( بقلم : اسامة النجفي )
بسم الله الرحمن الرحيم
الرافضة مصطلح سياسي استخدمه طواغيت بني امية وبني العباس على معارضيهم والثائرين على ظلمهم وخصوصا شيعة اهل البيت (ع) الذين رفضوا ظلمهم واستبدادهم. ثم تطورمصطلح الرافضة مع الزمن ليشمل شيعة اهل البيت عليهم السلام. والواقع ان النظر في الاخبار الواردة عن ائمة اهل البيت (ع) يجلي كثيرا من الغموض حول مفهوم الرافضة .
عن أبي بصير (احد اصحاب الامامين الباقر والصادق (ع)) أنـّه قال: قُلْتُ لاِبِي جَعفرٍ علیهِ السَّلامُ جُعِلْتُ فِداكَ اسمٌ سُمِّينا بِهِ اسْتَحَلَّتْ بِهِ الوُلاةُ دِماءَنا وَ أَموالَنا وَ عَذَابَنا قَالَ: وَ مَا هُوَ ؟ قَالَ: الرّافِضَةُ: فَقَالَ: أَبُو جَعْفَرٍ علیهِ السَّلامُ: إنَّ سَبْعِينَ رَجُلاً مِن عَسْكَرِ فِرعَونَ رَفَضُوا فِرعَونَ فَأَتَوا مُوسَي علیهِ السَّلامُ فَلَمْ يَكُنْ فِي قَومِ مُوسَي أَحَدٌ أَشَدَّ اجْتِهَاداً وَ أَشَدَّ حُبّاً لِهارُونَ مِنْهُمْ، فَسَمّاهُمْ قَوْمُ مُوسَي: الرّافِضَةَ، فَأَوحَي اللهُ تَعالي إلي مُوسَي علیهِ السَّلامُ: أَن أثبِتْ لَهُم هَذَا الاسمَ فِي التَّوراةِ فَإنِّي نَحَلْتُهُمْ، وَ ذَلِكَ اسمٌ قَد نَحَلَكُمُوهُ اللَهُ. [بحار الانوار» ج 15، كتاب الإيمان].
وفي نفس المصدر عن عتيبة بيّاع القصب عن الامام جعفر الصادق علیه السلام أنـّه قال: وَاللهِ لِنَعْمَ الاسْمُ الَّذِي مَنَحَكُمُ اللهُ ما دُمْتُمْ تأخُذُونَ بِقَولِنَا وَ لاَ تَكْذِبُونَ علینا.
و أيضاً عن إمام محمّد الباقر علیه السلام انـّه قال: أَنَا مِنَ الرَّافِضَة وَ هِيَ مِنِّي، قالَها ثَلاثاً.
و ورد في التفسير المنسوب إلي الإمام الحسن العسكريّ علیه السلام أنـّه «قيل للصادق علیه السلام: إنّ عمّاراً الدهنيّ شهد اليوم عند ابن أبي ليلي قاضي الكوفة بشهادة. فقال له القاضي: قم يا عمّار فقد عرفناك، لا تقبل شهادتك لانـّك رافضيّ. فقام عمّار و قد ارتعدت فرائصه، و استفرغه البكاء. فقال له ابن أبي ليلي: أنت رجل من أهل العلم و الحديث، إن كان يسؤك أن يقال لك «رافضيّ» فتبرّأ من الرفض، فأنت من إخواننا، فقال له عمّار: يا هذا ما ذهبتُ والله حيثُ ذهبتَ، ولكنّي بكيتُ علیك و علیّ: أمّا بكائي علی نفسي فإنـّك نسبتني إلي رتبةٍ شريفة لستُ من أهلها، زعمتَ أنـّي رافضيّ. ويحك لقد حدّثني الصادق علیه السلام أنّ أوّل من سميّ الرافضة: السحرة الذين لمّا شاهدوا آية موسي في عصاه، آمنوا به واتّبعوه، و رفضوا أمر فرعون، و استسلموا لكلّ ما نزل بهم فسمّاهم فرعون: الرافضة لمّا رفضوا دينه. فالرافضي من رفض كلّ ما كرهه الله، تعالي، و فعل كلّ ما أمره الله، فأين في الزمان مثل هذا ؟ فإنـّما بكيتُ علی نفسي خشية أن يطّلع الله تعالي علی قلبي، و قد تقبّلت هذا الاسم الشريف علی نفسي، فيعاتبني ربّي عزّ و جلّ و يقول: يا عمّار، أكنتَ رافضاً للاباطيل، عاملاً للطّاعات كما قال لك ؟ فيكون ذلك تقصيراً بي في الدرجات إن سامحني، و موجباً لشديد العتاب علیّ إن ناقشني، إلاّ أن يتداركني مواليَّ بشفاعتهم. و أمّا بكائي علیك، فلعظم كذبك في تسميتي بغير اسمي، و شفقتي الشديدة علیك من عذاب الله تعالي أن صرفتَ أشرف الاسماء إلي أن جعلته من أرذلها، كيف يصبر بدنك علی عذاب الله، و عذاب كلمتك هذه؟! فقال الصادق علیه السلام: لو أنّ علی عمّار من الذنوب ما هو أعظم من السماوات و الارضين، لمحيت عنه بهذه الكلمات. و إنـّها لتزيد في حسناته عند ربّه عزّ و جلّ حتّي يجعل كلّ خردلة منها أعظم من الدنيا ألف مرّة. [التفسير المنسوب إلی إمام العسكريّ عليه السلام، ص 310]
يستنتج ممّا تقدّم أنّ أنّ الوهابية واسلافهم من الطواغيت قصدت من عنوان الرافضة معنى سيّئـاً وادانة لمن يتبع التشيع . في حين ان الرافضة بما يشتمل معناها من رفض للظلم والاستبداد ومحاربته وقبول للحق عنوان صحيح للشيعة. كما أنّ كلمة الشيعة جاءت من الفعل شاعَ يشيعُ بمعني المطاوعة، و المشايعة بمعني المتابعة. والمتابعة هنا لسنة الرسول (ص) الذي قال الحديث الذي يتفق عليه السنة والشيعة: مااورده صحيح مسلم في باب فضائل الامام علي الا وهو حديث الثقلين{تركت فيكم ماان تمسكتم به فلن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وعترتي اهل بيتي وان اللطيف الخبير اخبرني انهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض}. وبالتالي يصبح واجبا شرعا متابعة اهل البيت (ع) بعد رسول الله (ص). والرافضي المذموم هو من يرفض التمسك باهل البيت (ع) رافضا امر الرسول (ص) في ذلك. وكلام الامام الشافعي خير دليل على براءة الرافضة من مما ينسب اليها من سوء وطعن في تدينها او انها ترفض الحق .
كلام الامام الشافعيّ
جاء في كتاب «الصواعق المحرقة» ص 79:عن الامام الشافعي قوله:
قَالُوا تَرَفَّضْتَ قُلتُ كَلاّ وَ مَا الرَّفضُ دِيني وَ لا اعْتِقَاديلَكِن تَوَلّيتُ غَيرَ شَكٍّ خَيرَ إمَامٍ وَ خَيْرَ هَادي إن كَانَ حُبُّ الْوَلِيِّ رَفْضاً فَإنَّني أَرفَضُ الْعِبَادِ.
و قال أيضاً رحمه الله:
يَا رَاكِباً قِفْ بِالْمُحَصَّبِ مِن مِنى وَاهْتِف بِسَاكِنِ خَيْفِهَا وَالنَّاهِضسَحَراً إذَا فَاضَ الْحَجيجُ إلی مِنى فَيْضاً كَمُلتَطِمِ الْفُراتِ الْفَائِضإن كَانَ رَفْضاً حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ فَلْيَشهَدِ الثَّقَلانِ أنـِّي رَافِضي
وقال كذلك : إذا فـي مجلس ذكـروا عليـاً و سبطيـه وفاطمـة الزكـية يُقال تجـاوزوا يـا قوم هـذا فهـذا من حـديث الرافضيـة برئتُ إلى المهيمن من أنـاسٍ يـرون الرفض حـب الفاطمية
تراجع هذه الأبيات ايضا في كتاب الإمام محمد بن إدريس الشافعي للدكتور مصطفى الشكعة ص 54 .
رد شبهة ان الرافضة ذمهم ائمة اهل البيت (ع)
ذكر احد الوهابيين مايلي:ان علي رضي الله عنه واولاده كانوا يبغضون الشيعة المنتسبين اليهم المدعين حبهم واتباعهم ، وكانوا يذمونهم على رؤوس الاشهاد فهذا علي رضي الله عنه يذم شيعته ويدعو عليهم فيقول : (لقد ملأتم قلبي قيحاً وشحنتم صدري غيظا وافسدتم على رأيي بالعصيان والخذلان .) . وقال الحسين بن علي رضي الله عنه مخاطبا الرافضة حينما بايعوا مسلم بن عقيل نيابة عنه فقال (تبا لكم ايتها الجماعة وترحا وبؤسا لكم وتعسا حين استصرختمونا وليهن فأصرخناكم موجفين فشحذتم علينا سيفا كان في ايدينا وحششتم علينا نارا اضرمناها على عدوكم وعدونا فاصبحتم البا على اوليائكم ويداً على اعدائكم من غير عدل افشوه فيكم ولا أمل اصبح لكم فيهم ولا ذنب كان منا فيكم ..) . ويروى الكليني عن ابي الحسن موسى انه قال : لو ميزت شيعتي ما وجدتم الا واصفة ولو امتحنتهم لما وجدتهم الا مرتدين .
الجواب:
ان قول الامام (لقد ملأتم قلبي قيحاً وشحنتم صدري غيظا وافسدتم على رأيي بالعصيان والخذلان) هو خطاب موجه الى اهل الكوفة والكوفة انذاك كانت تحوي اقلية شيعية واغلبية لاتشايع علي عليه السلام كونه اماما مفترض الطاعة . وجاء الذم لهم بالخصوص. ولم يكن امير المؤمنين (ع) ليملك السيطرة عليهم . وانما كان يداريهم ولم يقسو عليهم ولايكرههم على مايعتقدون كما يفعل عادة الطواغيت. مايدل على ذلك الروايتين التاليتين:وفي رواية عن الاِمام الصادق عليه السلام أنه قال: «لما قدم أمير المؤمنين عليه السلام الكوفة أمر الحسن بن علي أن ينادي في الناس: لا صلاة في شهر رمضان في المساجد جماعة، فنادى في الناس الحسن بن علي بما أمره به أمير المؤمنين، فلّما سمع الناس مقالة الحسن بن علي عليه السلام صاحوا: واعمراه، واعمراه ! فلّما رجع الحسن إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال له: ماهذا الصوت ؟ ـ قال ـ: يا أمير المؤمنين، الناسُ يصيحون: واعمراه، واعمراه ـ فقال أمير المؤمنين عليه السلام ـ: قل لهم: صلّوا( التهذيب، للطوسي 3: 70 | 227).وسبب قوله لهم( صلوا) ماقاله عليه السلام: «قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمدين لخلافه، ناقضين لعهده مغيرين لسنته، ولو حملتُ الناس على تركها... إذاً لتفرقوا عني والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلاّ في فريضة، وأعلمتهم أنَّ اجتماعهم في النوافل بدعة، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي: يا أهل الاسلام غُيّرت سنة عمر ! ينهانا عن ال صلاة في شهر رمضان تطوّعاً، ولقد خفتُ أن يثوروا في ناحيةً جانب عسكري..» (الكافي، للكليني 8: 51 ـ 52).
اذن نستنتج من هذين الحديثين ان الكوفة كانت تعج بالذين لايطيعون علي عليه السلام لكونه خليفة للمسلمين انتخبه المسلمون بالاجماع ويخذلون الناس حوله ولايتبعون اوامره ونصائحه. فكانت خطبه في ذمهم وتوبيخهم كثيرة. فهم لم يكونوا شيعته قطعا لان الشيعة هم من يعتقدون بامامة علي (ع) وانه مع الحق وذلك يستلزم اعتقاد عصمة الإمام ومقاماته ووجوب طاعته مطلقا لان طاعته طاعة الله تعالى. وهذا متفق عليه بين عموم المسلمين بغض النظر عن مذاهبهم. وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : علي مع الحق ، والحق مع علي . فقد أخرج الهيثمي (العالم المحدث السني الشهير) في مجمع الزوائد - في حديث - أن علي بن أبي طالب مر ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : الحق مع ذا ، الحق مع ذا (مجمع الزوائد 7 / 234 - 235 قال الهيثمي : رواه أبو يعلى ، ورجاله ثقات . المطالب العالية 4 / 66 ح 3974 ). وامثال شيعة علي افاضل الصحابة ممن ذكرهم التاريخ بكل إجلال واعتزاز ، امثال المقداد بن ابي الاسود وسلمان الفارسي وجابر بن عبد الله الانصاري وعماربن ياسر وخزيمة بن ثابت وأبي ذر ومحمد بن أبي بكر وابن عباس وعبد الله بن مسعود وحجر بن عدي الكندي وأبي الهيثم بن التيهان. وهم الذين ترحم عليهم اميرالمؤمنين وذكرهم بكل بخير واثنى عليهم كما نقلت كتب التاريخ والاخبار. ونفس الكلام سيكون في ما ذكرمن خطبة الإمام الحسين عليه السلام. فالخطبة كانت للإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء وكان يخاطب بها الجيش الأموي ومن التحق بهم من اهل الكوفة ممن لم يشايع عليا واهل بيته طمعا بالمال او المنصب او من الخوارج الذين يكفرون عليا واهل بيته. فهؤلاء قطعا ليسوا شيعة الحسين (ع) . اذ كيف يكونون شيعته وانصاره وهم يقاتلونه؟ اما شيعة الإمام الحسين فهم أمثال حبيب بن مظاهر الأسدي ومسلم بن عوسجة وبرير بن خضير الذين كانوا عماد جيش االحسين (ع) وضربوا اعظم امثال التضحية والايثار والبطولة. اما ماذكر من قول الإمام أبي الحسن موسى عليه السلام انه قال: (لو ميزت شيعتي ما وجدتم الا واصفة ولو امتحنتهم لما وجدتهم الا مرتدين). فهو ان صح الحديث (ولو في اسناده اشكال)، لم يكن الا رد للشبهة التي اثاروها بعض الناس ان هناك الكثير من يقول اننا شيعة موسى بن جعفر ويفعلون الاعمال المستنكرة التي لاترضي الامام عليه السلام. فهم لم يكونوا شيعته حقيقة وانما ادعوا ذلك فظن الناس انهم شيعة للامام موسى بن جعفر(ع) فرد الامام ذلك وبين حقيقة هؤلاء المدعين، فليس كل من انتسب للتشيع او ادعى ذلك يكون شيعيا. لان اصل التشيع هو المتابعة وطاعة الامام المعصوم وهؤلاء لم يتابعوا او يطيعوا الامام فكيف يكونون شيعة؟ اللهم ن هذا الا اختلاق!. والظاهر ان السلطة العباسية لها يد في ذلك. حيث رأت اقبال الناس على الامام موسى بن جعفر (ع) فخافت من تعاظم شعبيته . فبثت عيونها وعملاءها بين اوساط الناس مدعين انهم شيعة لتسقط الامام عليه السلام وشيعته الحقيقيين من اعين الناس . ولانستغرب من فعل الطواغيت هذا لان ذلك يجري في كل زمان ومكان.
الائمة (ع) يريدون من شيعتهم بلوغ اعلى درجات الكمال حتى يستحقوا وصف الشيعة
الامام الباقر (ع): انما شيعة علي الشاحبون الناحلون الثابلون ذابلة شفافهم ، خميصة بطونهم ، مصفرة ألوانهم ، متغيره وجوههم ، اذا جنهم الليل اتخذوا الأرض فرشاً واستقبلوها بجباههم ، باكية عيونهم ، كثيره دموعهم ، صلاتهم كثيرة ، ودعاؤهم كثير ، تلاوتهم لكتاب الله كثيرة.
الامام الصادق (ع): ( انما شيعة جعفر من عف بطنه وفرجه ، واشتد جهاده ، وعمل لخالقه ، ورجا ثوابه ، وخاف عقابه ، فاإذا رأيت اولئك فأولئك شيعة جعفر).
الامام الصادق (ع) واصفا الشيعة: ( أهل رأفة وحلم وعلم يعرفون بالرهبانية فأعينوا على ماأنتم عليه بالورع والاجتهاد)
الامام الصادق (ع) في وصف الشيعي: (ليس منا ولا كرامة، من كان في مصر فيه مائة ألف أو يزيدون، وكان في ذلك المصر أحد أورع منه).
فعليه يعرف مدى المواصفات الكمالية الدقيقة التي ارادها الائمة سلام الله عليهم لشيعتهم حتى يستحقوا عن جدارة لقب الشيعة.
ثناء الائمة (ع) على شيعتهم
قد قال الصادق (عليه السلام) في حقهم: شيعتنا منّا خلقوا من فاضل طينتنا، وعجنوا بنور ولايتنا رضوا بنا أئمة ورضينا بهم شيعة يصيبهم ما أصابنا وتبكيهم أوصابنا، يحزنهم حزننا، ويسرهم سرورنا ونحن أيضاً نتألم لتألمهم، ونطّلع على أحوالهم فهم معنا لا يفارقونا، ونحن معهم لا نفارقهم.
والحمد لله رب العالمين
https://telegram.me/buratha