التقارير

ماذا تُريد أمريكا من العراق؟ حقائق  وقائع لنا وللأجيال .


الدكتور السفير جواد الهنداوي ||

 

·        رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات /بروكسل /في ٢٠٢٣/٨/١١ .

              أحملُ  السؤال في رَحمِ الافكار ، ومنذُ ثلاثة عقود ، ولكنهُ عصّيٌ على الولادة . و قد اكونَ على يقين بأنَّ الادارات الامريكية التي تعاقبت ،ومنذ الرئيس بوش الاب ،عام ١٩٨٩، وليومنا هذا ، تبحثُ ،هي الاخرى ،الاجابة على السؤال ،موضوع المقال .

          منذُ أنْ ورثت الولايات المتحدة الامريكية ، مِنْ بريطانيا العظمى ، تركة الشرق الاوسط و ملفاته و واجب رعاية اسرائيل و حمايتها ، بداية ستينيات القرن الماضي ، حَملتْ أمريكا ، في جوفها ، جنين زوال هيبتها ومكانتها وهيمنتها . كَبُرَ الجنين ،عقدٍ بعد عقد ، حربٍ بعد حرب ، منذُ حرب فيتنام ، وحروب افغانستان و العراق ، ومعارك اليوم في شرق سوريا وعلى الشريط الحدودي السوري العراقي  ، و دخلت امريكا في نفق التيه ،لعلها تبحث عن زاوية لولادة جنينها ، و ولادته هي اعلان عن احتظار هيمنتها على العالم .لم يبقْ لدى امريكا غير سلاحيّن ،و خاصة تجاه دول منطقتنا : الحرب و الدولار ، وهي الآن تستخدم الثاني ( لبنان ،سوريا ،العراق ،تركيا ،مصر ) ، عقوبات و تدمير الاقتصاد للبنان ولسوريا ، وأبتزاز وتحذير للدول الثلاث المذكورة . وتحشّد عسكري بّراً و جواً وبحراً و خاصة في شرق الفرات و الحدود الشريطي لسوريا وتركيا ،و المثلث الحدودي بين العراق و الاردن و سوريا ،كي تهدّدْ بسلاح الحرب .

    أعودُ الى السؤال ،عنوان المقال .

    هل حرصتْ ( و لا اقول سعت )  امريكا ،في الماضي و في عهد النظام السابق  ،وهل تحرص في الوقت الحاضر على مصلحة العراق ؟

   كُلّْ الاحداث والوقائع التاريخية تؤكد بأنَّ امريكا سعت ، في وقت النظام السابق الى ايقاع اكبر ضرر ممكن بالعراق . غرّرت النظام السابق على شّنْ الحرب على ايران ، وسعتْ هي و حلفائها على اطالة أمد الحرب ، والجميع يعرف ما كانت تنتظره امريكا و اسرائيل و حلفائهما من الحرب العراقية -الايرانية . جاءت نتائج الحرب ،بخلاف ما تنتظره امريكا و حلفائها ،حيث انتهت بعسكرة العراق ،ومديونيته ،و استهلاك احتياطه النقدي وتدمير اقتصاده ، و بصمود ايران وتقدمها العسكري ،و ترسيخ النظام و الحرس الثوري . ولتدمير الآلة العسكرية العراقية ،و تدمير ما تبقى من امكانيات العراق الاقتصادية ،وتمرير مشاريع هيمنة وسيطرة امريكا و اسرائيل على العراق وعلى المنطقة ، ضلّلو النظام السابق و استدرجوه في مصيدة " احتلال الكويت " ، كما وكان لديكتاتورية النظام و استبداده قدراً كبيراً في نجاح الخطط الامريكية الصهيونية ،والتي استهدفت العراق كدولة و كشعب ،وليس رأس النظام فقط ، فتّمَ تمرير مشروع حصار العراق و ترسيم الحدود بما لا يطابق الموروث التاريخي والموثق دولياً للحدود بين العراق و الكويت ،وبما لا يتماشى مع ميثاق الامم المتحدة ،الذي لا تمنح بنوده صلاحية لمجلس الامن الدولي في ترسيم الحدود . وكان لبريطانيا دور كبير في الترسيم لتقديمها خارطة حدود بين العراق والكويت ، حديثة ولم تُعرفْ من قبل ،لا من الطرف العراقي ،ولا من الطرف الكويتي ، وتًمَ تقديم هذه الخارطة من قبل ممثل المملكة المتحدة في مجلس الامن بأعتبارها من ضمن الادوات المناسبة لترسيم الحدود .و مانكتبّه ليس تحليل وانما معلومات موثقّة في قرارات مجلس الامن وفي الوثائق وفي المراسلات المتبادلة  بين مجلس الامن وخبراء الامم المتحدة في لجنة ترسيم الحدود ،وبين مندوبي الدول وخاصة مندوب العراق في الامم المتحدة السيد عبد الامير الانباري ، و وردَت الاشارة الى هذه الخارطة و الاعتراض على اعتمادها ، في رسالة وزرير خارجية العراق حينها ،السيد احمد حسين . اذاً ، لم تكتفْ امريكا بالسماح للنظام بقمع الانتفاضة وحصار و تجويع الشعب و فرض قرارات ،بواسطة مجلس الامن ،وبتنفيذ الامين العام للأمم المتحدة ( السيد بطرس بطرس غالي ) ،قرارات مجحفة في ترسيم الحدود ،في التعويضات ، وحتى في تمويل نصف نفقات عمل اللجنة التي شُكلّت لترسيم الحدود ،والتي امتنع العراق على المشاركة فيها !

 خداع و مكر الامريكان  ، وتشبث النظام السابق بالسلطة و ظّنه بأن تطبيقه للقرارات الصادرة من مجلس الامن ،والظالمة والمجحفة بحق العراق وشعبه ، سيجعلانه بمأمن من اي اعتداء او حرب . ظّنَ النظام السابق بأنَّ تطبيقه لقرارات مجلس الامن المجحفة بحق سيادة وجغرافية و شعب العراق هو ثمن بقاءه في السلطة ، و ضمان له من اي اعتداء او حرب .

     الامريكان و من خلفهم لم يخدعوا النظام السابق فقط . و انما خدعوا العراق وشعب العراق مرتيّن : الاولى في الانتفاضة الشعبانية ، حيث دعت الادارة الامريكية حينها الشعب العراقي للثورة ضّدَ النظام ، و حين انتفّضّ الشعب ،سمحوا الامريكان للنظام بقمع الانتفاضة ، والمرّة الثانية حين استغلوا حاجة النظام للبقاء في السلطة ،فسمحوا له بالبقاء ، فمرّروا من خلاله تطبيق قرارات مجحفة و ظالمة ،لم يكْ بمقدورهم تمريرها في ظّلِ  نظام سياسي جديد مدعوم من قبلهم كالذي جاء بعد عام ٢٠٠٣ .

    هذا ما عمله الاصدقاء الامريكان للعراق ولشعبه ، في عهد النظام السابق ، وذكرنا الوقائع بأختصار شديد . استخدموا الامريكان استبداد و دكتاتورية وحروب النظام لغرض تدمير العراق ، و أمعنوا في ذلك ، و إلاّ لكان بمقدور قوات التحالف الدولي ،التي حرّرت الكويت من الاطاحة بالنظام السابق ،  او عدم السماح للنظام باستخدام طائراته التي قمعت الانتفاضة .

   وظّفَ الامريكان الفترة بين ١٩٩١ ( تحرير الكويت ) و ٢٠٠٣ ( اسقاط النظام ) ، لغرض فرض قرارات مجلس الامن ، و لاتمام تدمير ما بقي من بنى تحتيّة وثروات في العراق ،و لتكبيله بقيود وبالتزامات تنتقص وليومنا هذا من سيادته و مكانته .

     مضى عقديّن على سقوط النظام ،ومن حقّنا ان نتساءل ،هل ثمّة ثقة متبادلة بين العراق و الادارة الامريكية ؟

    هل لمكونات الشعب العراقي ثقة في الادارة الامريكية او في السياسة الامريكية تجاههم ؟ هل للشيعة ثقة ،وهل للكرد ثقة ، وهل للسنّة ثقة ؟

   بينهم وبين الادارة الامريكية ( او السياسة الاميركية مهما اختلفت الادارات ) زواج بالاكراه ،او زواج منقطع وعند الحاجة ،و الميّتم من هذا الزواج هو العراق وطن و دولة .

   لو كان يعلم قادة النظام السابق بأنَّ ،وبعدَ تحرير الكويت ،تنتظرهم حرب و احتلال واسقاط لنظامهم ،لما وافقوا وطبقوا قرارات مجلس الامن و الامم المتحدة .

   وهذه عِبرة لقادة اليوم برفض الرضوخ للاملاءات المفروضة ، والتمسك بسيادة العراق وبالاعتماد على ارادة الشعب ، والايمان بأن مستقبل العراق هو مَنْ مستقبل المنطقة ،و أنَّ امن واستقرار العراق هو من أمن و استقرار المنطقة ،شريطة ان يكون هذا الايمان مشفوع بارادة واعية و رافضة للرضوخ وقادرة على التحدي .

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك