التقارير

العالم وامريكا؛ مِنْ نشر الديمقراطية الى نشر المِثليّة..!


السفير الدكتور جواد الهنداوي ||

 

·        رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات /بروكسل / في ٢٠٢٣/٦/١٦ .

 

         شَهِدَ و عاش و واجه العالم ، وخاصة العربي و الاسلامي ، لاكثر من عقديّن من الزمن ، مرحلة نشر و فرض الديمقراطية ، حتى بالوسائل القسريّة او بالقوى الغليظة و الناعمة ( احتلال ،عقوبات ، تغيير انظمة حكم ) ، وقادت امريكا هذه المرحلة ،مِنْ الاعداد و التخطيط والتنظيم والتنفيذ . و حَصلَ ما حصل من عنف و ارهاب وفوضى و سرقة لثروات الشعوب وتقويض لمقومات الدولة .

       صاحبَ جهود و مساعي نشر الديمقراطية ظاهرة اخرى ، تستحقُ الدراسة و التحليل ، وهي التعّدي و التجاوز على القوانين و الشرعيّة الدوليّة والمواثيق و الاتفاقيات الدولية و الامميّة ، الاتفاق النووي الايراني الدولي ، كان ايضاً اتفاقاً أُممياً ، تنصّلت عنه ادارة الرئيس الامريكي السابق ترامب ؛ تواجد القوات الامريكية في سوريّة ، شرق الفرات ، واستغلالها لحقول النفط ، حصِلَ من اجل نشر الديمقراطية ، وهو امرٌ ،بكل تأكيد مخالف للقوانين الدولية ولميثاق الامم المتحدة ؛ و الشواهد عديدة مِن فلسطين الى فنزويلا .نجحت المساعي الامريكية ليس في نشر الديمقراطية ، و انما في نشر ثقافة  انتهاك سيادة الدول والتدخل الغليظ في شؤونها و التجاوز على القوانين و الاتفاقات الدولية .

   وماذا عن نتائج سياسة نشر الديمقراطية ، و بالتعدّي والتجاوز على الشرعية والقوانين و المواثيق الدولية وانتهاك سيادة الشعوب ؟

   بالتأكيد تضرّرت كثيراً دولاً وشعوباً ، ويُعدْ ضررهم تضحيات و انتصار لمستقبلهم و دفاعاً عن كرامتهم وسيادتهم ، ولكن خسرت امريكا كثيراً من مكانتها و هيبتها و نفوذها في العالم وفي منطقة الشرق الاوسط .

فقدت امريكا الآن قدرتها في ممارسة سياسة الاملاءات و الابتزاز مع الحلفاء و الاصدقاء ، وفشلت في سياسة المواجه و التحدي مع الخصوم و الاعداء ( طالبان ،ايران ، سوريا ،فنزويلا) .

  تدخلُ رسمياً امريكا الآن ، و تسعى لجّرِ العالم معها ، في مرحلة نشر المثّلية ، حيث اعلن َ الرئيس بايدن ، وفي احتفال كبير ،في البيت الابيض ، بأنَّ امريكا " أمّة المثليين " او مجتمع الميم . و القيم التي تؤمن بها وتتبناها امريكا يجب ، وفق المنظور الامريكي ، ان تسود العالم .

   تمهّدُ امريكا ومعها بعض الدول و المنظمات و المؤسسات الى نشر المثلية و الدفاع عن الظاهرة ،ليس فقط في مجتمعاتها ، وانما في العالم ، وخاصة العربي و الاسلامي لسببّين ؛ الاول هو الموقف الرافض لهذه الدول ومجتمعاتها لتقبّل هذه الظاهرة .

وقد تستفحل ، في الثلاث سنوات القادمة ، حالة صدام حضارات بين غرب ، شعاره وديدنه بناء مجتمع مثلي ، وحضارة شرق قائمة على منع و مكافحة المثليّة و اعتبارها ظاهرة شاذة وهدّامة للاسرة والمجمتع و القيم و الاخلاق ، ومنافيّة للفطرة البشرية ؛ والسبب الثاني الذي   يجعل دول مجتمع" الميم " تستهدف المجتمعات العربية و الاسلامية هو استخدام الظاهرة كوسيلة اخرى من الوسائل الصّادة و المضّادة للتمدد الاسلامي الذي تشهده المجتمعات ، ولما تتميّز به المجتمعات العربية و الاسلامية من قدرة و رغبة على الانجاب ،والتمسّك بمفهوم واصول الاسرة ، حيث من بين اهداف التشجيع على ممارسة المثليّة ، وعلى المدى الطويل ، هو تحديد النسل وتقليص عدد السكان في العالم .

  و توظّف امريكا وبعض دول الغرب وسائل مختلفة لترويج ونشر ثقافة المثلية كرفع رايات قوس قزح ،والتي تعبّر عن مجتمع الميم ، و توزيع منشورات ، وتبني شعارات ، دالة على المثليّة ، وتضمين مواضيع تشجّع على ثقافة المثليّة في المناهج الدراسية لمختلف المراحل . رفع رايات المثليّة على سفارات امريكا في لبنان وفي تركيا و دول اخرى ، امرٌ له دلالات عديدة ،اهمها هو تبني رسمي وسيادي امريكي لهذه الظاهرة ، و رسالة الى الدول المعنيّة بمدى اهمية و استراتيجية الموضوع لدى الادارة الامريكية .

    امريكا لم تترّدد بالتصريح بنيتها بفرض عقوبات اقتصادية و قانونية على اوغندا بسبب مصادقة الرئيس الاوغندي على مشروع قانون بفرض عقوبة الاعدام على مَنْ يمارس المثليّة في أوغندا . وتتداول معلومات عن قيام امريكا بتخصيص ١٢ مليون دولار كمساعدات لثلاث جامعات عراقية وافقت على تضمين مناهجها و برامجها الدراسية على معلومات عن المثليّة ، في اطار الحريات و حقوق الانسان ( حول الموضوع ،انظر صحيفة رأي اليوم ، بتاريخ ٢٠٢٣/٦/١٦ ، تحت عنوان اكبر احتفال في البيت الابيض …) .

    شهدنا في مرحلة فرض الديمقراطية ، والتي قادتها الولايات المتحدة الامريكية ، تجاوز و اعتداء على سيادة الدول و على القوانين و الاتفاقات الدولية ، ولمْ تكْ نتائج المرحلة في صالح الولايات المتحدة الامريكية ،حيث انعكست سلباً على مكانتها ونفوذها ، و تسعى اليوم امريكا في نشر و فرض المثليّة وعلى حساب القيم الاجتماعية و الانسانية ، وسترّدد نتائج المرحلة والمسعى سلباً على مصالح ومكانة امريكا وستصبح الهّوة اكبر بين العالم العربي و الاسلامي و أمريكا .

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك