كندي الزهيري ||
الشاعة ودورها في الراي العام:
تعرف الإشاعات بأنها ضغط اجتماعي مجهول المصدر يحيطه الغموض والإبهام وتحظى من قطاعات كثيرة أو أفراد عديدين بالاهتمام. ويتداول الناس الإشاعة لا بهدف نقل المعلومات بل بهدف التحريض والإثارة وبلبلة الأفكار...
والإشاعات قديمة في حياة الإنسان، ويقول البورت وبوستمان في كتابهما عن سيكولوجية الإشاعة أن أباطرة الرومان كانوا يعانون من الإشاعات التي تنتشر بين شعوب المدن والقرى... من أجل ذلك قام كثير من هؤلاء الأباطرة باستخدام حراس الإشاعات للاختلاط بالناس وتجميع الإشاعات التي يتناقلونها، وإبلاغها للامبراطور فضلاً عن اطلاق الإشاعات المضادة.
وتنتشر الإشاعات في زمن الحرب النفسية أو في أوقات التوتر أكثر من انتشارها في زمن السلم وأوقات الهدوء والاستقرار. فالشائعات تلعب دوراً أساسياً في دعم اتجاهات التماسك الداخلي للجبهة الداخلية، وتؤكد الشعور بالعزة والنصر. كما أن إشاعات الكراهية تعمل على شق صفوف.
وإذا كانت طبيعة الإشاعة تتركز في الغموض والأهمية فيمكن أن نقول بأن فرصة انتشار الإشاعة تزيد كلما ازدادت درجة الانسجام والتناسق بين شكل الإشاعة وصياغتها، كما تزداد سرعة انتقالها كلما كان الوسط مستعداً لتقبلها وكلما كان محتوى الخبر الذي تحتويه الإشاعة مختصرا.
مقاومة الإشاعات:
1ـ دعم الاتجاهات الوطنية لدى الجماهير مما يحصنها ضد الإشاعات الأجنبية ويدفعها إلى التمسك بأيديولوجيتها عن اقتناع وإيمان... ولا بد أن تتضافر في ذلك الهيئات التربوية والتعليمية والثقافية فضلاً عن أجهزة الإعلام والدعاية.
2ـ محاولة إفقاد الإشاعة أحد عنصريها الأساسيين وهما الغموض والأهمية أي أننا يمكن أن نحارب الإشاعة بالخبر الصحيح على أساس أن الإشاعة تنتشر مع عدم توفر الأخبار الصحيحة... إن نشر الحقائق المباشرة المختصرة من شأنه أن يفقد الإشاعة قدرتها على إحداث الانطباع بمحتواها البسيط الذي يقبل الإضافة أو الحذف أو التحريف.
اثر العاطفة في الرأي العام:
يعتبر العقل جزءاً من الجسم... والتغيرات التي تحدث في الجسد تؤثر على العمليات العقلية من غير شك. كما أن طرق التفكير التي توصف بالمنطقية أو العاطفية تدل على شيئين منفصلين للسلوك (العقل والعاطفة).
وإثارة العواطف هي شيء أساسي يلجأ إليه المحاضر العام والواعظ الديني ورجل الاعلانات، وغيرهم ممن يريدون ايصال رسالتهم إلى جمهور كبير... والرجل الذي يواجه الجماهير ويريد استمالتها إنما يلجأ إلى الضرب على وتر الخوف والمرض والموت وغير ذلك مما تخافه الجماهير وتخشاه، ويعتبر سلاح التخويف والفزع أحد الأسلحة الهامة التي يلجأ إليها الداعية لتعديل الآراء والاتجاهات الأساسية لدى الأفراد.
ان لظاهرة الرأي العام أهمية مميزة في عالمنا المعاصر وخاصة في المجتمعات المتقدمة، بل إن هذه الظاهرة أصبحت ركناً أساسياً من أركان الديمقراطيات الحديثة، الديمقراطية في مفهومها الأساسي تعني الاحتكام إلى الشعب، أي بتعبير آخر الاحتكام إلى الرأي العام، وإذا كانت وظيفة الدولة الأساسية ـ الدولة الحديثة ـ هي إدارة المجتمع وتنظيم شؤون الجماعة، فإن احترام إرادة المواطنين والوقوف على آرائهم واتجاهاتهم ومعرفة ميولهم، هي إحدى الوسائل التي تمكنها من أداء هذه الوظيفة، من هنا تبدو أهمية هذه الظاهرة في العصر الحاضر، أي في زمن عولمة وسائل الاعلام، وتحديث تقنيات الاتصال.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha