كندي الزهيري ||
يتحـدث اورويل (١٩٥٠ – ١٩٠٣) مـن خـلال تخليقه يوتوبيا «١٩٨٤» عن إتجاهات وتوجهات الإنسان الغربي، ويحتج بشكل
أكبر على هيكلية بعض الحكومات الشمولية.
ويـديـن جـورج اورويل واسمه الحقيقي اريـك ارثر بلير بشهرته لروايتيـه «مزرعة الحيوانات» و «١٩٨٤». ويسعى أورويل في هاتين الروايتين لتوصيف نظام مراقبة حياة الناس وأفكارهم، النظام الذي كان قد بدأ للجميع عالما مثاليا في يوم من الأيام. وكان اورويل قد قال ذات مرة أنه كتب هذه الرواية متأثرا بمؤتمر
طـهـران الـذي التـام عـام 1944. العـام الـذي جمـع اسـتالين وروزفلت وتشرتشيل في العاصمة الإيرانية طهران حول طاولـة واحدة، واتاح لهم تقسيم العالم فيما بينهم.
وفي رواية «١٩٨٤» يتم تقسيم عالم منتصف القرن العشرين بين ( ثلاثة) دول كبـرى هـي «أوشيانيا» (الولايات المتحدة الامريكيـة) و"(الاتحاد السوفيتي)و «ايستاسيا» (الصين). وبطل الرواية وينستون اسميث يعيش في دولة ( اوشيانا ) التي تدار على يد حزب ذي سلطة مطلقة، وقد غير الحزب الحاكم التاريخ لدرجة أن الناس لا يجدون أي معيار ومقياس لمقارنة حياتهم الحالية، مع ما كانوا عليه قبل هذا. وتضم أوشيانا، ثلاث طبقات إجتماعية هي : اعضاء الداخليين للحزب ، والاعضـاء الخـارجبين والعمـال الـذين يشكلون أربعة على خمسة من مجمل السكان. وبما أن اورويل كان منتميا إلى حركة عمالية اشتراكية، فإنه يصب جام غضبه على الأنظمة الإشتراكية ويقول في كتاب «١٩٨٤» على لسان أحد ابطال روايته:
وبالنسبة لك، فقد حان وقت التعرف على أشياء عن السلطة، اتعرف أن الحرية التي هي شعار الحزب هي العبودية؟ الم يخطر
ببالك أنه يمكن قلب هذا الشعار راسا على عقب؟ «العبودية، الحرية» وحيد وحـر. أن الإنسـان يـهـزم دائمـا، ويجـب أن يكـون الامـر كـذلك، لكنـه أن اراد الاستسلام بإخلاص، وأن إستطاع الهروب من هويته وأن إستطاع الاستحالة في الحزب بأن يصبح هو حزبا، وعندها سيكون قويا وخالدا. والشئ الآخر الذي يجب أن تعرفه هو أن السلطة هي ممارسة السلطة على الجمهور، وعلى الجسد،
لكن أعلى منه على الذهن.
وحسبما يقول اويني: إن اورويل قد فهم العالم الحديث الذي تبنى فيه الإرادة على السلطة، والانتباه إلى السلطة. بحيث أن حكم ستالين الشمولي هو مظهر هذه الأرادة. فالحرب في مدينة «١٩٨٤» هي السلام، والعبودية هي الحربية والجهل هي القوة والسلطة. "
إن عالمنا، العالم الغربي الحديث تحول خلال القرن العشرين إلى مصداق ظاهري وبرز التصور الخيالي والذهني لهكسلي واورويل،
وهـو مـا تجلـى فـي السير ، في الحيوية التامة والابتعاد عن الوطن المألوف والغرق في الاستبداد، فـي ظـل الصـورة المتقدمة للحياة المادية والتكنولوجية، التي كان الإنسان الغربي يعتبرها ضربا من الكمال، في حين أن
معاني المفردات في الأدبيات السياسية والإجتماعية انقلبت رأسا على عقب
في هذا القرن كما كان اورويل قد تنبأ بها.
فأصبحت الحرب، سلما، والعبودية تحررا، والاستسلام المطلق وبلاقيد او شرط للساسة القابعين خلف الكواليس وأرباب السلطة،
ديمقراطية وليبرالية وعولمة، وكل هذا كان خدعة كبرى لتحويل كل جغرافيا الأرض إلى مدينة «بوخافسك» الموحدة التي رسم معالمها
هكسلي في «العالم الطريف». ، وبدأ تاريخ الحداثة من التمني للاستيلاء على الطبيعة والعبث بها ، من دون وازع او رادع، لكنه وصل في السير التكويني إلى الاستيلاء على الانسان ، وبرز الإنسان الغربي والتاريخ الغربي على هيئة ارادة موحدة تميل إلى السلطة ، لكن هذه السلطة شهدت تزلـزلا واهتزازا قبل أن تستولي على الإنسان والعالم...
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha