دراسات

دنس التطبيع مع (إسرائيل)..بين السياسة السنية والسياسة الشيعية

2149 2021-05-06

 

د. علي المؤمن ||

 

   بكل شفافية وصراحة، ودون لغة مواربة ومصطلحات دبلوماسية؛ حين نعمل مقارنة سريعة بين الأنظمة السنية من جهة، والأنظمة والجماعات الشيعية من جهة أخرى، في الموقف من الكيان الصهوني، سنجد أن كثيراً من الأنظمة السنية اعترفت بوجود (دولة إسرائيل)، وأن لدى بعضها علاقات ديبلوماسية علنية، والأخرى علاقات اقتصادية أو ثقافية أو تحالفات أمنية أو تنسيق أمني ستراتيجي أو اتصالات خاصة، ومنها: مصر، الأردن، الإمارات المتحدة، البحرين، السودان، قطر، السعودية، المغرب، تركيا، مالي، النيجر، باكستان، اندونيسيا، مالي، جيبوتي، موريتانيا، جزر القمر، بروناي، بنغلادش. هذا عدا عن مئات الأحزاب السياسية والمؤسسات العامة والخاصة ومنظمات المجتمع المدني في البلدان الإسلامية السنية، التي تمتلك علاقات علنية أو خاصة مع الكيان الصهيوني ومؤسساته. وهي علاقات تدعو الى  الشعور بالخجل والعار والنفور.. والقادم أفضع.

   وفي المقابل؛ نرى العكس تماماً عند الأنظمة الشيعية أو المحسوبة على الشيعة وعلى محور المقاومة، وتحديداً إيران وسوريا والعراق واليمن، فضلاً عن الأحزاب الشيعية برمتها ودون أي استثناء، كحركة أمل وحزب الله في لبنان، وحزب الدعوة ومنظمة بدر والتيار الصدري وفصائل الحشد الشعبي وغيرها في العراق، وجماعة أنصار الله في اليمن، وجميع الأحزاب في إيران، وحركة الوفاق وغيرها في البحرين، وهكذا جميع الأحزاب والجماعات الشيعية الأخرى في باكستان وأفغانستان والهند ونيجيريا وآذربيجان وتركيا وغيرها.

    وينطبق الأمر كذلك على المؤسسات الدينية؛ فالمرجعية الدينية الشيعية في النجف وقم وطهران، وجميع المؤسسات الدينية الشيعية في كل دول العالم، تعد أي اتصال وعلاقة علنية وسرية مع الكيان الصهيوني حرامٌ شرعاً وخيانة للإسلام والتشيع وجريمة ضد الإنسانية، وأن إسرائيل دولة وهمية قائمة على أراضي دولة أخرى بأسلوب الاغتصاب الاستيطاني، وأن مقاومتها وإزالتها واجب شرعي. ولذلك؛ كان موقف المرجعية الدينية الشيعية في النجف وقم عنيفاً جداً من خطوة نظام الشاه في إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني، وكانت هذه الخطوة أحد الأسباب الرئيسية لثورة المرجع الديني الشيعي الإمام الخميني، ومعه المؤسسة الدينية الشيعية برمتها، ضد شاه ايران والإطاحة به. وكانت الخطوة الأولى لهذه الثورة بعد انتصارها؛ قطع العلاقات مع اسرائيل وسحب الاعتراف بها، والاعتراف بفلسطين دولة شرعية وفتح سفارة لها في طهران، وبذلك كانت ايران الشيعية أول دول تقوم بهذه الخطوة في العالم.

    في حين نرى أن المؤسسات الدينية السنية الرسمية ومرجعياتها ومشايخها في تركيا ومصر والبحرين والإمارات والسعودية والمغرب والسودان وموريتانيا والنيجر ومالي وغيرها؛ شرعنت للاعتراف بدولة إسرائيل وإقامة العلاقات معها، في إطار مبدأ الصلح والسلام، وهو أحد أكبر التزويرات الدينية والتزيفات الفقهية في تاريخ المذاهب السنية، لأن الصلح يكون مع عدو أو خصم ذي وجود شرعي، وليس مع عصابة لصوص يهودية اغتصبت أرضاً إسلامية وقتلت أهلها وأسست لنفسها كياناً وهمياً.

    وهنا لابد من التأكيد على أن المتلبس بجريمة الاعتراف والتطبيع والخيانة هي الأنظمة وأحزابها وبعض مؤسساتها الدينية ومشايخها، وليس الشعوب المسلمة السنية أو المذاهب نفسها، لأن هذه الشعوب مغلوبة على أمرها، وتعاني هي الأخرى من استبداد الأنظمة التي تحكمها. وبالتالي؛ فإن أخذ المذاهب والشعوب بجريرة الأنظمة وبعض المشايخ؛ إنما هو خطأ منهجي أساس، قبل أن يكون مادة للتكذيب والتصديق.

    إذن؛ هي مفارقة تثير السخرية والغثيان؛ أن نضع عدوين لدودين متضادين (الشيعة والصهاينة) في خانة واحدة، ولا نضع الأغلبية الساحقة من الأنظمة السنية، العربية وغير العربية، في خانة التحالف مع إسرائيل والصهاينة، وهم حلفاء بالفعل، دون أن يخفي كثير منهم ذلك.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك