دراسات

استراتيجية توظيف الفن في التبليغ المهدوي


محمّد صادق الهاشمي ||

 

م.مركز العراق للدراسات

 

قال تعالى : ﴿وَقُلِ اعمَلوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُم وَرَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ وَسَتُرَدّونَ إِلى عالِمِ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِما كُنتُم تَعمَلونَ﴾ التوبة: ١٠٥

أيّها الأخوة المؤمنون والمنتظرون! نحن أُمّة تمتد حضارتها بامتداد التأريخ،وتتنوّع وتتعمّق وتتعدّد وتتكيّف وتزداد قوّة في كلّ حقبة وعهد،يُضاف إليها فيها شهداء ورجال إبداع ورسل و أنبياء وعلماء وفنون وعطاءات حتى أشرق الإسلام على أُمّتنا فمنح هذه الأمة وجودًا وفنّاً وجمالًا وقِيَماً وقُدُراتٍ كبيرة تشترك فيها كلّ الشعوب الإسلامية.

من هنا تأتي أهمّية الفن والسينما والمسرح وكلّ ألوان العمل الإبداعي في حياة الشعوب عموماً وحياتنا الاجتماعية بنحوٍ خاص، وفي مجال التثقيف والتبليغ والمهدوي تحديدًا؛ لإظهار قدرات المسلمين التي سجّلتها الشعوب من جهادٍ ونضالٍ وشجاعةٍ وعزَّةٍ وكرامةٍ وقِيَمٍ وعطاءٍ وإبداعٍ وثراءٍ روحيّ.

نعم؛إنّ الفن والمسرح والسينما هي لغة العصر في كشف عمق وثقافة الأمم، وهي أهم آليّة لتربية الأجيال وشدّها الى الثوابت؛ لذا نجد أنّ الغرب يرصد المليارات ويبني مُدُناً ويؤمِّن أموالاً ويشيِّد دور السينما والمسرح؛لأنّ هذا الفن عاملٌ مؤثِّرٌ في توجيه الشعوب ومنحها الهوية والثقافة والعقيدة و التحرّر.

وتشير الدراسات إلى أنّ الغرب استعمل آلة الفن المسرحي والسينما والرواية والقصة والمسلسلات لتغيير معتقدات الشعوب،وتلقى ثقافات الانحطاط والعنف والتمرّد على الإنسانية والفطرة،ودونكم الأفلام الأمريكية الإباحية وأُخرى تنشر القتل والعنف والابتذال وتدمير فطرة الإنسان.

أمام هذه الحقيقة تتضح أهمية دعم وتفعيل الإعلام والفن المسرحي والسينما والفن الشعري والنثري والقصة بأنواعها(القصيرة والقصة القصيرة جدا) والرواية والحكايا وباقي الفنون النثرية والتي تمكّننا من مواجهة الغزو الفكري الغربي والعولمة القائمة على مسخ العقل والشخصية الإسلامية .

وقد بذلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية جهوداً كريمة في هذا المجال لإعادة إحياء التراث المشترك بين الشعوب الإسلامية والإنسانية،فكانت السينما الإيرانية تجسِّد الحفاظ على الأخلاق والتراث الإسلامي والقيم وثقافة المسلمين وليس أدلّ على ذلك مسلسل مريم العذراء، ومسلسل قصة النبي يوسف وثم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) ثمّ مسلسل قصة المختار الثقفي،و عشرات الأفلام والمسلسلات التي تعتبر مادة للثقافة المشتركة في عالمنا.

أيُّها الأخوة والأخوات! إنّ السينما والمسرح ومختلف الفنون تعتمد - كما تعلمون - على عناصر الإبداع والدعم والمادي والمال والخبرات والتكنولوجيا والتقنيات وغيرها من الأدوات،وهي تتوفّر إن وُجدت هنالك نية خالصة لله تعالى في العمل؛إذ لدينا أكثر ممّا لدى الغرب الذي يوجّه فنّه لتدميرنا بحربٍ لا هوادةَ فيها،فنحن في عالمنا وأرضنا وتأريخنا الحضارات والأنبياء والرسل والكتب السماوية والأبطال والمجاهدين والشهداء والعلماء والحوزات والثورات والأدب والأُدباء وقصص الخلود وملحمة الحسين(عليه السلام) ومواقف الجهاد ضد الاستكبار والاحتلال،هذه مواضيع الاشتراك في إيران والعراق والعالم الإسلامي والعربي وما علينا إلّا أن نوحّد الجهود ونفعل الطاقات لإيجاد نهضة فنية عالية ترقى الى مستوى تأريخنا وتؤمِّن لأجيالنا الوجود والكرامة والاتصال بثقافة الإسلام.

نود أن نشير بكلِّ إنصاف أمام هذا الإدراك الذي قدّمناه لكم،فقد أولت الجمهورية الإسلامية الإيرانية كلّ الاهتمام بهذا الفن مع كلّ التحديات والحصار والحروب لتنهض بمهمة الدفاع عن التأريخ الإسلامي والإنساني والشرقي ومن خلاكم -  إن شاء الله تعالى - تترسّخ الصِلات وتتبادل الخبرات وتتلاقح  التجارب لأعمال مشتركة تعمِّق الأخوة وترسم مستقبلًا زاهرًا لأجيالنا، ولقد رأيتم أنّ الكثير؛ بل أغلب الأعمال السينمائية الإيرانية تعتمد وتراعي وتثبت الثقافة المشتركة بين شعوب المنطقة لتكون أعمالها عاكس لكل الشعوب وباسمها،علماً أنّ إيران مع ظروفها المالية ترصد الملايين من الدولارات لهذا الفن لأنّها تدرك أنّه أحد أدوات الحرب وأهم آليات البناء والتواصل الثقافي ومقدمة للتبليغ الرسالي والانساني

من هنا وبعد أن عرفنا أنّ الفن هو أهم وسيلة للتواصل الإنساني ونشر ثقافة التمهيد،نوصي وندعو كلّ الخيّرين والمؤمنين المنتظرين والفنانين العمل لوضع استراتيجية لاستخدام الفنون للتمهيد المهدويّ مستنبطة من الشريعة الإسلامية،وإعداد برنامجٍ لتحصين الأمة ثقافيًا من الاستلاب الثقافي والغزو المعادي للهوية الإسلامية والتعريف بالإمام المهدي وبمعالم دولته العادلة المرتقبة وتجسيد شعار ( عداوة الظلم وبغض الظالمين ونشر العدالة) من خلال الفنون المختلفة خصوصاً الدراما ومن الله التوفيق.

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك