دراسات

عامل الالهاء واستغفال الشعوب

1788 2020-10-21

 

محمد السعبري||

 

ليس كل مايُقال في الإعلام تصدقه، ولا يمكن النظر إليه على أنه يمثل الحقيقة الكاملة، فكثير من الحكام وأصحاب السلطة يُخفون أجنداتهم وخططتهم الحقيقية باستخدام الإعلام والدعاية، اللذين لهما الدور الأبرز في تشكيل الرأي العام وتكوينه، فبفضلهما تنشأ حركات اجتماعية أو تندثر، وتبسط وتخفف بعض الأزمات الاقتصادية، وتٌبرر الحروب، ويتم تأجيج وإشعال الخلافات بين الأيدولوجيات المختلفة.

هكذا يتحدث الناقد والمفكر “نعوم تشومسكي”، الذي يجيب على سؤال مفاده، كيف يؤثر الإعلام علينا نفسيا بهذا الشكل؟ من خلال بلورة 10 استراتيجيات يسلكها الإعلام الموجه لإحداث تلك التأثيرات النفسية، وبالرغم من أن بعض هذه الأدوات واضح إلى أنه لايزال على قدركبير من الفاعلية والتأثير على الناس، ومن وجهة نظر البعض فإن هذه الأدوات مهينة وتعزز الغباء، وقد استند تشومسكي في كشفه لتلك الاستراتيجيات إلى “وثيقة سريّة للغاية” يعود تاريخها إلى مايو 1979، وتمّ العثور عليها سنة 1986، و تحمل عنوان: “الأسلحة الصّامتة لخوض حرب هادئة “، وهي عبارة عن كتيّب أو دليل للتحكّم في البشر السيطرة على المجتمعات.

 

وفي هذا التقرير نتحدث عن تلك الاسترتيجيات الـ10 التي يسلكها الإعلام للإلهاء والتحكم في الشعوب نعتمد بشكل أساسي على مقال نعوم تشومسكي في هذا الصدد.

 

1-استراتيجية الإلهاء

 

“حافظوا على تحويل انتباه الرأي العام بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية والهوه بمسائل تافهة لا أهمية لها. أبقُوا الجمهور مشغولا، مشغولا، مشغولا دون أن يكون لديه أي وقت للتفكير، فقط عليه العودة إلى المزرعة مع غيره من الحيوانات الأخرى.” مقتطف وثيقة “أسلحة صامتة من أجل خوض حروب هادئة”.

ويقول “تشومسكي” أن عنصرًا أساسيًا في التحكم الاجتماعي هو إلهاء انتباه العامة للقضايا والتغييرات الاجتماعية الهامة التي تحددها النخب السياسية والاقتصادية، من خلال تصدير كم كبير من الإلهاءات والمعلومات التافهة، وتتضمن تلك الاستراتيجة أيضا منع العامة من الاطلاع والمعرفة الأساسية بمجالات العلوم والاقتصاد وعلم النفس والعلوم البيولوجية.

 

2- اخلق المشكلة ووفر الحل

 

تستخدم هذه الاستراتيجة عندما يريد من هم في السلطة أن يمرروا قرارات معينة قد لا تحظى بالقبول الشعبي إلا في حضور الأزمة التي قد تجعل الناس أنفسهم يطالبون باتخاذ تلك القرارات لحل الأزمة، وتعرف بطريقة “المشكلة – رد الفعل – الحل” من خلال اختلاق موقف أو مشكلة يستدعي رد فعل الجمهور فعلى سبيل المثال: دع العنف ينتشر في المناطق الحضارية أو قم بالتحضير لهجمات دموية، مما يجعل الجمهور هو الذي يطالب السلطة باتخاذ إجراءات وقوانين وسياسات أمنية تَحُد من حريته، أو اختلق أزمة اقتصادية للقبول بحل ضروري، يجعل الناس يغضون الطرف عن حقوقهم الاجتماعية وتردي الخدمات العامة باعتبار ذلك الحل “شر” لابد منه.

 

3- التدرج

 

لتحقيق ما يمكن قبوله من تدابير عليك، يمكنك تقبله تدريجيا قطرة بقطرة، فخلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي تم فرض عدد من الظروف الاجتماعية والاقتصادية الجديدة والمختلفة بشكل جذري عن سابقتها تدريجيا، وأدت إلى ازدياد نسبة البطالة، ومرتبات غير لائقة، وعدم الاستقرار، واللا مركزية والتوسع في الخصخصة، ونقل الملكيات من إدارة لأخرى، والعديد من التغييرات الجذرية التي كانت ستتسبب في ثورة لو تم تطبيقها دفعة واحدة.

 

4- التأجيل

 

واحد من الطرق التي يتم استخدامها لتمرير قرار غير مقبول شعبيا، هو تقديمه على أنه “موجع ولكنه ضروري”، فمن الأسهل أن يتقبل العامة قرارًا مستقبليًا على أن يتقبلوا قرارًا فوريًا، وذلك لأن المجهود المطلوب من العامة لن يتم بذلك بشكل فوري، كما أن هناك اتجاه عام لديهم بأن “المستقبل دائما أفضل” ومن الممكن أن نتجنب التضحية المطلوبة، وهذا يعطي مزيدًا من الوقت للعامة كي يتأقلموا مع القرار وقبوله حتى يحين وقت تنفيذه.

 

5- خاطب العامة كأنهم «أطفال»

 

“إذا تمَّ التوجه إلى شخص ما كما لو أنه لم يتجاوز بعد الثانية عشرة من عمره، فإنه يتم الإيحاء له بأنه فعلا كذلك؛ وبسبب قابليته للتأثر، من المحتمل، إذن، أن تكون إجابته التلقائية أو ردُّ فعله مفرغة من أيِّ حس نقدي كما لو أنه صادر فعلا عن طفل ذي اثني عشر سنة.” – دليل “أسلحة صامتة من أجل خوض حروب هادئة”.

دائما ما تستخدم معظم الإعلانات الدعائية الموجَّهة لعامة الشعب خطبا وحججا وشخصيات نبرةً طفولية ضحلة وسطحية، كما لو كان المشاهدَ طفلًا صغير أو معاقًا ذهنيا.

 

6- استخدم الجانب العاطفي بدلا من الجانب التأملي

 

استخدام الجانب العاطفي هو أسلوب كلاسيكي للقفز على التحليل المنطقي والحس النقدي للأفراد بشكل عام، فاستخدام الجانب العاطفي يفتح المجال للعقل الباطني اللاواعي لغرس الأفكار والرغبات والمخاوف والقلق والحض على القيام بسلوكيات معينة.

 

7- إبقاء العامة في حالة من الجهل والغباء

 

“يجب أن تكون جودة التعليم المقدم للطبقات الدّنيا، رديئة بشكل يعمق الفجوة بين تلك الطبقات والطبقات الراقية التي تمثل صفوة المجتمع، ويصبح من المستحيل على تلك الطبقات الدّنيا معرفة أسرار تلك الفجوة” – دليل “الأسلحة الصامتة لخوض حروب هادئة”

وبذلك يصبح المجتمع عاجزًا عن فهم التقنيات والأساليب المُستخدمة للسيطرة عليه واستعباده من قبل من هم في السلطة.

 

8- تشجيع العامة على الرضا بجهلهم

 

تشجيع الجمهور على أنه من الطبيعي والمألوف أن يكونوا جهلة وأغبياء وغير متعلمين.

 

9- تحويل التمرد إلى شعور ذاتي بالذنب

 

من خلال جعل كل فرد يشعر بأنه السبب في تعاسته وسوء حظه، وذلك بسبب قصور تفكيره وذكائه وضعف قدراته، وقلة الجهود المبذولة من جانبه، وهكذا بدلا من أن يتمرد ضد النظام، ينغمس في الشعور بالتدني الذاتي الذي يؤدي لحالة من الاكتئاب تحبط أي محاولة للفعل لديه/ وبدون القيام بأي فعل، لايمكن أبدا للثورة أن تتحقق.

 

10- معرفة الأشخاص أكثر مما يعرفون أنفسهم

 

أدى التقدم العلمي المتسارع، الذي شهدته الـ50 عاما الأخيرة، إلى توسيع الفجوة بين المعرفة العامة والمعرفة التي تمتلكها النخب الحاكمة، فبفضل علوم الأحياء والأعصاب وعلم النفس التطبيقي، تمكن “النظام ” من معرفة الكائن البشري جسديا ونفسيا، فالنظام يستطيع معرفة الشخص العادي بشكل أفضل مما يعرف هو نفسُه، وهذا يعني أن النظام، في أغلب الحالات، هو الذي يملك أكبرَ قدر من السيطرة والسلطة على الأفراد أكثر من الأفراد أنفسهم.

 

اقرأ أيضا: كيف يمارس الإعلام البروباجاندا للسلطة

وأيضًا: كيف يتكون الرأي العام “الكامن” في الدول القمعية؟ ثلاث آليات إعلامية تدفع المشاهد إلى” دوامة صمت”

 

تحياتي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك