عباس الكتبي
ينقل السيد محمد الموسوي الشيرازي، في كتابه"ليالي بيشاور/ط١٤٣٠/١ هج/ ص٣٤٣"،عن تاريخ الطبري"٤٥٦/٢"،ونقل عنه ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة"٣٨/٢"فقال:وروى أبو جعفر أيضا في التاريخ،أن رسول"صلى الله عليه وآله"لما قبض اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة-إلى أن قال:- وسمع عمر الخبر فأتى منزل رسول الله "ص"وفيه أبو بكر،فأرسل إليه:أن أخرج إلي،فأرسل:إني مشغول،فأرسل إليه عمر أن أخرج،فقد حدث أمر لا بد أن تحضره فخرج فأعلمه الخبر،فمضيا مسرعين نحوهم ومعهم أبو عبيدة… إلى آخر الخبر.
يقول الشيخ باقر شريف القرشي"ره"، في موسوعته ج٩،ص٣١٠:(وليس في دنيا الإسلام حادثة أخطر على الإسلام وتصديعاً لشمل المسلمين كمؤتمر السقيفة،فقد كان الحجر الأساس لتدهور الأمّة وما عانت من الأزمات والخطوب،فقد شاعت فيها الأطماع السياسية،وسادت فيها الحزبية الضيقة التي وضعت مصالحها على مصلحة الأمّة).
وكان الأنصار قد عقدوا لهم مؤتمر في سقيفة بني ساعدة،بعد وفاة النبي"صلى الله عليه وآله "مباشرة، خوفاً وخشية من المهاجرين أن يستولوا على الحكم،وأول من خطب في ذلك المؤتمر،سعد بن عباده زعيم الخزرج،فكان خطابه حافلاً ومذكراً بنضال وجهاد الإنصار في الإسلام، ومندداً بقريش ومحاربتها للنبي"ص" ولدينه،وكان يرى أن الأنصار أولى وأحق بمقام النبي"ص" من غيرهم.
بينما هم كذلك،إذ باغتهم ابو بكر وعمر وابو عبيدة،وسالم مولى حذيفة وجماعة من المهاجرين،فخاطب ابو بكر الأنصار،وطلب منهم أن يتنازلوا عن الخلافة،ويسلموها للمهاجرين،لأنهم ألصق بالنبي"ص".
ثم خطب عمر،وكان خطابه مؤيداً لصاحبه،بعد ذلك أنبرى الحباب بن المنذر-احد زعماء الأنصار-وردّ على عمر،وحمل خطابه لهجة شديدة،وعنف وتهديد،وحصلت بينه وبين عمر،مشادة كلامية،وعلى أيّ حال لم ينته مؤتمر السقيفة إلا ببيعة أبي بكر، واندحار الأنصار.
كل هذه الأحداث التي جرت في السقيفة،نقلها الشيخ القرشي"طاب ثراه"عن المؤرخين،في الجزء التاسع من موسوعته بالتفصيل.
وأجمل ما قاله الشيخ في ص٣٠٦، هذا الكلام بعد نقله لخطاب أبي بكر:(ولم يعن هذا الخطاب بالرزء القاصم،والفاجعة الكبرى التي تذوب من هولها القلوب،وهي وفاة المنقذ العظيم والمحرّر الأعظم للإنسانية، وكان الأجدر والأولى أن يعزّي المسلمين والأسرة النبوية بهذا المصاب الفادح،فقد تجاهله تماماً،كما تجاهله خطاب سعد،كما أن المتعين أن يؤخّر انعقاد المؤتمر إلى بعد مواراة الجثمان العظيم في مقرّه الأخير وبعد ذلك ينعقد المؤتمر عامّاً،يضمّ جميع الطبقات الشعبية ليكون انتخاب الرئيس عن إرادة الجميع واختيارهم…)
نقلاً عن ليالي بيشاور-الهامش-ص٣٤٢، عن شرح ابن ابي الحديد"٢١٩/١-٢٢١،ط/ دار احياء التراث العربي/بيروت":((روى البراء بن عازب،قال:لم أزل لبني هاشم محبا،فلما قُبض رسول الله"ص"خفت أن تتمالأ قريش على إخراج هذا الأمر عنهم،فأخذتني ما يأخذ الوالهة العجول مع ما في نفسي من الحزن لوفاة رسول الله"ص"فكنت أتردد إلى بني هاشم وهم عند النبي"ص"في الحجرة،وأتفقد وجوه قريش.
فإني كذلك إذ فقدت ابا بكر وعمر،واذا قائل يقول:القوم في سقيفة بني ساعدة واذا قائل آخر يقول:قد بويع ابو بكر،فلم ألبث وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من اصحاب السقيفة،وهم محتجزون بالأزر الصنعانية لا يمرون بأحد إلا خبطوه وقدموه فمدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه،شاء ذلك او أبى.
فأنكرت عقلي، وخرجت أشتد حتى أنتهيت الى بني هاشم،والباب مغلق، فضربت عليهم الباب ضرباً عنيفاً،وقلت قد بايع الناس لأبي بكر بن أبي قحافة،فقال العباس:تربَتْ أيديكم إلى آخر الدهر،أما إني قد أمرتكم فعصيتموني...
سنكمل ما تبقى من هذا الخبر في الجزء اللاحق،بمشيئته تعالى.
..يتبع