محمّد صادق الهاشمي ||
◾اولا : المقدمة :
امريكا لديها مشروع كبير في العراق والمنطقة ولاجله احتلت العراق وارسلت البوارج والجنود وحاملات الطائرات من يتعرف على حقيقة المشروع الامريكي يعرف ويتاكد له لماذا وكيف تعمل امريكا على احداث الانقلاب التدريجي في العراق اي ان اغلب الدراسات المهمة والتي صدرت عن مراكز دراسات شيعية في لبنان والعراق , واغلب ماتحدث به المفكرون والسياسيون الاسلاميون هو ان امريكا لم تاتي لانقاذ العراق من صدام ولا حتى تنقلب على المكون الحليف لها عبر قرون وهو المكون السني وتعط الحكم الى المكون الشيعي من دون ان يكون هذا الامر ضمن حسابات امريكة ستراتجية دقيقة جدا ومن هنا نقول مايلي :
◾اولا : اهداف امريكا الاستراتيجية في العراق.
كثيرمن المفكرين والمحللين السياسيين يطرحون السوال المحير وهو ان امريكا التي تعمل على محاربة التشيع منذ قرون وتواجه وتمنع انتشار التشيع الثوري بعد انتصار الثورة الاسلامية في العراق والتي مكنت صدام حسين من قتل الشيعة وتدمير الحوزات العلمية واعدام المراجع ومكنت صدام ان يضرب الحركة الاسلامية في العراق كيف تحولت قناعة امريكا من مواجهة الشيعة في العراق الى ان تسقط صدام حسين وتعزل السنة في العراق وتمنح الشيعة في العراق الحكم ؟
طبعا في مقام الجواب ان امريكا لم تقدم على هذا المشروع((تسليم الحكم في العراق الى الشيعة)) الا بعد دراسة عميقة وخلاصتها ((حسب تقرير موسسة راند الامريكية – 3-2-2001) ان صدام في ضعف وسوف يسقط وان الشيعة في العراق سوف يحكمون العراق كون ايران داعمة لهم خصوصا بعد ان وجدنا ان الشيعة العراقيين في استعداد مستمر للانقلاب على نظام الحكم في العراق كونهم يريدون اخذ حقهم السياسي , وان امريكا ترى ان تمكن الشيعة من اسقاط صدام , فان العراق سوف يتحول الى ايران ثانية فلابد من ان يكون العراق تحت سيطرة الولايات المتحدة الامريكية حتى وان استلزم الامر تمكين الشيعة من الحكم وهم تحت سيطرة امريكا وسوف تقوم بتغيير منهجهم وقناعتهم تدريجيا حتى يومنوا بالعلاقات مع الغرب وامريكا والخليج , ويكون الهدف المهم والبعيد المدى لامريكا هو جعل نسبة عليا من شيعة العراق يسيرون بركب امريكا بقدر معين على غرار سنة الخليج ومن يتابع المخطط الامريكي من عام 2003 الى الان يجد ان امريكا قد حققت عبر اليات متعددة ومراحل كثيرة الكثير من مخططها والباقي قيد العمل وهنا تفصيل :
◾ثانيا : مراحل المشروع الامريكي في العراق.
كما قلناان امريكتا ومنذ زمن بعيد تخطط للاستيلاء على العراق الهش وخصوصا بعد ان رات ان صدام لم يتمكنمن اداء الدور والمهمة الموكلة له في ضرب التطلع الشيعي الى نيل حقوقهم وخشية ان يسقط العراق بين المعارضة الاسلامية الموالية لايران وتتكرر تجربة ايران في العراق من هنااقدموا الى رسم خطة في التعامل مع شيعة العراق خصوصا والعراق بنحو عام وهي :
1- احتلال العراق وفرض السيطرة العسكرية عام 2003 .
كانت امريكا واضحة جدا في اهدافها من خلال تطويع العملية السياسية والسياسيين لارادتها نوعا ما , وكلما وجدت شيعة العراق يخرجون عن ارادتها كلما ادخلتهم في ظروف قاهرة من القاعدة وداعش, واحاطتهم بغضوط من المحيط الاقليمي والدولي والداخلي حتى من الكرد والسنة المشاركين في الحكومة فضلا عن الشيعة الذين يسيرون عكس التيار .
2- كتابة الدستور العلماني .
هذا الدستور الذي يمنع قيام نظام اسلامي عام 2005, وقد تولت امريكا وضع دستور العراق من مرحلتين الاولى هي ((دستور المرحلة الانتقالية ) من عام 2004 الى عام 2005 , ثم تم تداول كتابة المسودة ثم اقرار الدستور العراقي عام 2005 , وكانت بصمات الامريكان في اختيار الرئيس ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء وكثير من الامور بما فيها المادة (2) التي ينص على علمانية الدستور كل هذه البصمات كان للامريكان دخل فيها بما فيه النظام الفيدرالي.
3- تمكين الاحزاب الشيعية من الحكم .
فان امريكا بعد ان تمكنت من ان ترسم وتضع وتصمم الدستورالعراقي بطريقة تضمن مصالحها فيه حينها سمحت للاحزاب الشيعة الاسلامية من الحكم الا انها عملت على اضعافهم ومنعت عليهم ان يتمكنوا من بناء الدولة العراقية وشغلتهم بالحروب الاستنزافية للمال والرجال ونسقت مع موسسات الدولة الامنية الجيش والشرطة الاتحادية والشرطة .
4- تضعيف دور الاحزاب الاسلامية الشيعية
والهدف من هذا المخطط حتى لا تتمكن تلك الاحزاب من اقامة دولة قوية وتلك المرحلة تعني تضعيف الدولة وابقاء الحكم فقط بيد الشيعة وهو حكم مجرد وقد عبر السيد حسن نصر الله عن هذه المرحلة بقوله (( ان الامريكان لايريدون بناء الدولة في العراق حتى لايكون للشيعة اي منجز مهم بل عملت على تسقيطهم وخلق الاشكالات لهم)) .
5- توقيع الاتفاقيات
وقعت امريكا مع العراقييين معاهدة امنية عام 2008 ( اتفاقية الاطار
الاستراتيجي ) بموجبها تسمح بقاء القوات الامريكية في العراق .
6- العودة بالارهاب
ادخلت امريكا داعش الى العراق حتى تتمكن امريكا من ايجاد غطاء دولي لارجاع القوات الامريكية الى العراق تحت غطاء الحالف الدولي .
7- مخطط المشروع المدني
عملت امريكاعلى تنمية المشروع المدني في الجنوب والمدن الشيعية وايجاد تيار لاسقاط الاحزاب الاسلامية الشيعية والاسلام السياسي ايضا نشرت امريكا خلايا شيعية منحرفة مثل (( المهدوية والصرخية والمولوية وجند السماء واليمانية والشيرازية وغيرهم ) وجعلت لهم قواعد شعبية في الجنوب وكلهم ضد المرجعية والعملية السياسية وضد الاسلام السياسي وضد ايران , وحركت مدينة البصرة والجنوب كرارا ضد الاسلام السياسي وتمكنت من احراق القنصلية الايرانية وان تهتف في بغداد وعموم العراق( ايران بره بره )) و(( يسقط الاسلام السياسي)).
8- مرحلة تمكين البعثيين
تمكنتامريكا من ادخال البعثيين الى العملية السياسية والغاء قانون (( اجتثاث البعث )) وتحويله الى المسائلة والعدالة .
9- تقسيم الشيعة
فقد تمكنت من ان توجد داخل التيار الشيعي( الاحزاب الشيعية ) مايلي :
- تيار شيعي بعثي بثوب جديد.
- تيار شيعي مدني .
- حولت البعض من القيادات الشيعية والاحزاب الى احزاب علمانية سياسيا او مدنية .
- حاربت الشخصيات والاحزاب الثورية الاسلامية الفتح والدعوة والمجلس واضعفت المالكي وشوهت صورت الاسلام الرسالي السياسي .
- تمكنت من تفكيك البيت الشيعي
◾ ثالثا : اهداف امريكا مع شيعة العراق .
- كما قلنا في المقدمة بان امريكا حينما مكنت الشيعة في العراق ((صوريا وشكليا )) وقيدتهم في الواقع ( من خلال ايجاد الكثير من المشاكل والتحديات لهم ) لمنعهم من ان يقدموا اي انجاز(خدمات وبناء الدولة وترصين الموسسات ) يثبت وجودهم ويبرهن على نجاحهم في العراق حتى لاتنجح تجربة (الاسلام السياسي الشيعي) في العراق وادخلتهم تحت التحديات الخارجية ( حزب البعث , والقاعدة , وداعش ) فضلا عن التحديات الداخلية ( من التدخل الامريكي والخليجي) ثم اقدمت على شل حركة الاعمار, وتحريك الاقلام الماجورة ضدهم ( الحرب الناعمة ) واشاعت الفساد الاداري والمالي .
كل هذا بهدف ان تخلق تيار شيعي ليبرالي موالي لها في العراق يكون نموذج لشيعة المنطقة سيما ان شيعة المنطقة( الخليج والشام ) يتجهون الى التحرك السياسي لنيل حقوقهم السياسية لذا فان امريكا تريد من الشيعة ان يتحركوا في اطار تجربة حكم سياسي موالي لامريكا وتريد ان تجعل النظام السياسي الشيعي الموالي لامريكا والذي تعمل امريكاعلى ايجاده ان يكون هو النموذج المطبق في الخليج والشام, فكماان النموذج السني منقسم الى نموذج سني ثوري واخر عميل (سلفي واخواني ) فالاسلام الشيعي مطلوب منه ان يكون هكذا بان ينقسم الى اسلام ثوري ايراني واسلامي ليبرالي وبفعل مخطط امركي سوف تجعل من المحور الليبرالي الشيعي منافس للخط الشيعي الثوري , فكانت الاهداف الحقيقية هي من المشروع الامريكي بكل مراحله هي :
1- الهدف الاول السيطرة العسكرية , نعم امريكا تمكنت من السيطرة العسكرية والامنية والاقتصادية على العراق كونه المركز المهم للتشيع في العراق ( حوزات ومراجع ومراقد واحزاب اسلامية واغلبية شيعية ) ولهذا تحارب امريكا اي تشكيل يحل بديلا عن سلطتها مثل الحشد الشعبي او اي خط رسالي اسلامي حر او مرتبط بايران .
2- منع ان يكون شيعة العراق جزء من المنظومة الثورية وخط الجمهورية الاسلامية الايرانية ويتم هذا باساليب متعددة من الضغط للدفع بالعديد من الاحزاب والشخصيات الشيعية الى ان تبتعد عن النظام السياسي الثوري الايراني .
3- جعل شيعة العراق وحوزة النجف الاشرف بطبيعة خاصة وظروف سياسية غير متاثرة بايران ولو قهرا ومن خلال الضغوط وتحريك الخط العميل داخل العراق .
4- نشر مفهوم امريكي خطير وهو ان التجربة السياسية في العراق وحوزة النجف مرجعية سياسية ودينية لشيعة المنطقة ( بعد تحويلهم الى مسار الخط الليبرالي) اي جعل النجف مرجعية للتشيع الليبرالي في العراق والمنطقة بدل ان يكون التشيع الثوري الايراني هو مرجعيتهم لان الخط الثوري الايراني خط متصادم مع الخليج وامريكا هذا مايروجون هم الأمريكان له وهذا المفوهم الذي تروج له امريكا وتحاول ان تسوقه من خلال العملاء للتشويش على عقليات الشيعة وقناعاتهم ربما تم تسويقه نوعا ما في أفكار المجتمع ولقي اجواء من البعض.
وبهذا يمكن لامريكا ان تشطر التشيع في العالم الى تشيع ليبرالي غربي مهادن ساكت والى تشيع ثوري او تشيع نجفي وتشيع ايراني ( خط ولاية الفقيه ) حسب زعمهم وسبب الترويج لهذه المفاهيم لان هذا المفهوم هو هدفهم الحقيقي .
◾رابعا : اهم النقاط التي انجزتها امريكا في العراق.
من يتابع بدقة الخطوات التي تقوم بها امريكا الان يجد ان امريكا حققت اغلب اهدافها (( المرحلية والاستراتيجية في العراق )) منذ عام 2003 الى الان فانها
1- اوجدت تيار علمانيا ليبراليا مدنيا داخل الحوزة العملية والمجتمع الشيعي .
2- اوجدت نوع من الشرخ بين الشعب العراقي وبعض الاحزاب الشيعية ( الاسلامي السياسي)
3- اوجدت بعض الاحزاب التي ترفع شعار المدنية
4- عملت على تفكيك البيت الشيعي
5- منعت ان يتمكن الشيعة في العراق من بناء الدولة العراقية, وبعض الاحزاب ايضاتتحمل المسولية الاساس فس الفساد والخمول والترهل والمحاصصة.
6- جعلت الحكومة العراقية تومن باقامة علاقات مهمة مع الخليج والمحور العربي ضمن اتفاقات ومذكرات تفاهم .
7- جعلت عدد كبير من ضباط الموسسات الامنية يسيرون ضمن المنهج الامريكي.
8- تمكنت من استعادة موقعها في العراق عسكريا وهي تقيم قواعد متعددة في العراق .
9- اضعفت امريكا الاحزاب الاسلامية الشيعية كحزب الدعوة والمجلس الاعلى, وهي تتجه الى تضعيف بدر الا ان بدر لديهم مرونة عالية تمكنه ان لايقع تحت تاثيرات الهجوم العاصف .
10- حاصرت الفتح والحشد الشعبي بقرارات صارمة منها (( الامر الديواني)) ومنها الضربات المتكررة من القواعد الامريكية ضد معكسرات الحشد. وربما تنتهي ببعضهم إلي الموقف البارد.
11- ارجعت الكثير من البعثيين الى الحكم وغيرت العديد من السياسات والقرارات لصالح البعثيين وحكومة عادل عبد المهدي عام 2018 الى الان تعمل بنحو مبرمج لارجاع البعثيين .
12- ضغطت على الحكومة العراقية لتمنح مسعود البرزاني الكثير من الصلاحيات والقرارات في العراق وفي الاقليم وفي المجال الاقتصادي وفي الاستيلاء على الاراضي المتنازع عليها وفي تجديد العمل بقانون المادة (140)
13- ضغطت على الحكومة العراقية ان تكون الكثير من الخطوات الاقتصادية تصب في صالح امريكا وعملائها ومنها خط انبوب النفط بين العراق والاردن .
14- ضغطت على الحكومة لاخراج الحشد الشعبي من سهل نينوي وفي الطريق تخرج الكتائب من الصحراء الممتدة بين العراق والسعودية. او تخلق العراقيل بالتدريج
15- جعلت الاقبال على الانتخابات يتراجع ففي عام 2005 , كانت الانتخابات تشهد الاقبال فيها نسبة 70 % , وفي انتخابات عام 2010 تشهد نسبة الاقبال 60 % , وفي عام 2017 تشهد نسبة الاقبال 40% , وربما مستقبلا تشهد نسبة الاقبال اقل وهذا دليل على ان امريكا فككت بين الشعب والاحزاب الاسلامية ,وهذا هو الانقلاب الهادي الابيض والمخملي والبارد الناعم ضد الاسلام السياسي .
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha