محمد صادق الهاشمي ||
3/حزيران/1989 هي ذكرى وفاة الإمام الخميني، وبهذه المناسبة التي وفد بها هذا الرجل الرباني إلى الله نستذكر بعضًا من دروس منهجه، وتعاليم مدرسته، والدرس الأول هو:
· الدولة والإمام الخميني
الإمام الخميني بكل اختصار ووضوح، يمكن تعريف شخصه بأنه الرجل الذي نقل الإسلام من الكتب، والمعاجم، والمطولات، والرسائل العملية… إلى كرسي الحكم والدولة؛ لأنه يرى أنَّ الإسلام بصفته فكرًا وعقيدةً ومنهجًا وتنزيلًا؛ لا يمكنه التعايش مع التجارب الوضعية، ويرى كذلك أنه لا تكتمل حركة التبليغ للإسلام إلا بحاكميته، وبوجود رافعة الدولة، خصوصًا مع وجود الحركات الغربية والاستشراق والمشروع الاستكباري الأميركي، والعملاء المحليين، التي كلها تعمل ضد الإسلام، وكما أشار في كتابه: (الحكومة الإسلامية): «إنَّ الإسلام في جوهره ووجوده هو الحكم والحاكمية، كما أن التشريع لا يمتلك قدرته على الانتشار والتأثير والتطبيق في الأمة ما لم تتوفر له فرصة التطبيق».
ومن يتابع حياة الإمام الخميني بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران، وهي مرحلة استلام الحكم؛ نجد أنه كان يسعى حثيثًا لبناء الدولة، وترسيخ مفهومها العميق، وتأسيس الدستور الذي تستند إليه المؤسسات، والوزارات، والنظام، والقانون، والتشريعات الفرعية، التي تحمي النهضة والتطور والتصنيع والنهوض في كل المجالات بعقل راسخ، وفهم ثابت، مستلهمًا كل التجارب والتفاسير والدلالات.
ولم يتوقف الإمام عند مرحلة تغيير الحكم، بل على ضوء ما نقلته المصادر؛ فإنَّ الإمام رفض عرض الشاه وترويجه بأن يشاركه في الحكم، مقابل بقاء الدولة العلمانية ذات المنهج الغربي؛ كون هدف الإمام إقامة الحكم الإسلامي (الدولة).
نعم، عمل الإمام الخميني حثيثًا؛ لترسيخ الدولة تأسيسًا ووجودًا، وقد لازمه هذا الهدف منذ بواكير تحركه، فهو على بينة من أمره بوعي عميق، جعله هذا الوعي يعمل على تحقيق هذا الهدف الرسالي منذ بواكير الثورة وحتى النصر، ثم الحكم باتجاه واحد لم يمِل عنه وهو: (إقامة الدولة الإسلامية الحامية للإسلام، التي توفر له أسباب القوة والعزة والتمكين).
من يتابع خطابات الإمام الخميني يتعرف على عقل الإمام الديني والسياسي، وتتأكد له رؤيته أنَّ الإسلام في ظل الصراع الدولي، والحروب الكونية، والصراع بين الأقطاب الكبرى، والمشاريع الاستكبارية، وهيمنة الصهيونية، ومنهج الاستكبار العالمي الذي يستعبد الشعوب وخصوصًا المسلمين، وينهب ثرواتها ويقتل طاقاتها، ويعدم علماءَها، ويعمل على محو هويتها، ومع تلكم الحقائق؛ فإنَّ الإسلام لا يمكنه البقاء في هوان وسكون.
وفي ظل تلك المقدمات لا وجود للإسلام إلا في ظل الدولة والحكم والحاكمية:
﴿وَنُرِیدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَی الَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا فِی الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِینَ﴾ [القصص: 5].
(يتبع الدروس المقبلة)
https://telegram.me/buratha