دراسات

العراق بين مشهدين :وجهة نظر في الاقتصاد السياسي


الدكتور مظهر محمد صالح

 

ا-السيناريو الواقعي

ما ينشر وبشكل مكثف عن حالة الاقتصاد من سيناريو فرض العقوبات الاقتصادية الامريكية المحتملة على بلادنا  يأتي في جوهره لاحداث شيء من الهلع و موجة من الحرب النفسية ضمن تناقض مخرجات اطراف الصراع الدولية ومخرجاتها على الساحة العراقية .فالاشاعة الاقتصادية اليوم ماهي الا  تذكير  لوقائع قاسية حدثت إبان غزو العراق للكويت  وفرض المنظمة الدولية لعقوبات  شاملة على العراق بين الاعوام ١٩٩٠ ولغاية ٢٠٠٣ومخلفاتها الكارثية التي مزقت نسيج المجتمع وبنيته الاقتصادية والمعيشية والدور الامريكي في تلك العقوبات القاسية  .في معتقدي  لاتوجد  لدى اميركا رغبة فعلية للانتقام الشامل من العراق  سوى موجة من ماكنة التهديدات الإعلامية في إطار  ضغط سياسي حتى اللحظة . اما على ارض الواقع فلم يحدث شي ضار للاقتصاد  الوطني سوى سلوك فردي خلاصته القلق والتحسب ولم ينعكس على تفاقم الطلب الكلي على السلع  والخدمات او احداث تاثير في المستوى العام للأسعار او التضخم كما يسمى ،باستثناءتقلبات جزئية حدثت ولساعات في سعر صرف الدينار ازاء الدولار في الاسواق الثانوية خلال الايام القليلة الماضية  ازاء قوة البنك المركزي العراقي في ضبط السوقومناسيب السيولة فيها  بكونه يمتلك وسائل تدخل في التصدي لاي موجات مضاربة سعرية ضارة تحصل في سوق الصرف بحكم احتياطياته العالية وحسن التنسيق والتدبير مع البنك الاحتياطي الفيديرالي الامريكي نفسه . وبالرغم من ذلك فحصول سناريو  حصار اقتصادي او عقوبات او مقاطعة اقتصادية   أمريكية   جذرية التاثير سلباً  بحق ٤٠ مليون عراقي    :سيعني من وجهة نظري الشخصية ان الولايات المتحدة قد غامرت بمشروعها في العراق الذي اسست له في احتلال ٢٠٠٣ وفقدت مصالحها الجيوسياسية في غرب اسيا وهي شبه هزيمة قاسية وضرب لمصالحها في المنطقة  !! لذا فان دولة مثل الولايات المتحدة لن تفعل ذلك إطلاقًا مهما كلف الامر ولن تخسر صداقة العراق في ظل معطيات النظام السياسي القائم حالياً  كنظام ديمقراطي قام على انقاض دكتاتورية شرسة  !! . لذا فان تحليل مضمون هذه  الحملة السيكولوجية ونتائجها من وجهة نظر علم الاقتصاد السلوكي هي محصلة للصراع والتصعيد   بين الطرفين بالرغم مما يترك حسابات لادارة المخاطر الاقتصادية هنا وهناك  احيانا. وتمثل  جزء اً من الحرب النفسية للتخويف واشاعة الهلع بين الناس عادة ما يطلقها المضاربين ومغتنمي الفرص لتحقيق الربح الطاريء باجواء رديئة غير نقية .

٢-السيناريو التخيلي

 اذا  ما تعرض العراق لهكذا

 حصار او عقوبات مدمرة امريكية فعلا ،كما يشاع ،فانها ستكون ابتداءً عقوبات ليست اممية مثل ماحصل عام ١٩٩٠ في حرب الكويت، اذ ستدفع الولايات المتحده وعلى وفق هذا السيناريو بالعراق الى ايجاد حلفاء دوليين اخرين للعيش والخروج من المازق الاقتصادي المدمر وفقدان الامل بالمستقبل .اي ان ثمة فسحة لدخول العراق الى مشهد جيوسياسي   يمكن تسميته خيالاً بمربع القوة الجديد :واعني نشوء تكتل ضمن التوجه العالمي الحالي قد يضم :العراق وايران والصين وروسيا. وهذا ما تخشاه اميركا في ضياع العراق كدولة صديقة محبة للحرية والسلام ودولة بعيدة بعيد عن سياسة المحاور تماما.هذا ما سيدفع البلاد للتعاطي مع مفاتيح كتلة اقتصادية وجيو سياسية جديدة تحمي مصالح الشعب من شراسة العقوبات والمرور بتجارب مدمرة للانسانية و تعقيم التنمية والرخاء الاقتصادي  .ختاماً وفي ضوء ما تقدم مازلت شخصياً اشك جداً ان تفرض اميركا اي حصار او عقوبات قاسية او شاملة تقود الى  نتائج اقتصادية كارثية على العراق في الوقت الحاضر وتخسر صداقة العراق وتوازن سياسته الخارجية القائمة على نبذ المحاور والساعية الى التعاون الإيجابي الدولي والاقليمي .

* الدكتور مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، مستشار ملتقى النبأ للحوار

ـــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك