عبود مزهر الكرخي ||
لو ألقينا الأضواء على الجوانب المضيئة من شخصية السيدة الجليلة والعظيمة فاطمة الزهراء(عليها السلام) والتي كانت مثار عدة نقاشات وحوارات حول السر الإلهي في خلق هذه المرأة ذات القدر الكبير والمنزلة الرفيعة والعظيمة عند الله سبحانه وتعالى وعند أبيها رسول الله نبينا الأكرم محمد(ص) والتي يبقى السر المستودع فيها لا يفقهه الكثير من البشر والتي لا يعلمها إلا أئمتنا المعصومين من نسلتها الطاهرة(سلام الله عليهم أجمعين)ولندخل في محيط الجود والمنهل الصافي لهذه الشخصية والتي ارتقى بها الله عز وجل لتصبح سيدة نساء العالمين لتصل إلى منزلة الأنبياء والمرسلين والتي لم تنالها إي أمراه عبر التاريخ لا في الأولين ولا في الآخرين. وسوف نناقش بعض ما يدعي من الكتاب والذين يدعون العلم في أن الزهراء امرأة شانها شأن النساء الأخريات وحتى هذا القول صدر من يدعي نسبه إلى بيت النبوة ومن ذريتهم لندحض كل ما أثير حول ذلك ونأمل من الله أن نوفق في مقالنا من دحض تلك الأقاويل والشبهات التي تثار حول سيدتي ومولاتي فاطمة الزهراء(عليها السلام).
وفي البداية نورد قول الإمام الخميني(قس سره) يقول الإمام رحمه الله: (إن مختلف الأبعاد التي يمكن تصورها للمرأة وللإنسان تجسّدت في شخصية فاطمة الزهراء عليها السلام لم تكن الزهراء امرأة عادية، كانت امرأة روحانية ملكوتية كانت إنساناً بتمام معنى الكلمة.. حقيقة الإنسان الكامل، لم تكن امرأة عادية بل هي كائن ملكوتي تجلى في الوجود بصورة إنسان، بل كائن جبروتي ظهر على هيئة امرأة... غداً ذكرى مولد الكائن الذي اجتمعت فيه المعنويات والمظاهر الملكوتية، والإلهية والجبروتية والملكية والإنسية) (1).
ويضيف رحمه الله: (فمثل هذه المنزلة.. تصدق طبقاً للروايات على فاطمة الزهراء عليها السلام أيضاً ولا يعني هذا أن تكون خليفة أو حاكماً أو قاضياً، بل هي شيء آخر أبعد من الخلافة والحكومة والقضاء لذلك فإن قولنا إن فاطمة لم تتولَّ الحكم أو الخلافة أو القضاء، لا يعني تجريدها من منزلة القرب تلك أو أنها امرأة عادية أو شخص مثلي ومثلكم) (2).
ويضيف ( كان الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله والأئمة الأطهار عليهم السلام أنواراً محدقين بالعرش قبل أن يخلق اللَّه العالم كما تفيده الأحاديث المتوافرة لدينا وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا يعلمه إلا اللَّه.. وهي تصدق على فاطمة الزهراء عليها السلام أيضاً) (3).
وقد كان وفاتها ولنقل استشهادها مثار جدل بين كافة الفرق الإسلامية وفيهم من ينكر ذلك ومنهم من يؤيد ذلك على أنها استشهدت وهي مغصوب حقها وإسقاط جنيها وكسر ضلعها وهي تمثل حادثة خطيرة ليس في التاريخ الإسلامي فقط بل على مستوى التاريخ الإنساني ومن هناك كانت هناك روايات ثلاث في تحديد تاريخ استشهاد فاطمة الزهراء(ع) وتسمى بالأيام الفاطمية وهي الأولى والثانية والثالثة. وكان هذا التعدد مثار حوارات وجدال عدة وقد تتبعت الأمر وودت أنه طبيعي ولا داعي لهذا الجدل القائم حيث أنه في وفيات أئمتنا المعصومين نجد أن هناك العديد من الروايات في مواليدهم واستشهادهم فسيدي ومولاي الإمام الثامن علي بن موسى الرضا(ع) لديه ثلاث روايات في استشهاده والأمام الصادق لديه روايتين وغيرهم وحتى نبينا الأكرم لديه روايتين في وفاته وهي على رواية المذهب الشيعي والأخرى على المذهب السني وهذا ما سنتوقف عنده في بحث السبب في اختلاف الروايات في تحديد وفيات أهل البيت.
ولكن فلنقف على حقيقة مهمة وهي أن الزهراء صلوات الله عليها سر الله الأعظم وانها ليست امرأة عادية كما يدعي البعض من الكتاب قصيري النظرة والعلماء الذين لديهم أهواء أموية وعباسية ناصبية وكل ما يحيط بها صلوات الله عليها سر وكما أن ولادتها سر من أسرار الله تعالى ونطفتها لم يحملها آدم وحملها سر حيث كانت المحدثة لأمها خديجة سلام الله عليها ومؤنسة ومولدها سر وحياتها وعبادتها سر من الأسرار الإلهية ، وكانت كلما وقفت في محرابها تزهر الملائكة السماء كما تزهر الكواكب لأهل الأرض وبالسر المستودع فيها فإن استشهادها سر ودفنها سر وقبرها سر وفي تاريخ استشهادها سر صلوات الله عليه وعلى أبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها .
وبقول الإمام الصادق صلوات الله عليه : { إن أمرنا هو الحق وحق الحق وهو الظاهر وباطن الباطن وهو السر وسر السر وسر المستسر وسر مقنع بالسر}(4). وفاطمة الزهراء(ع) هي احد الأسرار المودعة في ملكوت إلى الأرض ولهذا في وقال الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ....}(5). وأسرار الله تعالى كلها أماناته في أرضه وقلوب أوليائه ولا إجازة لهتكها وكشف قناعها إلا بين يدي صاحبها الذي هو أهل لها وهذا أمر الله تعالى به عباده المخلصين من الأنبياء والأولياء (عليهم السلام)
ولهذا لا يخفى على الله تعالى أي سر لأن الله تعالى خالق الإنسان في هذا العالم وإلى ذلك أشار القرآن{ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا }(6). فيعلم الله تعالى حقيقة أسرار الناس وما يكتمون، إلا أنه هناك أسرار مودعة من قبل الله تعالى عند كثير من الأولياء وخصوصا الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين حيث أمرهم بحفظها ولا يظهرونها إلا لمن هو أهل له.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ مكانة المرأة في فكر الإمام الخميني رحمه الله ص23.
2 ـ نفس المصدر ص 21.
3 ـ نفس المصدر ص 21.
4 ـ بصائر الدرجات 29.
5 ـ [النساء : 58].
6 ـ [الفرقان : 6].
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha