دراسات

ملاحظات أولية بشأن قانون موازنة العراق لعام 2014

2502 07:21:00 2014-02-25

مع احتدام الجدل بين الكتل السياسية، وبخاصة المؤثرة في المشهد العراقي حول التوجهات العامة للسلطتين التشريعية والتنفيذية حيال مختلف القضايا الخاصة بمسار العملية السياسية، تدخل مناقشة قانون الموازنة العامة في العراق لعام 2014 جلساتها الحاسمة تحت قبة البرلمان، بعد أن تنامت شدة الخلافات حول طبيعة فقراتها منذ ارسالها من الأمانة العامة لمجلس الوزراء إلى رئاسة مجلس النواب، وبالاستناد إلى التسريبات ضيقة الحدود التي أعلنتها اللجنة المالية النيابية، فإن إجمالي التخصيصات المالية المقترحة لقانون الموازنة العامة يصل إلى أكثر من ( 174 ) تريليون دينار عراقي، وهو ما يعادل ( 160 ) مليار دولار امريكي، خصص منها ما نسبته ( 63 % ) إلى أغراض (النفقات التشغيلية)، في حين لم تتجاوز تخصيصات (النفقات الاستثمارية) في هذا القانون حاجز الـ (36%) من القيمة الكلية للموازنة العامة التي تزامنت عملية البت في إقرارها مع اقتراب الانتخابات النيابية العامة التي من غير المستبعد استثمارها وتوظيفها من بعض الكتل السياسية لأغراض تتعلق بالدعاية الانتخابية في نهج مرفوض شعبيا؛ لما يحمله من معان وتوجهات من شأنها الإضرار بالعملية السياسية وتحجيم التجربة الديمقراطية الفتية التي دفع من أجلها شعب العراق تضحيات جسام، أثبتت تجربة السنوات الماضية غيابها عن أجندة بعض النواب.

ومثلما أفضت إليه طبيعة بناء قوانين الموازنة العامة الخاصة بالأعوام الماضية، كان أبرز ما يميز موازنة العام الحالي المقترحة هو زيادة نسبة النفقات التشغيلية على حساب الحصة المقترحة للنفقات الاستثمارية، ما يفرض على كاهل السلطتين التشريعية والتنفيذية النظر بجدية إلى ضرورة البحث في مهمة ردم الهوة الواسعة بين تخصيصات الموازنة العامة بشقيها التشغيلي والاستثماري، فضلا على العمل على زيادة نسبة النفقات الاستثمارية؛ بغية توافقها مع حاجة البلاد إلى مشروعات البناء والإعمار والخدمات البلدية والاجتماعية التي ينبغي أن تتضمنها استراتيجية التنمية الوطنية من أجل إقامة وتأهيل بنى البلاد الارتكازية التي تعرضت أغلب موجوداتها إلى الانهيار بفعل  جسامة التداعيات التي أحدثتها سنوات الحروب والعقوبات الدولية التي عاش تحت وطء شدتها شعب ما يزال يضغط على جراحه وهو يواجه العمليات الإرهابية وغيرها من التحديات المحلية والإقليمية والدولية. ومما يلفت الانتباه أن الخط البياني لحجم النفقات التشغيلية من إجمالي قوانين موازنات الأعوام  المنصرمة في تصاعد مستمر منذ عام 2003 م؛ بالنظر لطغيان عقدة الصفة الاستهلاكية على الفعاليات التي تعكس توجهات وزارات الدولة ودوائرها، فضلا على غياب المؤسسات الانتاجية التي بوسعها أن تشارك إيجابيا بإضافة موارد إلى الدخل في ظل الحاجة إلى زيادة تخصيصات الفعاليات الاستثمارية وتوظيفها بتخطيط علمي منظم يتيح للقيادات الإدارية إمكانية توجيه إدارات مختلف القطاعات الانتاجية لتنمية مواردها وتطوير كفاءة ادائها. 

إن مهمة دعم المشروعات الاستراتيجية والتنموية في العراق الذي يتميز بتشتت قدراته، وتهالك القسم الأعظم من بناه التحتية تستلزم رصد تخصيصات مالية كافية لتأهيلها وتحديث قدراتها المادية والبشرية والفنية والتقنية، بغية المساهمة في ممارستها الخيارات المتاحة، واستثمار ما تملكه من عوامل بوسعها التأثير في مهمة تدعيم الاقتصاد الوطني، ما يجعل الأمر منوطاً بالقيادات الإدارية للشروع في بحث وتحليل تجارب عمل السنوات الماضية عبر الاعتماد على مراكز الدراسات والبحوث والمتخصصين في ميادين التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومثقفي البلاد وسياسييها، فضلا على الاستعانة بوسائل البحث العلمي وآلياته من أجل تلمس نقاط الضعف في موازنات الأعوام الماضية وسبل تفادي ما يترتب عليها من أخطار، بغية الارتقاء بسبل إقامة مشروع قانون الموازنة الاتحادية حاضراً ومستقبلاً بما يضمن فاعلية مضامينها الاقتصادية والاجتماعية التي تتطلب تخصيص الجزء الأكبر من قدراتها لأغراض النفقات الاستثمارية، بوصفها المعيار الحقيقي الذي يتوافق مع التوجهات الخاصة بإقرار التنمية المستدامة التي تشكل الركيزة الأساس في عملية تحقيق الاستقرار المالي والتنمية الاقتصادية، علاوة على ضمان صحة الرؤى الطموحة في مهمة اللحاق بركب العالم المتمدن بعد سنوات الحروب والعزلة والتخلف.

4/5/140225 تحرير علي عبد سلمان

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك