كندي الزهيري ||
أبعاد الرأي العام:
أ ـ البعد التاريخي:
يتمثل بكون الرأي العام تعبيراً عن تطور محدد لمجموعة من البشر عاشت في بقعة جغرافية معينة وفي حقبة زمنية محددة. يرتبط بالتتابع الزمني للأحداث.
ب ـ البعد السياسي:
يتمثل بكون الرأي العام عبارة عن ردأت أفعال حيال الأزمات، ومشاكل المجتمع وسلوك الطبقة الحاكمة، وحركة لعبة الحكم والموالاة والمعارضة، والصراعات والتحالفات الاقليمية والدولية.
ج ـ البعد الاقتصادي:
يتمثَّل بتفاعل الرأي العام مع البنية الاقتصادية ومحاورها الثلاثة: الإنتاج والاستهلاك والتوزيع. يتأثر بها في فن التسويق والإعلان والدعاية التجارية، وكذلك عند تعرضها لهزات سلبية أو لتطورات إيجابية. يستثمره السياسيون في مجال الانتخابات التمثيلية ولعبة الحكم بين الموالاة والمعارضة.
د ـ البعد النفساني:
يتمثَّل باكتساب الرأي العام مناخاً معنوياً يخلق له سلوكية محدَّدة وحركيَّة تتميَّز بالانفعال والإثارة والعودة أحياناً إلى المشاعر النفسانية الدفينة المرتبطة بجوهر الحضارة عموماً والعقيدة الدينية خصوصاً.
كيف يظهر الرأي العام؟ :
1 ـ وضوح وشفافية استخدام وسائل الاتصال الجماهيري، الأجهزة الإعلامية المتنوعة، الندوات، المحاضرات، الاجتماعات واللقاءات الجماهيرية، التظاهر، برقيات التأييد أو المعارضة، الحملات المنظمة للشائعات والأخبار الملفقة والروايات والنوادر، البيانات والملصقات والكتابات الجدارية... الاستطلاعات، الاستفتاء، الانتخابات.
2 ـ شيوع حالات السلبية لدى الجمهور والجماعات وتنفيذ الإضرابات والاعتصامات، وصولاً إلى مقاطعة .
ماهية الإعلام:
إنه التواصل الحر بالمعرفة وتعميمها. فالتواصل يعني الحوار بين طرفين أو أكثر، وليس مجرد خطاب موجه من طرف إلى آخر. والمعرفة، كأداة حوار، هي أفكار ومعلومات وتحليلات ومواقف يرغب طرفان أو أكثر في تبادلها والانتفاع بها . والهدف النهائي هو تعميمها بقصد تعميم الخير الكامن فيها، أو الناتج عن تلقيها.
وكما أن للفرد حرية الإعلام والاستعلام حرية الكلام والاستماع، حرية الاختيار بأن يكون كائناً مفيداً لنفسه ومجتمعه، حرية التفكير وتكوين الرأي والتعبير عنه.. فلوسائل الإعلام تأثير كبير على الإنسان والمجتمع الذي يحيا فيه كونها تساهم بفعالية في تكوين هذه الحريات. وإن ما تغيّره هذه الوسائل ـ وبصورة مؤكدة ـ هي شروط ممارسة حريات التفكير، كل حريات التفكير، منذ نشوئه وحتى التعبير عنه .
وكما أن هذه الوسائل تساهم في تحديد المسألة السياسية وحركيتها وفي تكوين وتغيير الرأي العام وتوجيه فعله وتأثيره، فمن ذلك تنبع خطورة التعددية الإعلامية الإيديولوجية في الوطن الواحد إذا كان مفككاً إلى مجتمعات متصارعة تفتقر إلى الولاء الوطني، لأنها تفرز مجموعة آراء عامة تعبِّر عن عصبيات متعددة لكل منها مفاهيم خاصة وتأثيرات متمايزة (النموذج لبنان والعراق واليمن).
إن الإعلام هو ظاهرة اجتماعية قديمة. تطورت وسائله على مر العصور تبعاً لتطور هذه المجتمعات. وقد لعبت هذه الوسائل الدور البناء كما لعبت الهدام منه. فكما هي قادرة على نشر المعرفة والوعي وإنماء المشاعر الحضارية السامية عند الجمهور، فهي قادرة أيضاً على إبقاء الجهل والتجهيل والضياع ومخاطبة الغرائز وتزييف الآراء والتضليل عن سبيل الأهداف والقيم النبيلة... إننا نعيش عصر الإعلام حيث أصبح المرء خاضعاً لوسائل الإعلام بالرغم من إرادته، يطَّلع أينما كان في هذا العالم على كل المستجدات في أنحاء المعمورة.
إنه امبراطورية قائمة بذاتها تحكم وتستبد: هو حرية التعبير والكتابة والاستعلام والمعرفة وتنوع الآراء والأفكار، هو الصحافة والإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح والندوات والخطابات والمهرجانات، هو وكالات الأنباء والكتب والكراسات والمناشير على اختلافها، هو الصوت والصورة والأقمار الفضائية وأجهزة الاستخبارات والتجسس، وهو الثقافة والتعليم والدعاية والإعلان وأنماط التنمية على اختلافها. بل هو العلوم والتطور... هو كل شيء، هو في الأنفاس ومرايا العيون وقسمات الوجه تُعلِمُ عن مكنونات الصدر وذبذبات العقل...
https://telegram.me/buratha