ملخص ملتقى براثا الفكري - الحزبية في عالم الانتظار
* موضوعنا اليوم يتعلق بحبس الولاءات بمعزل عن الحق و الباطل، باتجاه جهةٍ سواء اكانت اجتماعية او عشائرية او مناطقية او اسرية، هذا الذي يسمى في جزء من الروايات بالبطانة او الوليجة، حبس الولاء وتخصيص الولاء لبطانةٍ خاصة من دون الرجوع الى موازين الحق و الباطل ومن دون اعتماد المعايير الاخلاقية التي نص عليها ائمتنا ص، وهي حالة رائجة في مجتمعاتنا ولربما في كل يوم نجد استفحالاً في هذه القضايا واستشراءً في داخل نفسية الناس يتحزبون وفق منطق كل حزبٍ بما لديهم فرحون، والحديث هنا ليس عن الفرح الناجم عن انتصار الحق وانما الحديث عن الفرح بمعزل إن كان قد تسبب للمؤمنين باذى او قد اصاب من بنية الحق او المعروف باذى او مقتلاً حتى، لاشك ان روايات اهل البيت ص لا يمكن ان تقبل بحالة من هذا القبيل لانه عندئذ لا معنى للحديث عن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا معنى للحديث عن التفريق بين الحق و الباطل بل لا معنى حتى للحديث عن الاخلاص في العبادة، لان الانتصار لزيد من الناس لانه ينتمي لهذه المجموعة او العشيرة او الحزب او المنطقة بمعزل عن مواقفه انما يكون بعداً عن طاعة الله سبحانه و تعالى.
* عليه لا يمكن لنا ان نتصور الانتظار يتلائم مع وجود النفسية المتحزبة في داخل الانسان المؤمن، الانتظار الذي يعني تاهيل النفوس لتقبّل العدل والعمل بالمعروف كما عرَّفه ائمتنا ص والانتظار الذي يعني تاهيل النفس لازهاق الباطل واحقاق الحق لا يمكن باي شكل من الاشكال ان يوجِد نفساً متحزبة بعيداً عن معايير الحق و الباطل و المعروف والمنكر، عندئذ سنجد ان هذه الحالة مرفوضة تماماً، ولكن ان تُرفض الاشياء شيء وان تمحى من النفوس شيء اخر وان نقبل بالاشياء فكرياً امر ولكن ان نعمل على تطبيق ما نقبل به امر اخر ، وحسب هذا التفريق نجد قول الله سبحانه و تعالى" لِمَ تقولون ما لا تفعلون " إذ ان القول يفترض القبول و لكن الفعل امر اخر، ويُعتقد ان واحدة من اكبر المطبات امام المنتظرين هي افساح المجال للنفس ان توالي بلا إعمالٍ للحق فيما توالي وللباطل فيما تتجنبه.
* توجد في الساحة واجهات وقيادات ورموز وزعماء كثر، والولاء لهؤلاء إن لم يكن بضابطة محددة من الناحية الشرعية عندئذ سيكون امامنا مشكلة حقيقية هي شرعية الاعمال وخواتيمنا وما نذهب اليه، ولو تحدثنا عن ساحه الانتظار القريب عندئذ نحن ملزمون ان نرى انفسنا امام مخاطر متعددة للبعد عن طريق الحق بسبب هذا الزعيم او ذاك، تذكر الروايات انماط متعددة من البلاءات في بعضها سوف يطاح بكل بطانةٍ ووليجة، وحديث البطانة متواتر و مشهور بين المؤمنين ولكن كم منا من يعطي من نفسه لكي يدرس ولائجه وبطانته إن كانت تنسجم مع عقيدة الانتظار وعمل المنتظرين او لا تنسجم؟ وهل ان الانسان في حال الانتظار لو اكتشف منكراً في بطانته او ولائجه هل سيامر بالمعروف و ينهى عن المنكر في داخل هذه البطانة ام انه سيتسامح ويسكت؟ من الواضح جداً ان كل واحد منا لو راى منكراً عند من لا يحب سوف يعظِّم النكير على هولاء ، ولكن ماذا لو راينا المنكر في داخل من نحب او في دواخلنا؟ هل سوف ننكر على انفسنا او من هم من جماعتنا بنفس النكير الذي سننكره على الاخرين ؟.
* حديثنا عن المؤمن و دواخله القلبية وكيف يتحكم بها لكي يبقيها في دائرة الانتظار و كيف يتعامل مع الجماعة التي ينتمي اليها ، القاعدة الاساسية اننا نريد ان نحمل الناس على العدل وما قبلها نريد ان نؤهل انفسنا للدفاع عن العدل ، و العدل لا يعني الغضب على الغير دون الغضب على النفس في حالة فعلها لنفس الفعل ، حيث يفترض ان يكون الحكم على الفعل، فاذا كانت هذه الممارسة عند قوم محكومة بالسوء فمن الطبيعي ستكون اسوأ لو كانت عندي ، ولكن ماذا لو ان هذا السوء فعله من ينتمي الى نفس الذي انتمي اليه ، هل ستتحكم بنا العقلية العصبية او العشائرية او المناطقية او الحزبية ؟ ام نحن منتظرون والانتظار لا يحابي احداً ، المنتظِر في قبال الحق والمعروف لا يمكن له ان يحابي احداً الا اذا كان قد خرج من دائرة الانتظار ومن دائرة الطاعة للامام ص، يلاحظ ان الساحة اليوم تتحدث بوجود فساد، فلا معنى لأن نخرج ونقول بان الفاسد ياتي من الجماعة الفلانية ولا ياتي من الجماعات الاخرى لاننا لا نتحدث هنا عن المعصومين ولا عن بيئة مثالية ، في خطوط الشيعة هناك متدينون وهناك فاسدون، فلا يمكن ان نقول على الجميع من هذا الطرف انهم من اهل الدين والصلاح وان الفئة الاخرى لا يمكن ان ياتي منها معروف ، لذلك يجب النزوع الى دواخلنا وذواتنا و الى اوضاعنا العميقة في داخل انفسنا من اجل ان نتيقن من اننا حينما نتعامل في ساحة الانتظار لا تميل انفسنا بناءً على معايير لا علاقة لها بالامام ص، لاننا لو تسامحنا في هذه القضية قد تكون هناك في المستقبل بعض المصالح التي يمكن ان تقف مباشرة ضد الامام ص، ومن يضمن حسن العاقبه حينها لان بوابتها ستكون عند ذلك ضيقة جدا.
* لذلك يجب مراقبة انفسنا في داخل اي حدث يثير ضجيج في الساحة ، وكيف تكون نوازعنا النفسية وكيف تميل وهل مالت بسبب حب احدهم ولا يهم من بعد هذا الحب الاضرار بالاخرين او الاعتداء عليهم؟ لاشك ان كل واحد منا مر بذلك والمهم هنا ان نراقب مواقفنا في تلك اللحظة وميولنا اين كانت، هؤلاء الذين سيقولون للامام ص ارجع يابن فاطمة مشكلتهم في ان البوصلة لديهم قد تغيرت مع الايام وهم لا ينتبهون ولكن في الساعة الحاسمة وجدوا ان مصالحهم تكمن في هذه الكلمة ارجع يابن فاطمة ، حيث ان التمسك بمصالح يؤدي الى التعرض لضغوط معينة والذي يمسك بمصالح مثل المال والجاه او زعامة حزب او سعة باي نوع من الانواع ليس كمن ليس لديه هذه المصالح ، لذلك الاشخاص الذين يترأسون والذين نتحزب لهم يُفترض ان لديهم معايير حيث اننا أُمِرنا ان نتحزب لمن سالم اهل البيت ص ، في الصراعات الحزبية لو التزموا بهذه الضابطة " سلم لمن سالمكم " لن تبقى هذه الصراعات والتشهير والتسقيط ولن يكون هناك جيوش الكترونية مهيئة لهذا ولذاك ، لا شك انها كلها محرمة ، لذلك يجب تجنب الحب المطلق وتقديس من لاعصمة له ، كان شيهد المحراب رض كثيراً ما يؤكد على ان طريق امة حزب الله القرانية ان لا تتحزب كيفما اتفق ولا تتحزب الا للحق وهي متحزبة ضد الباطل حتماً من اي جهةٍ جائت هذا هو الفهم السليم والقويم للامور .
https://telegram.me/buratha