نعيم الهاشمي الخفاجي ||
بذل الجنرال سوار الذهب الذي اطاح في جعفر النميري، دور مهم وتنازل عن منصب الرئاسة والزعامة لصالح الشعب السوداني لأجل تشريع دستور وإعطاء الشعب حرية اختيار الرئيس الذي يريده، لأول مرة بتاريخ العرب، جنرال يقوم في حركة انقلاب عسكري ويسلم السلطة للشعب، السودانيين انتخبوا الصادق المهدي في الانتخابات، تم السماح للإسلاميين الإخوان في العمل الحزبي، زعيم الإخوان والذي هو زوج أخت الصادق المهدي الدكتور حسن الترابي والذي اعطي حرية بالمشاركة بحكومة الصادق المهدي قام في تدبير انقلاب عسكرية بقيادة العميد عمر البشر في ثلاثين حزيران عام ١٩٨٩، بيان البشر سمي في ثورة المؤتمر الوطني، في هذا الانقلاب الغير شرعي، وصل الإسلاميين من حركة الإخوان للسلطة في السودان بشكل رسمي وتم اعتقال الصادق المهدي ونفيه وتشويه سمعته في العمالة للغرب، واصطف البشير مع صدام الجرذ الهالك مع ملك حسين وحسني مبارك وعرفات وعلي عبدالله صالح، وبعد مرور نحو أربعة وثلاثين سنة على ذلك الانقلاب ما فعله البشير والترابي كان خراباً ودمارا، في كل نواحي البلاد، استضافوا أسامة بن لادن وتورطوا في تفجيرات الخبر ونيروبي وفي محاولة اغتيال مبارك في اريتريا، تسببوا بقيام مصر في دعم جون غرنق بانفصال جنوب السودان، وانتشار الميليشيات المسلحة الموالية لحركة الإخوان وكان لهم الدور الأكبر في دعم العصابات الاخوانية الإرهابية في الجزائر.
عندما وصل البشير في الانقلاب العسكري، التلفزيون السوداني نقل
بيان الانقلاب بيان رقم واحد، إن القوات المسلحة «تحركت اليوم لإنقاذ بلادنا العزيزة، من أيدي الخونة والمفسدين، لا طمعاً في مكاسب السلطة، بل تلبية لنداء الواجب الوطني الأكبر في إيقاف التدهور المدمر، ولصون الوحدة الوطنية من الفتنة والسياسة، وتأمين الوطن، ومنع انهيار كيانه، ومن أجل إبعاد المواطنين من الخوف والتشرد والجوع والشقاء والمرض».
حكم البشير البلاد بقبضة حديدية، وكان الإسلاميون من حركة الإخوان هم الحجر الأساسي في نظامه، إذ وظفوا الشعارات الدينية لتصفية خصومهم السياسيين، وبموجبها نفذوا خطتهم في السيطرة على أجهزة الدولة السودانية المدنية والعسكرية، أحالوا بموجبها مئات الآلاف من العاملين إلى ما أسموه خدمة الصالح العام.
وتحت شعارات «اسلمة وتعريب السودان والجنوب»، مكّنوا أفراد حركة الإخوان من مفاصل البلاد باسم «التمكين»، سيطروا على البلاد اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، مضاف لذلك دعم صدام الجرذ عمر البشير ماديا وعسكريا، العشر سنوات الأولى كانت علاقات اندماجية بين البشير والترابي، وكان عمر البشير الخادم المطيع إلى حسن الترابي ومنفذ لسياسات «الحركة الإسلامية»، البشير رئيس السودان بالعلن لكن السلطة الفعلية على الأرض كانت إلى حسن الترابي، وأتباعه من « حركة الإخوان المسلمين السودانيين.
بعد رفض أسامة بن لادن استعانة السعودية بالقوات الغربية الصليبية حسب وجهة نظر بن لادن، تم استضافته بالسودان كأمير وزعيم ومرجع روحي للاسلامين من حركات الإخوان في السودان والعالم العربي والإسلامي، افتتح ابن لادن شركات ضخمة في السودان، وأصبحت السودان قبلة ومقر وماوى الى كل الإرهابيين والجهاديين الإسلاميين من كل أنحاء العالم، بعد انفجارات الخبر بالسعودية وانفجارات ونيروبي، وبعد تورط الفصائل الإسلامية الوهابية بتلك العمليات، اعتبرت الخارجية الأميركية السودان دولة راعية للإرهاب، وفرضت عليه عقوبات اقتصادية قاسية، لم ترفع إلا بعد سقوط نظام الإسلاميين بثورة شعبية في 11 أبريل (نيسان) 2019.
بيان البشير رقم واحد ادعى انه قام بالثورة لأجل حفظ وحدة السودان، لكن
أثناء حكم عمر البشير وانصاره الإسلاميين دارت رحى حروب طاحنة في الجنوب بدعم مصري اثيوبي ارتيري غربي انتهت بفصل جنوب السودان. والتي أصبحت «دولة جنوب السودان» الحالية، وهي أكبر خسارة وطنية اقترفها البشير والإخوان بالسودان، فقدت بموجبها البلاد ثلث مساحتها وسكانها، ومعظم مواردها النفطية.
فجروا حرب إقليم دارفور المسلم عام 2003، وتم قتل قرابة نصف مليون نسمة من السكان دار فور المسلمون السنة أصحاب البشرة السوداء، وتم تشريد أكثر من 2.5 مليون بين لاجئ ونازح، وتم اغتصاب عشرات آلاف النساء بطرق حيوانية قل نظيرها بالتاريخ، و للقضاء على مقاومة أهالي دار فور ابتكر البشير والإخوان «ميليشيا الجنجويد»، لتكون سنداً للجيش في حربه ضد الحركات الدارفورية المسلحة. ومارست ميليشيا «الجنجويد» انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان تحت إشراف الحكومة المركزية، التي وظفت التناقضات بين المجموعات السكانية في الإقليم (عرب وافارقة ذو بشرة سوداء يسموهم زرفه)، الأمم المتحدة عاقبت السودان وفق البند السابع.
بسبب دعم البشير صدام الجرذ في احتلال الكويت ومعادات السعودية، قامت السعودية ودول الخليج في دعم الحركات المتقاتلة في السودان، وبسبب انتهاكات حقوق الإنسان في إقليم دارفور وأقاليم أخرى في البلاد، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات قبض ضد الرئيس عمر البشير ووزير دفاعه عبد الرحيم محمد حسين، ووزير الداخلية في الدولة وقتها أحمد هارون، وقائد الجنجويد الذي يخضع للمحاكمة الآن في «لاهاي»، تحت تهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي، لكن البشير وحكومته رفضوا المثول أمام تلك المحكمة، وانحاز البشير إلى جانب دول البداوة الوهابية وأرسل جيوشه لقتل الشعب اليمني تحت مظلة تحالف السعودية لقتل الشعب اليمني، أصبح البشير خادم مطيع إلى السعودية، وكل هذا الخنوع والذل لم ينسى ال سعود مواقف البشير ضدهم في دعم صدام الجرذ، استطاعت المخابرات السعودية تجنيد قادة الجيش السوداني في استغلال المظاهرات الشعبية ضد البشير في تدبير انقلاب البرهان وحميداتي التي اطاحت في عمر البشير وتم وضعه بالسجن من قبل رفاق دربه البرهان وحميداتي.
البشير أراد ان يتخلص من الاسلاميين والقاعدة والاحتفاظ بالسلطة وعمل على إقصاء حركة الإخوان وحسن الترابي من السلطة لمغازلة دول الخليج لكسب دعمهم ورضاهم ونجح لفترة لكن ال سعود بطبيعتهم، لم ينسوا من وقف ضدهم وأن انبطح إليهم، البشير أنشأ قوات الدعم السريع لتكون نموذج مثل قوات صديقه صدام الجرذ المعروفة بالحرس الجمهوري السيئة الصيت لمنع وقوع اي انقلاب عسكري، لكن ارسال البشير قواته للسعودية لقتل الشعب اليمني كانت فرصة ذهبية للسعودية في تجنيد قادة الجيش وقوات التدخل السريع في إسقاط نظام عمر البشير،
عندما حدثت ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018»، البشير جلب قوات الردع السريع من النيل الأزرق ودار فور إلى الخرطوم لكن بفضل المال السعودي إنحاز قائد الجيش البرهان وقائد التدخل السريع إلى الثورة ،وتم تقاسم السلطة بين البرهان وحميداتي، وفي عام ٢٠٢١ أنفق الاسلاميين لدعم البرهان
وعادوا الى السلطة من خلال عناصرهم في الجيش والشرطة وأصبح البرهان واجهة لحركة الإخوان المسلمين، الخلاف بين حميدتي والبرهان حسب بيانات أن شريكه في السلطة البرهان استغل الانقلاب لإعادة الإسلاميين إلى السلطة، وهم يعتبرونه خائناً.
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
1/7/2023
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
