التقارير

شيعة العراق وترابط ماضيهم وحاضرهم/ على هامش موتمر الشهيد  (عز الدين سليم)


د. محمد صادق الهاشمي ||

 

17-7-2012

...................

 المقدمة

في الوقت الذي نثمن حضور العلماء والقيادات والمفكرين والسياسيين في موتمر عز الدين سليم كل من السيد عمار الحكيم والسيد هادي العامري وشخصيات اخرى شاركت بكلمات منهم السيد نوري المالكي والسيد خضير الخزاعي والشيخ خالد الملا والاخت الاء الطالباني والسيد عباس البياتي وكلمة للاخ حسين مونس وحضور قيادات الصف الاول والثاني ونخب ومفكرين، واعلاميين واسرة الفقيد ممثلة بالدكتور ياسر عز الدين .

 كان لابد لنا هناالحديث عن  خصائص الشيعة في العراق

·        المبحث الاول -  *خصائص شيعة العراق قياسا الى المكونات العراقية الاخرى* :

1- الاكثرية العددية:

 إنَّ هذه الأكثرية العددية الشيعية متعددة بقومياتها من العرب، ويشكّلون نحو 61% من الشّيعة في العراق، والتركمان والذّين يشكّلون نسبة 17% والكرد الفيلية والذّين يشكّلون حدود 8% والشّبك وغيرهم من الفرق الأخرى كالشّيخية في البصرة ويشكّلون نسبة 1%   ،وهذا بحد ذاته يشكّل عاملا مهما في انتشار الفكر الشّيعيّ داخل هذه الأكثرية، مما يعني أنَّ هذه القاعدة المتنوعة بقومياتها تشكّل قاعدة  للعملية السّياسيّة، وتشكّل انسجاما سياسيّا ، وهذا الانسجام شهدت به وقائع التّاريخ المعاصر والقريب، اذ سارت كلّ هذه المكوّنات بروحية واحدة في مقاومة الاستبداد والطّغيان وقدمت الكثير من التّضحيات تاريخيا، مما جعلها متوحّدة التوجّه سياسيّا بعد عام 2003م في الايمان بالعملية السّياسيّة. وهذا يعود إلي قيادة تاريخية للعمل السياسي قبل سقوط النظام الصدامي.

2- الجغرافيا الشيعية

تمتد هذه الأكثرية على مساحات جغرافية واسعة من العراق، فهي تشغل الوسط والجنوب وعموم بغداد وتتجاوز هذا الموقع الجغرافي لتصل الى الموصل ببعض أطرافها وكركوك وديالى وصلاح الدّين، وهذا يعني أن هذه الأكثرية العددية متوزّعة على مساحات جغرافية واسعة من العراق، وهذا الأمر يسهل عليها التّأثير في العديد من المفردات السّياسيّة، إنَّ الجميع يدرك هذه الحقيقة ويأخذها بنظر الاعتبار وربما الهدف الحقيقي وراء التّهجير الطّائفي هو لغرض تغييرديموغرافية الشّيعة في العراق، وتقليل التّأثير هذه الحقيقة مستقبلا، مضافا الى تمدد هذا المكوّن على مساحات جغرافية واسعة وتواجده على أهم المرتكزات الاقتصادية في الجنوب، اذ تقع في مدنهم حقول النّفط والغاز.

3-  الانسجام المذهبي السياسي

انَّ هذه الأكثرية تقريباً منسجمة في ثقافة سياسيّة بقدر انسجامهم المذهبي فيما بينهم، سواء قبل سقوط النّظام البعثي أو بعده وشهد لهذه الثّقافة الموحّدة الدّماء الغزيرة الّتي سالت لاجل مواجهة الطغيان والاستبداد البعثي والطّائفي ودفاعهم عن حقوقهم ومكتسباتهم، وموقفهم الموحّد بعد 2003م لرسم مستقبل العملية السّياسيّة في العراق على أسس دستورية تحمي لهم حقوقهم ووتتعايش مع المكونات الأخري. هذا فضلا عن ثقافتهم في طاعة المرجعية والحوزات العلمية.

 عامل الانسجام هذا يجعلهم أكثرية موحّدة الرّؤية، ومن المؤكّد ان هذا الانسجام الثّقافي هو العامل الذّي مكّن شيعة العراق من تأسيس مستقبلهم السياسيّ، وفرضِ واقعٍ دستوريّ مكّنهم من الحفاظ على عمليتهم السّياسيّة بعد عام 2003م. بل ان هذا الانسجام السياسي حفظهم عبر التاريخ مع انه تاريخ مرير لكن هذا الاصرار مكّنهم من البقاء والقوة وعدم الزوال والوجود ورسم مستقبلهم بنحو واضح تاريخياً وراهناً.

4-  الاستعداد للدفاع.

 الحماس الذّي تمتلكه هذه الأكثرية في الحفاظ على مكتسباتها الوطنية سنة وشيعة وكرد من خلال تنامي الوعي الحاصل كردّة فعل للتّحديات المحدقة بمصالحها الاقتصادية والسّياسيّة والدّينية، وحضورها في الميدان لحماية العملية السّياسيّة.

  أن الجميع مدرك لمصالحه، ومستعد للدّفاع عنها، خصوصا أن هذا الحضور الميداني أصبح اليوم مشحوناً بالهمّة العالية للوعي الذّي يولّده الإعلام الإسلامي الشّيعيّ، وحث الخطباء وأئمة المساجد، وعلى رأسهم خطباء المرجعية. وهم اليوم اليوم يرسمون طريقهم بقوة الدم والاستعداد الواعي للتضحية، وخير دليل الحضور الجماهيري في ساحات الحرب لصد هجمة داعش ،كل هذا بفعل التلاحم من التاريخ الجهادي.

5-  ثقافة الدولة.

 تدرك هذه الأكثرية انها تمتلك كلَّ مقومات القدرة والنّهوض، ليس لأنها كثرة عدديه فحسب، بل يشاركون اليوم في القرار الحكومي، وفي مؤسسات الدّولة، وامتلاكهم الثّروات الزّراعية والنّفطية ومواقعهم الجغرافية، وامتلاكهم المنافذ البحرية وغير ذلك ويتفاهمون ويتقاسمون البناء مع  المكونات الأخري، تلك المؤثّرات الحسَّاسة الّتي يحسب لها الف حساب من الآخرين حينما يفكّرون بانقلاب عسكري، هذا بالإضافة الى القدرة البشرية النامية وما تختزنه من حوزات وجامعات ومعاهد وخبرات ومثقفين ومفكّرين واكاديميين وتاريخ جهادي وتضحيات جسام قدم فيها شيعة العراق جهود على يد المراجع والحوزات والعلماء والمفكرين  وطاقات مهنية ويد عاملة إلّا ان تفعيل كل هذه المكامن المهمّة للنهوض، يكون معقودا الأمل فيه حينما يكونوا فاعلين في القرار السياسيّ لادارة الدّولة، ويكونون على رأس الهرم الحكومي كي يتمكّنوا من بناء أنفسهم وتوحيد رؤيتهم باتجاه ترسيخ مصالحهم.وتكون الطبقة الثقافية قادرة على خلق الاستعداد الاجتماعي اادفاع عن حقهم في الدولة  ويكون الارث التاريخي حاضرا في منهجهم مع ترشيخ الذاكرة والوعي.

 ان قوام الدولة اليوم لم ينطلق من فراغ بل من جهاد ومواقف ومحطات متعددة لترشيخ مفهوم الدولة وانهاء الحكم الشمولي والفردي .

6-  الايمان بالدستور.

هذه الأكثرية تمتاز بأنها أكثر إنسجاماً في ثقافتها الرّاهنة مع الدّستور، ومع المتغيّرات الدّيمقراطية في العراق، وأصبح خطابهم متماشيا مع التحوّلات الّتي يشهدها العالم الاسلامي في التغيير، بل صاروا نواة للديمقراطيات في العالم العربي.

، ومن يراجع خطابات المفكرين والقادة وعلي رأسهم شهيد المحراب يجد مفهوم الدولة الجامعة للمكونات حاضرة في كل الأدبيات.

7- الايمان بالتداول السلمي للسلطة.

شيعة العراق أشدَّ ايمانا من أي مكوّن آخر في العالم العربي بالتّداول السّلمي للسّلطة، وكلّ كتبهم وأحاديثهم وتصريحات المسؤولين، وتأكيدات المرجعية لديهم، وسلوكهم ؛ كلها تؤكد وتعكس إيمانهم بالعمل السياسيّ الدّيمقراطي، والاحتكام للدّستور ومبدأ التعايش، وجعل صناديق الإنتخابات الفيصل في مسيرة الشّعب العراقي، وهي وحدها من تحل مشكلات الشّعب العراقي، وتعمق صلاتهم، وتربطهم بالمكوّنات الأخرى، وتنظّم الحياة السّياسيّة معهم، ونجد أن الشّيعة بمختلف ثقافاتهم يتحدّثون عن نوعين من تجارب العراق السّياسيّة: نوع حكم العراق بالانقلابات والتفرد والتهميش للآخرين بالرفض ، وآخر حكم العراق على أسس ديمقراطية دستورية يوسّع من قاعدة الاشتراك للجميع في العملية السّياسيّة.

8- الارث الجهادي والفكري

شيعة العراق يومنون قيادات وجمهور ونخب ومفكرين انهم يسندون وجودهم الى تاريخ مشرف من الحركة الجهادية للحوزات العلمية لاجل اقامة الدولة العادلة كتب فيها العلماء والمفكرين والقادة وتحملوا الصعاب وواجهوا اعتى طاغية ونظام مستبد وما بدلوا تبديلا .

 دولة العراق تنطلق من ثورة العشرين ومن الامام كاشف الغطاء وقوة الموقف الرسالي للامام محسن الحكيم  وترسم شهيد المحراب ذات المنهج والعمل على قيادته حد البلوغ به الى دفعه الى واجهة الاحداث والوجود في العراق وفرضه بالمنطق والثبات في المحيط الاقليمي والدولي،وساهم االشهيد الصدر الاول والثاني في ترسيخ ذات المنهج وبين هولاء الكثير من العلماء والقادة والشهداء.

  يمكن ان يقال ان الشيعة في العراق لهم الدور في تنضيج فكرة بناء الدولة العادلة البديلة عن الدكتاتورية وهذه الفكرة اصبحت عقيدة تمنح الحاضر قوة وعزة وثبات ونضج .

·        المبحث الثاني -   *مرتكزات الثقافة السياسية الشيعية بعد عام 2003*

بعد سقوط النظام الصدامي في عام2003م تكوّنت لدى الشيعة ثقافة سياسية جديدة  استمدت وجودها ورويتها من طروحات الحركة الجهادية  التي قادها المراجع والعلماء والحوزات  والمجاهدين وأبرز محاورها:

1 ـ بناء دولة العراق على أسس تحفظ حقوقهم بوصفهم مكوّناً عانى التهميش تاريخياً جنب إلي جنب مع باقي المكونات وفق قاعدة لكل ذي حق حقه.

2 ـ طرح مبدأ التعايش مع شرائح المجتمع العراقي بكل قومياته ومذاهبه، وحفظ حقوق جميع أبناء الشعب العراقي ضمن الدولة الواحدة وإشراك الجميع في بناء دولة العراق، فالذي نلحظه لدى الوسط الاجتماعي الشيعي من أنَّ ثقافته السياسية تقوم على مبدأ التعايش مع جميع أبناء الشعب العراقي كرداً، وعرباً، مسلمين، ومسيحيين، سُنّة، وشيعة، وغير ذلك، تحت خيمة الدستور، ولم نلحظ لديهم وجود ثقافة الإلغاء أو اعتبار الطائفة الفلانية ليست عربية، أو ذات أصول تركية، أو أرمنية، بل لديهم مبدأ التعايش على أساس المواطنة راسخاً في ثقافتهم ووجدانهم.

3 – الايمان بوحدة الجغرافيا العراقية.

4 ـ وفي ثقافتهم السياسية التفصيلية ـ بعض شرائح المكوّن الشيعي ـ الإيمان بمقاومة المحتل، وقد استطاعوا انجاز عمل رائع في طرد المحتل الأمريكي الذي كان يريد جعل العراق قاعدة لضرب العالم الإسلامي والعرب، ولقد برزت إلى الواقع الشيعي حركات جهادية مقاومة تشكّل جزءاً بارزاً وكبيراً من المجتمع الشيعي؛ وهم الان يشكلون قاعدة  لحفظ العراق اسمها (الحشد الشعبي ) وان كانت تحتاج الى التنظيم وتمكن القادة في الوقت الحاضر الذين يعتزون بتاريخهم الجهادي من تحرير العراق من القاعدة وداعش ومواجهة التحديات.

5 ـ في ثقافاتهم السياسية التفصيلية بعد 2003 أيضاً ـ الإيمان بالانتخابات كصمام أمان لحفظ العملية السياسية، وأنّ أحد أبرز المحاور التي يؤكّدها الشيعة في ثقافتهم السياسية هو حفظ العملية السياسية.

6 ـ أيضا من مرتكزات ثقافتهم السياسية الولاء والرجوع إلى المرجعية العليا.

كل تلك النتائج بسبب ترابط الحاضر مع الإرث التاريخي الجهادي ...

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك