التقارير

أُفول الهيمنة الامريكية و حزب الله يُفشل مشروع هيمنة إسرائيل 


 

الدكتور السفير جواد الهنداوي ||

 

رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات وتعزيز القدرات ، بروكسل ، ٢٠٢٣/٨/١٨ . 

 

                 بينَ إسرائيل و الولايات المتحدة الامريكية علاقة الفرع بالأصل ، او علاقة الجنين بالرحمْ . ما يصيب الاصل يُصيب الفرع ، وصحة الجنين مِنْ صِحة الرحمْ . 

               بين الاثنيّن ،الكيان و امريكا ، مُشتركات ، تجعلهما ، ليس في تشابه ، و إنما في تطابق ، الواحد مُكّملْ للآخر ، لا سيما في الاستراتيجيات ، ولنبدأ بالاستراتيجيات : 

                       قامت امريكا على احتلال أرضٍ وتشريد شعبٍ ، و وُجدت كي تسود وتهيمّن على العالم ، و مقومات سيادتها و هيمنتها ثلاث ؛ آلة الحرب و الصناعة العسكرية ، والدولار ، والمقوم الثالث هو الدبلوماسية ، وتلجأ اليه عند الحاجة  .استراتيجية الهيمنة هي من الثوابت في السياسية الخارجية الامريكية وليس من ألمُتغيّرات ، اي ثابت مفروض و مقدّس ، ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، لدي جميع الادارات الامريكية ، و بغض النظر عن التوجّه الديمقراطي او الجمهوري للأدارات الامريكية . كذلك اسرائيل ،قامت على ارض فلسطين المُحتلة ، وتَلملَمَ مجتمعها بعد تشريد ، و تهجير وقتل الشعب الفلسطيني . و رمزْ عَلَمُ اسرائيل و معنى نشيدها الوطني يدُلان على اسرائيل الكبرى ،مِنْ الفُرات الى النيل ، وعلى ذلك تُثّقف اسرائيل لمستقبلها ، مثلما تُثّقف العالم على ماضي اليهود والهولوكوست ، الذي لا يخلو ( و اقصد الماضي ) من المُبالغات و الجدلْ . تّدرجتْ اسرائيل في سعيها  للهيمنة على منطقة الشرق الاوسط و برعاية وعناية امريكا ،في مراحل : مرحلة امن اسرائيل ،و مرحلة توسّع اسرائيل ، ثُّمَ مرحلة هيمنة اسرائيل ، والمفروض أنْ تبدأ في تسعينيات القرن الماضي على إثر سقوط الاتحاد السوفيتي ،و اتفاقيات أوسلو مع السلطة الفلسطينية ( والتي هي خدعة و مؤامرة ) ، وحصار و أحتلال و تدمير العراق و ما حّلَ على العرب في ربيع بعضهم . وبطبيعة الحال المراحل الثلاث لنمو اسرائيل متداخلة وتسيير بوتيرة واحدة وكأنها هدف واحد " أمنْ ، توّسع ،هيمنة " . 

       استطاعت امريكا ان تهّمين على العالم لقرابة ثلاثة عقود ( ١٩٩٠- ٢٠٢٠ ) ،حيث سادت سياسة القطب الواحد ، فعبثت بأمن العالم ، و شّنتْ الحروب في وسط آسيا ( افغانستان ) و في غرب اسيا ( العراق ) ، وفرضت العقوبات والحصار وسرقة علناً ثروات الشعوب ( نفط سوريا ) وصنعت الارهاب ، ومكّنت اسرائيل في التوسع وقضم الاراضي الفلسطينية ، وسعت لتصفية القضية الفلسطينية ، و كان هدفها فرض هيمنة إسرائيل على المنطقة . لم تؤمن امريكا بثقافة القيم وثأر القدر وقوة الحق ، ولم تَحسبْ بأنّّ حصار و تجويع الشعوب و دماء الابرياء له ثمن ، و أنَّ جراح الضحايا فمُ ( كما يقول شاعر العراق الكبير ، المرحوم محمد مهدي الجواهري ) .

خلال ثلاثة عقود من الهيمنة الامريكية وسياسة القطب الواحد ، أستطاعت القوى الآسيوية ( الصين ،روسيا ، ايران ) أن تبني وتتطور وتنهض ، حتى ان الرئيس الامريكي  الاسبق ، جيمي كارتر بعث برسالة الى الرئيس ترامب ،في صيف عام ٢٠١٩ ، يشكيه فيه ما آل اليه وضع امريكا ،  ويقارن بين ما انجزته الصين و ما خسرته امريكا لانشغالها في الحروب و الفتن .

أصبحت الآن الهيمنة الامريكية خلفنا ،فهي ليس في تراجع ، وانما في أُفول ، وعلى كافة الصعُد ،سواء في آلة الحرب ،صناعةً و قدرةً، أو في النمو والتطور الاقتصادي ،لم يبقْ لدى امريكا غير سلاح الدولار وسلاح القوى الناعمة ( القوى الخبيثة ) ،التحريض على الفتن ، فرض حصار ، عقوبات ،او اللجوء الى حرب القيّم بنشرها و تبنيها لثقافة الشذوذ الجنسي .

حدثان أساسيّان ساهما في أفول الهيمنة الاميركية ؛ الحرب على العراق و احتلاله والحرب في افغانستان و إذعانها لشروط حركة طالبان ، في الاتفاق بينهما في شباط عام ٢٠٢٠ . انتصرت امريكا عسكرياً في الحرب على العراق ،لكنها خسرت سياسياً وفقدت نفوذها في المنطقة لصالح إيران . وخسرت امريكا في حربها مع طالبان عسكرياً و سياسياً ، حيث الفشل في تحقيق الاهداف التي سعت من اجلها ( وهي القضاء على حركة طالبان ونشر الديمقراطية ) ، والهزيمة و الانسحاب وفقاً لشروط الحركة .

أكملَ المحور الاسيوي ( الصين ،روسيا ،إيران ) ما فعلتهُ حرب العراق وحرب افغانستان في أمريكا ،حيث تولّت الصين مشاغلة امريكا اقتصادياً ، و تولّت ايران مشاغلة امريكا نوويّاً وتنافس الادوار ، وكذلك عسكرياً، و تولّت روسيا مشاغلة امريكا سياسياً و دبلوماسياً و خاصة في الملف السوري . 

تلى أُفول الهيمنة الامريكية او صاحبها فشل مشروع هيمنة اسرائيل على المنطقة . سقط المشروع ،بقوة سواعد حزب الله و المقاومة في لبنان . بدأت حفريات حزب الله في جسد الكيان ،منذ تموز عام ٢٠٠٦ ، وتهرّأَ 

الجسد وفقدَ قدراته في الردع وفي التفوق . لم يعّدْ الكيان يفكّر او يطمح بالهيمنة ، و إنما بأمنه و بالحفاظ على وجوده .اي ،استطاع حزب الله أن يُعيد الكيان الى مربعه الاول ،الى المرحلة الاولى لنموه ، مرحلة الأمن .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك