التعديلات التي فرضتها اللجنة المالية النيابية على المادتين 13 و14 من قانون الموازنة والخاصة بحقوق الشعب الكردستاني هددت، بنسف الأجواء الإيجابية التي شهدتها العلاقات الثنائية بين بغداد واربيل على إثر توصلهما قبل نحو شهر إلى اتفاق بشأن تصدير نفط إقليم كردستان.
ومن المقرر أن يصوت مجلس النواب على مشروع قانون الموازنة، اليوم السبت، بحسب تصريح سابق لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي، الا ان الدائرة الإعلامية لمجلس النواب لم تدرج أي جدول اعمال لغاية الان!.
عبّر رئيس اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، اليوم السبت، عن "قلق عميق"، مما أسماها بالتغييرات التي مست فقرات مشروع قانون الموازنة العامة العراقية المرتبطة بالحقوق الدستورية لإقليم كردستان، وقال إنه يرفضها "تماماً".
وقال بارزاني في بيان إن "هذه الخطوة تخلق عقبة في طريق مشروع قانون الموازنة العامة الذي يتطلع العراقيون بأمل إلى المصادقة عليه لثلاث سنوات قادمة".
وأضاف أن "الالتزام بالاتفاقية السياسية لائتلاف إدارة الدولة هو الأساس للأمان والاستقرار السياسي للعراق، وهو الخطوة الصحيحة باتجاه مستقبل أفضل للبلد ولمكوناته كافة، وتجاوز التفاهم والاتفاق والسعي لانتهاك الحقوق الدستورية لإقليم كردستان، يمثل أسلوب تعامل مخالف تماماً للمسؤولية الوطنية ولا ينتج سوى خيبة الأمل وتعكير صفو الاستقرار السياسي للبلد، ويضر بكل العراق".
وتابع بارزاني، أن "الماضي والتجارب أثبتت بأن التعامل بمنطق القوة والأغلبية والأقلية وانتهاك حقوق واستحقاقات مكونات العراق، لم يجلب قط الأمان والاستقرار للبلد ولن يفعل، لهذا ندعو الأطراف كافة وخاصة أطراف ائتلاف إدارة الدولة إلى الالتزام بالاتفاقيات وأن نتصرف جميعنا بمستوى المسؤولية، كما أن على الأطراف الكردستانية أن توحد الصف وتتلاحم في الدفاع عن حقوقنا الدستورية".
وقال، "نؤكد أن إقليم كردستان، وكما هو دائماً، مستعد لحل كل المشاكل على أساس الدستور، وكانت تجربة الأشهر الأخيرة من العمل المشترك والتفاهم والوئام بين القوى والأطراف العراقية والعمل باتفاقية تشكيل الحكومة الاتحادية، مبعث ارتياح لشعب العراق وأصدقائه، لهذا ينبغي تعزيز هذا التوجه وعدم السماح لأشخاص بأن يحرّفوا الاتفاقيات ويعقّدوا الأوضاع".
بدورها، صوتت اللجنة المالية النيابية، أمس الأول الخميس، على إلزام إقليم كوردستان بدفع 10% بشكل شهري من الرواتب المستقطعة لموظفيه، فيما ضمّن ذلك بتعديلات الموازنة التي تجري مناقشتها.
من جانبها، أعربت حكومة كردستان، أمس الجمعة، عن رفضها الشديد للتغييرات التي أُجريت على الموازنة الاتحادية والتي تمس من حصة الإقليم، معتبرة أن تلك التعديلات هي "انتهاك لحقوق الشعب الكردي".
وذكرت الحكومة في بيان إن "التعديلات التي أجراها بعض أعضاء اللجنة المالية في البرلمان العراقي، بالتاريخ الموافق لـ25 – 5 – 2023 ضد إقليم كردستان، بشأن مشروع قانون الموازنة، غير دستورية ومخالفة للاتفاق بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية".
وشدد البيان على أن هذه التعديلات "ضد مبادئ اتفاق حكومة ائتلاف إدارة الدولة وبرنامج التشكيلة الحكومية الحالية الذي تم التصويت عليه في مجلس النواب".
وأوضح البيان "نحن كحكومة إقليم كردستان لن نقبل بأي شكل من الأشكال هذا القمع وانتهاك حقوق شعب كردستان ولن نلتزم بأي قرار آخر غير الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع حكومة السوداني (رئيس الوزراء محمد شياع السوداني)".
بدوره، كشف الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، أمس الجمعة، عن أهم تعديلات موازنة 2023 فيما يخص اقليم كردستان.
وقال المرسومي في تدوينة ، إن "اللجنة المالية البرلمانية صوتت على عدة تعديلات تتعلق بكردستان منها:
اولا: جرى تعديل في المادة 13 ثانيا أ اذ تلتزم كردستان بموجب النسخة الحكومية للموازنة بتصدير ما لايقل عن 400 الف برميل يوميا في حين اصبحت هذه الفقرة بعد التعديل تنص على تسليم الاقليم للنفط الخام المنتج في حقولها بمعدل لا يقل عن 400 الف برميل يوميا الى وزارة النفط لتصديرها عبر سومو او استخدامها محليا في المصافي العراقي . ان هذا التعديل قد اضفى نوع من التعقيد في العلاقة بين المركز والاقليم بسبب الصعوبات الفنية المتعلقة بتسليم نفط الاقليم للمركز من جهة وبسبب تجريد المركز من سلطة تصدير النفط من جهة اخرى.
ثانيا: تم تعديل الفقرة ج من المادة ذاتها التي كانت تنص على التزام وزارة المالية بتسديد مستحقات الاقليم شهريا واجراء التسويات الحسابية على اساس ربع سنوي بمعنى ان الاقليم كان يستلم مستحقاته في موازنة 2023 قبل ان يسلم النفط لكن في التعديل الجديد الزمت الاقليم بتسديد ايراداته النفطية وغير النفطية قبل ان يستلم حصته من الموازنة.
ثالثا: جرى تعديل المادة 14 اولا التي كانت تنص ايداع الايرادات الكلية لنفط الاقليم في حساب مصرفي واحد وبعد التعديل اصبح الاقليم ملزما بايداع ايرادات النفط في حساب مصرفي يفتح في البنك المركزي العراقي في حين كان الاقليم يسعى الى فتح الحساب في مصرف سيتي بنك.
رابعا: منع الإقليم من استخراج النفط من حقول كركوك ونينوى الخاضعتين حاليا لسيطرة حكومة كردستان وهو ما يشكل حاليا اكثر من ثلث انتاج الاقليم من النفط الخام.
من جهته، أكد نائب رئيس مجلس النواب شاخوان عبدالله أنه لن يتم السماح بعقد جلسة مجلس النواب للتصويت على الموازنة، في حال تعديل المادتين 13 و14 من مشروع القانون المتعلقتين باستحقاقات إقليم كردستان.
وأعرب عبدالله، وهو نائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني، عن أسفه "للمحاولات التي تبذل لتعديل المادتين 13 و14"، مضيفا "لن نسمح بتعديلهما لأنهما نتاج حوار بين الحكومتين دام لعدة أشهر ولهما جوانب فنية وإدارية".
وأقرّ مجلس الوزراء العراقي، في الـ13 من مارس/آذار الماضي، أضخم موازنة مالية في تاريخ البلاد، والتي زادت عن 197 تريليونا و828 مليار دينار عراقي، (نحو 152.2 مليار دولار)، وبعجز إجمالي بلغ 63 تريليون دينار عراقي، مستغلاً ارتفاع أسعار النفط عالمياً، والذي يشكّل أكثر من 95% من عائدات البلاد المالية، وسط اعتراضات خبراء مال وقانون حيال بنود الموازنة، لكنها لم تأخذ طريقها إلى الإقرار حتى الآن بسبب الخلافات.
https://telegram.me/buratha