان انفصال جنوب السودان في العام 2011م واقتطاع مايزيد عن 600 الف كيلومتر من مساحة السودان، وكذا استحواذ الجنوب على منابع النفط والتي كانت قد وصل انتاج السودان مايزيد عن 500 الف برميل يوميا، وللسودان محطة اخرى مع الحرب والاقتتال في دار فور غرب السودان والتي تعد بؤرة اخرى وقنبلة مؤقته يمكن ان تنفجر في إي وقت، رغم أن البشير كان قد تمكن من انهاء التمرد فيها.
لنقف وقفة قصيرة مع دار فور وعلاقة قوات الدعم السريع معها، هذه القوة التي انشأت عام 2013م بدعم البشير وهي خليط من الجنجاويد والمتمردين والتي لها سجل اجرامي في القتل والتنكيل بابناء دارفور وفقا لتقارير الامم المتحدة ومنظماتها الحقوقية والانسانية.
الصراع الحالي الذي تشهدة الخرطوم بين قوات الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس القيادة الجنرال عبدالفتاح البرهان ونائبة قائد قوات لدعم السريع بقيادة حميداتي، قد لا يختلف كثيرا عن الصراعات التي شهدت السودان خلال العقود الخمسة الماضية، من حيث الجلوس على كرسي الحكم.
منذ الاطاحة بحكم البشير في عام 2019م، لم يتجة السودان نحو بناء دولة مستقرة ذات سيادة وحكم مدني، وانتخابات ديمقراطية، ولكنه اتجه وفقا لمخططات الخارج وبما يخدم مصالحهم ومشاريعهم في المنطقة بشكل عام.
فكلا الحليفين اعداء اليوم حميدتي والبرهان يعملان على تنفيذ مشاريع امريكا واسرائيل، والتي منها اعلان التطبيع مع الكيان الصهيوني، واعلان الخرطوم العاصمة العربية السادسة التي تعترف بإسرائيل، وهذه خيانة للقضية الفلسطينية، وتفريط في الحق العربي، وإن جوهر الخلاف بينهما حول مناجم الذهب التي يتحكم بها حميدتي وتستفيد منه الامارات كذلك.
الصراع الذي تشهدة السودان اليوم وما نراه من اجلاء لرعايا الدول من السودان ينذر بحدوث حرب اهلية طويلة، تهدف إلى استنزاف مقدرات الجيش السوداني، وتدمير البنية التحتية، وتأزم الاوضاع الاقتصادية للشعب السوداني والذي يعاني من اوضاع اقتصادية صعبة جدا، حيث زاد التضخم اكثر من 300 %.
هذا الصراع الحالي لن يتضرر منه الشعب السوداني فقط، وليس المستهدف منه السودان، ولكن له بعاد دولية واقليمية، وهناك تدخلات خارجية بشكل مباشر، فمصر وجيشها لن يسلم ممايجري في السودان، وزعزعة استقرار مصر احدى اهداف هذا الصراع، والتمدد الاسرائيلي والسيطرة على البحر الأحمر، والتحكم فيه واحد من مخططات الصراع في السودان، وتأجيج الصراعات في القارة الافريقية، لايقاف تقدم التنين الصيني نحو القارة السمراء، وللسودان علاقات قوية معها وبينهم اتفاقية اقتصادية كبيرة.
وكذلك مايجري في السودان اليوم نلاحظ عدم تحرك عربي لايقاف الحرب والاقتتال وكذلك اسلامي او من قبل الاتحاد الافريقي وبشكل جدي وهو ما يجعلنا نضع علامة استفهام حول ذلك؟
فعلى مصر أن تلعب دورا هاما في ايقاف الاقتتال والعمل على انهاء حالة الصراع الدائر في الخرطوم لأنها لن تسلم من شرها، ونار الحرب ستكتوي بها مصر ايضا، وأن يكون للشعب السوداني كلمتة وعدم تسليم اموره وشأنه لجنرالات الحروب وعملاء الخارج، كفاء السودان حروب وصراعات، وهل حان الوقت لصحوة شعبية سودانية، لإيقاف نزيف الدم السوداني... وحفظ مقدراته... واستغلال مقوماته الاقتصادية، والقضاء على الفقر. واختيار من يحكمه بنفسه بعيدا عن الاملائات والتعيينات الخارجية؟
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha