عدنان علامه ||
/ عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
انفردت أمريكا بقرار تزويد أوكرانيا بالقنابل العنقودية المحرمة دوليَا بعد عدة جولات من المناقشات الحادة في البنتاغون، وحسم الرئيس بايدن الجدل وأصدر قرار الخزي العار الذي سيبقى خالدًا على جبين أمريكا. وبرر قراره "بعذر أقبح من ذنب".
فعلل بايدن تزويد أوكرانيا بالقنابل العنقودية بقوله إن "الذخيرة تنفد من الأوكرانيين"، فيما أشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالخطوة التي يرى أنها جاءت "في الوقت المناسب".
وقد وصفت روسيا قرار الولايات المتحدة بأنه "عمل يائس" في مواجهة "فشل الهجوم المضاد الأوكراني".
فإعتراف بايدن بأن "الذخيرة تنفد من الأوكرانيين"، لا يعطيه الحق بالإنفراد بقرار تزويد أوكرانيا بالقنابل العنقودية المحرمة بموجب معاهدة دولية؛ وكل دول الناتو موقعة على هذه المعاهدة ما عدا أمريكا. الأمر الذي سيشتت قرار الناتو في حال تم إستعمال هذه القنابل. وبين هذه القنابل العنقودية قنابل مضادة للأفراد وأخرى للدروع.
فلنستعرض سويََا المواقف السياسية لدول الناتو حول الموضوع مع الأخذ بعين الإعتبار أن تثير هذه الخطوة انتقادات شديدة أيضًا من جانب جماعات حقوق الإنسان لأن هذا النوع من الأسلحة محظور من قبل أكثر من مئة دولة.
ولكن الولايات المتحدة لا تزال مصرّة على قرارها؛ فقالت أمس : "أنها ملتزمة بتلبية الطلب الأوكراني لإرسال القنابل العنقودية المثيرة للجدل".
فهذا التفرد الأمريكي بمثل هذا القرار المخالف للقوانين الدولية أثار حفيظة دول الناتو الموقعة على "معاهدة حظر القنابل العنقودية"، وكم أثار حفبظة المنظمات غير الحكومية المتعلقة بحقوق الإنسان وصرحوا بالتالي ؛-
1- قال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إن المملكة المتحدة ملتزمة باتفاقية "لا تشجع" استخدام القنابل العنقودية، بعد أن وافقت الولايات المتحدة على تزويد أوكرانيا بها."
2- "وقالت وزيرة الدفاع الإسبانية مارغريتا روبلز إن "موقف حكومتها هو أن القنابل العنقودية لا ينبغي أن تُستخدم في "الدفاع المشروع عن أوكرانيا" " .
3- وقالت ألمانيا، التي وقعت أيضا على الاتفاقية الدولية، إنها لن تزود أوكرانيا بها، لكنها تتفهم الموقف الأمريكي.
4- واما منظمة هيومان رايتس ووتش فقالت: إن "الجانبين استخدما الأسلحة في الحرب، وهو ما تسبب في "سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى بإصابات خطيرة في صفوف المدنيين".
5- وكررت منظمة العفو الدولية هذا التحذير قائلة إن الذخائر العنقودية تشكل "تهديدا خطيرا لأرواح المدنيين، حتى بعد فترة طويلة من انتهاء الصراع".
6- كما انتقد مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الخطوة الأمريكية، داعيا إلى "التوقف الفوري" عن استخدامها.
7- وقال الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، إن التحالف العسكري لا يتخذ موقفا بشأن الذخائر العنقودية.
8- وأما توبياس إلوود، رئيس اللجنة المختارة لشؤون الدفاع في المملكة المتحدة، فقد حث الولايات المتحدة على "إعادة النظر" في قرارها، الذي قال إنه "دعوة خاطئة لا تبعث على حسن النوايا على الصعيد الدولي".
9- وأضاف النائب عن حزب المحافظين: "إن استخدامها يُخلّف ذخائر قاتلة غير منفجرة في ساحة المعركة، وهو ما يسفر عن مقتل وإصابة مدنيين بعد فترة طويلة من انتهاء الحرب".
فتصريح بايدن بايدن بأن "الذخيرة تنفد من الأوكرانيين" يعكس ضعف الموقف العسكري للناتو في ساحة المعركة لأن اصوات دول الناتو ارتفعت منذ مدة محذرة بأن مخزون السلاح لديها وصل إلى المخزون الإستراتيجي الذي لا يمكن المس به وطلبوا من أمريكا التصرف؛ وقد علقت روسيا مباشرة على الخطوة ووصفت قرار الولايات المتحدة بأنه "عمل يائس" في مواجهة "فشل الهجوم المضاد الأوكراني".
فبايدن يلعب الآن سياسة حافة الهاوية مع روسيا والعالم أجمع؛ وقد يؤدي به هوسه بإلحقا الهزيمة بروسيا إلى الحرب مباشرة معها مباشرة بالرغم من مخاطر المواجهة المباشرة.
فقد وضع بايدن دول الناتو بين مطرقة العقوبات الدولية إذا شاركوا بإستعمال القنابل العنقودية، وبين الرد الروسي الحتمي السريع والقاسي جدَا الذي سيطال بالتدرج قوات الناتو في أوكرانيا، فدول الناتو ومصالحها ولن تكون أمريكا بمنأى عن الرد.
فعلينا مراجعة أسباب قيام روسيا "بالعملية المحدودة" على أوكرانيا لنتيقن بأن روسيا لن تنتظر إستعمال هذه القنابل في الخطوط الأمامية ليتبعها هجوم مفاجئ للناتو لتحقيق أي أنتصار داخل الأراضي الروسية.
فهذا السيناريو سيضع الجميع في خيارات صعبة وأهمها وحدة الناتو أو تفككه وإمكانية إنتقال الحرب بواسطة أوكرانيا حاليًا إلى حرب الناتو مباشرة مع روسيا التي لن تتردد في إستعمال الصواريخ فرط الصوتية َوالعابرة للقارة.
فالأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت، فلننتظر أحداثها.
وإن غدًا لناظره قريب
09 تموز/يوليو 2023
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha